التحليل الذي نشرته صحيفة «واشنطن بوست» الأمريكية والمعني بضرورة أن يعمل الرئيس الأمريكي الجديد المنتخب دونالد ترامب على بناء علاقة قوية مع البحرين، وتحديداً مع حضرة صاحب الجلالة الملك حمد حفظه الله، جاء كما «الصاعقة» التي تسقط على رأس الانقلابيين والكائدين لبلادنا.
ما قالته الصحيفة عن ملكنا أمر نعرفه تماماً كبحرينيين، بل نحن نعرف أكثر مما يعرفون عن بوسلمان حفظه الله، وبإمكاننا أن نزيدكم بصفحات لا تنتهي عن قائد بلادنا الذي أقدم على خطوات شجاعة غير مسبوقة لا يضاهيه فيها – بلا مبالغة – أي قائد في دولة أجنبية حتى تدعي احترامها لحقوق الإنسان وللممارسة الديمقراطية.
وقع ما نشر في الصحيفة الأمريكية واسعة الانتشار، والمقروءة بقوة من قبل صناع السياسة في الولايات المتحدة، ولساكني «البيت الأبيض» تحديداً، يأتي ليجعل من مازالوا «يحيكون» المكائد للبحرين، يدركون بأن «خريف العلاقات» مع الإدارة الأمريكية القديمة بدأ، وسينتهي إلى نقطة ينتهون هم معها، وتنتهي آمالهم التي يعولون فيها على ما تقوم به هذه الإدارة السيئة عبر صناع سياستها وسفرائها في الخارج من محاولات تدخل في شؤون الدول، ومن ممارسات لمنح صناع الفوضى وممارسي الإرهاب أنواعاً من الدعم لمناهضة القوانين والأنظمة الحاكمة.
علاقة الغوغاء والفوضويين والموالين لإيران مع إدارة ترامب الجديدة لن تكون كما كانت عليه في عهد أوباما وهيلاري كلينتون، هذا أمر مفروغ منه، بالنظر لسياسة الإدارة الجديدة بالأخص مع إيران، وثانياً بما يتعلق برؤيتها الاقتصادية وعلاقتها مع الشركاء الفاعلين.
ترامب كرجل اقتصادي محنك، يعرف تماماً بأن أسوأ أنواع الصفقات تلك التي تتم مع أطراف فيها «الخبث» متأصل، وفيها «الكذب» مترسخ، ولا يمكنه التعامل معهم بـ»ثقة»، وعليه فإن تعويله على طوابير خامسة وخونة ومن باع أرضه ولا يملك ولاء لها، أمر يصعب الحدوث، لأنه من يبيع وطنه يبيعك كمتحالف معه بسهولة، فقط لو تغيرت بوصلة المصالح.
لذلك مقال «واشنطن بوست»، يأتي وكأنه استشارة صريحة لترامب بشأن الحليف «الأنظف» له، وبشأن الحليف «الأهل للثقة»، والحليف «الصادق»، الذي يمكن بناء علاقات نظيفة نزيهة معه، منها يتم تحقيق الاستفادة الثنائية للولايات المتحدة الأمريكية والدولة المعنية.
لذلك كان اسم الملك حمد متصدراً لهذا الموضوع، فالبحرين كدولة تسير بنهج المشروع الإصلاحي لقائدها جلالة الملك، عرفت العالم على نفسها دوماً، بأنها الدولة صاحبة الوضوح في التعامل، والدولة الصديقة التي لا تبادل أحداً العداء، والدولة التي تتعامل مع جميع الأطراف من منطلقات محبة وتعاون وصفاء نوايا، البحرين كدولة لم تسيء لأحد يوماً، ولم تزعزع علاقاتها بأحد، حتى جارة السوء إيران التي يطالنا منها الأذى، لم تكن البحرين ولا في مرة المبادرة باتخاذ إجراءات تفضي للعداوة، بل كان الخطاب البحريني دائماً يحث جارة السوء على الالتزام بالجيرة وإثبات حسن النوايا، والكف عن التدخل في الشأن البحريني، ووقف الدعم الصريح الواضح والمفضوح لمسببي الفوضى والانقلابيين عبر تهريب الأسلحة لهم، أو تسخير الماكينة الإعلامية الخامنئية لدعمهم.
البحرين كدولة، من أفضل الدول التي يمكن التحالف معها، ليست بلادنا ذات نوايا خبيثة، وليست بلادنا كبعض الدول التي تلعب السياسة بـ «ازدواجية»، وبحسب ما تقتضيه مصلحتها، البحرين لديها قيم وثوابت لا تحيد عنها، ولديها مبادئ ومواقف لا تتغير بشأن كثير من القضايا، هي تعامل الصديق بأفضل معاملة، وتتعامل مع العدو بأسلوب الداعي له بالهداية بأمل تصليح العلاقات، في مصالحها مع الأطراف الدولية هي ترى في الصداقة والتسامح باباً واسعاً لتعزيز العلاقات.
كل هذه الأمور ترجمها الملك حمد في سياسته الخارجية، كلها قدمها بنفسه كقائد يرسم لشعبه النموذج الصحيح في العلاقات، ويرسم لبلاده خارطة طريق صحيحة للتعامل مع المجتمع الدولي.
بالتالي ما قالته الصحيفة كنصيحة للرئيس ترامب بشأن البحرين وبشأن التعامل السريع والمباشر مع جلالة الملك حمد، مسألة مبنية على واقع، وعلى المعطيات بشأن تركيبة البحرين وسياستها وطريقة إدارتها من قبل الملك، والأهم رؤية هذا الملك.
وعليه فإن المستفيد في البداية والنهاية هو الرئيس ترامب نفسه، وليست البحرين، فبلادنا تعرف طرق التعامل الصحيحة، وملكنا يعرف جيداً الأساليب الذكية في الإدارة، هو ملك لبلد شعاره التسامح والتصالح والتقارب وبناء المستقبل، يده مفتوحة للصديق النظيف والنزيه، الذي يتعامل معنا بوضوح وبشكل مباشر.
ترامب يتوقع منه أن يصحح كثيراً من أساليب التعامل «الملتوية» التي كانت تقوم به الإدارات السابقة، وإن كان من يعيب عليه كونه رجل أعمال، فالقول هنا إن الواقع يبين أنه رجل أعمال ناجح، ورجل الأعمال الناجح لا يدير أعماله بأساليب ملتوية غير نظيفة مثلما يفعل «اللصوص» و»قطاع الطرق»، بل يديرها بذكاء وبأسلوب «الربح» الذي يعود عليه وعلى من يتعامل معه.