حتى اليوم، لايزال الحديث قائماً عن تداعيات نتائج الانتخابات الأمريكية، فقد حصدت المرشحة الديمقراطية الخاسرة في الانتخابات هيلاري كلينتون، بحسب إحصائيات بثتها قناة «سي إن إن» الأمريكية، نحو مليوني صوت، أكثر من الرئيس الأمريكي المنتخب دونالد ترامب. وهذه ليست أول مرة يخسر فيها من يحصد العدد الأكبر من الأصوات، وقد حدث ذلك أربع مرات سابقة في تاريخ الولايات المتحدة الأمريكية، كان آخرها قبل هذه الانتخابات، خلال الانتخابات التي جمعت المرشح الديمقراطي آل غور والمرشح الجمهوري جورج بوش الابن في عام 2000. ويعود ذلك إلى نظام الانتخاب الأكثري الذي تعتمده أمريكا. فهذا النظام يعطي لكل ولاية عدداً معيناً من المندوبين والفائز بالعدد الأكبر في ولاية معينة يحصد كل الأصوات المخصصة لتلك الولاية. وهنا يتم الحديث عن كون تلك الانتخابات ليست ديمقراطية بالقدر الكافي، فعبارة ديمقراطية مؤلفة من كلمتين يونانيتين، هما «ديموس» و»كراتوس»، أي الشعب وحكم، فالديمقراطية هي حكم الشعب، ولكن أحياناً ينتج عن هذا النظام الأكثري رئيس لا يجسد إرادة الشعب. وهذا ما آل إليه الحال مع انتخاب ترامب رئيساً لأمريكا، وهو لم يحصل على أكثرية أصوات الناخبين الأمريكيين. ويؤثر هذا النظام على السياسة العامة، فهو يعطي الأهمية الأكثر للولايات البنفسجية أو المتأرجحة بين الديمقراطيين والجمهوريين، ولذلك يتسابق المرشحون على «خطب ود» الجماعات في تلك الولايات والوعود خلال الحملات الانتخابية تترجم بامتيازات خلال فترة الحكم، والولايات المتأرجحة هي كولورادو وفلوريدا وايوا وميشيغان ونيفادا ونيوهامشير ونورث كارولينا واوهايو وبنسلفانيا وفرجينيا وويسكونسون.
ومن اللافت للنظر أن نظام الأكثرية ليس مكرساً في الدستور الأمريكي ولم يتم اعتماده في الولايات المتحدة حتى عام 1880 ولذلك فيمكن تغييره. وبحسب صحيفة «الإندبندنت» البريطانية، فهذا النظام عمل به حين كانت الولايات المتحدة تضم 2.5 مواطن وكانت مؤلفة من 13 ولاية وكان حق الانتخاب حصراً للرجال البيض البروتستانت من ملاك الأراضي. ومن جهة أخرى، فهذا النظام مقبول من معظم الشعب الأمريكي وقد أدى خلال الـ200 عام الماضية إلى الانتقال السلمي للسلطة. ولكن اليوم مع انتخاب ترامب اندلعت مظاهرات في عدة مدن احتجاجاً على انتخابه، وهذا لم يكن عليه الحال من قبل لأن عادة ما يسلم الشعب بنتائج الانتخابات ويقبل بالرئيس الفائز بالاقتراع. ولكن اليوم ومن خلال انتخاب رئيس غير كفؤ وعنصري هل سيجعل ذلك الأمر الشعب الأمريكي يعيد التفكير بديمقراطية الانتخابات التي أتت برئيس مثل ترامب؟