تتحمل الأسرة البحرينية اليوم مسؤولية تربية أبنائها بشكل تام وأساسي، فاحتضان الطفل من بداياته هو الحل لكل المشكلات المحتملة للمستقبل، فمع تطور وسائل الإعلام العالمية وتقنيات التكنولوجيا الحديثة باتت مسألة التربية من أصعب الأمور التي يمكن أن تواجه الأسرة البحرينية والعربية، بل نستطيع أن نجزم أن دور الأبوين الغائبين تماماً عن المسؤولية التربوية قد أتاح لمنظومة التواصل الاجتماعي أن تقوم بدور المغذي الفكري والروحي للأبناء الصغار بشكل مخيف جداً، ولهذا فإن التربية الحديثة تعتبر من أصعب القضايا المعقدة التي تواجه الأسرة على الإطلاق.كانت مخاطر التربية الخاطئة من قبل مقتصرة على أن يكون الطفل فوضوياً ومشاغباً سواء كان في المدرسة أو الحارة الصغيرة فقط، لكن ومع تطور أدوات العصر فإن المخاوف من هذه التربية المعاصرة هو قابلية الطفل على الانخراط في جماعات ومجاميع إرهابية متطرفة وشرسة أو انقياده للمافيات التي تدير شبكات الجريمة المنظمة والمخدرات عبر العالم.ما شاهدناه خلال الحقبة الماضية هو انخراط مجموعة كبيرة من شبابنا في صفوف بعض المنظمات الإرهابية بالمجان أو لأجل عناق الحور العين المختزلة في أذهان المحرضين فقط أو من أجل المال، لكن المحصلة والنتيجة ستظل واحدة وهي خسارتنا لهؤلاء الفتية الذين كان يفترض بهم أن يكونوا على مقاعد الدراسة أو يتسنمون رأس أعلى المناصب القيادية الشبابية في البلاد لكنهم اختاروا الطريق الخطأ بسبب التربية الخطأ.في الوقت الذي نشاهد فيه كوكبة من شبابنا البحريني يحضرون مهرجاناتنا الثقافية والموسيقية والفكرية ويساهمون في إبراز اسم الوطن عالياً، ومن جهة أخرى يكملون مشوار دراستهم العليا ليلتحقوا بركب الكبار، نجد في المقابل بعض فتياننا يتسربون لدول تعيش صراعات ساخنة يقضون فيها زهرة شبابهم في معارك مجهولة المصير، بينما كان من الأحرى بأسرهم أن يوجهوهم جهة العلم والمعرفة والعمل المشرف لهم ولوطنهم.لماذا تبخل الأم ومعها الأب وبقية الأسرة ولو بالقليل من وقتهم كي يتفرغوا قليلاً لتربية صغارهم بدل أن يتركوهم في يد محرضٍ أهوجٍ أو يتركوهم هكذا يسيحون بين عوالم افتراضية خطيرة تغسل أدمغتهم وتشحنهم بالأفكار السلبية والمنحرفة والمتطرفة؟ لماذا لا تراقب الأسرة البحرينية صغارها بدل اختيارها طريق الكسل التربوي لتقذفهم في أحضان شيخ متطرف أو داعية متعصب أو لص محترف ليقوم هؤلاء الوحوش البشرية نيابة عن الأسرة الكسولة بتربية صغارهم على مفاهيم خطيرة كمفاهيم الكراهية والموت وكرههم للحياة واحتقار الآخر؟ أيها الأحبة انتبهوا جيداً لأطفالكم فلا تسلموهم لأية جهة لا تعلمون عنها ما يكفي من المعلومات الدقيقة تفادياً من اختطافهم لجهات إرهابية أو لجبهات ساخنة أو تطويعهم لإرادات منحرفة، فبعد ضياعهم لن ينفعكم الندم حين تفقدون فلذات أكبادكم موتى في مشاريع ظلامية تدار باقتدار من جهات دولية تعرفونها حق المعرفة.