نداء إلى كافة ممثلي منظمات المجتمع المدني.. ترصدوا الشباب، ضعوا أياديكم الحانية على أكتافهم.. خذوهم معكم في جولة تنهض بذواتهم وتنهض بأوطانهم! ألا تعلمون أن الفراغ والروتين.. قد يكون سلاحاً قاتلاً في وجه الطموح والأمل والنجاح!
فقد تكون زهرة الشباب بحاجة إلى من يرويها حباً وطمأنينة لتنمو بكل زهاء، وقد تموت إذا انتظرت طويلاً.. وغاب راويها جهلاً وليس عمداً! هناك طاقات كامنة تحتاج إلى من يسمع لها ويدعمها بتقديم الفرص لها، وليس فقط تقديم الشكر والتهنئة!
لا تتركوهم.. هناك فراغ يؤدي إلى الرذيلة، وهناك منظمات وشياطين الأنس تترصد الشباب من أجل ساعة.. للقضاء عليهم وجعلهم ضحية للإدمان والرذيلة والتشتت، بما ينعكس سلباً على تغيير مفاهيم المبادئ والتقاليد والقيم الأصلية التي تنبع من مجتمعنا البحريني الأصيل.
كنت مع زوجي العزيز نحتسي القهوة.. وإذا بفتاتين تنزلان من سيارتهما متجهتين إلى المحل المقابل.. لا أدري.. وكأن الحياة العملية توقفت خلال دقائق بمرور تلك الفتاتين.. طريقة مشيتهما وطريقة لبسهما المكشوف تحت العباءة الطائرة في الهواء.. طريقة تسريحتهما ومكياجهما المبتذل.. توقف كل العمال عن العمل.. وتوقفت كل السيارات المارة في وسط الشارع فقط للنظر إليهما.. وتجمع الشباب لإلقاء كلمات الغزل، واحداً تلو الآخر.. وتوقف الجميع عن الكلام بالرغم من ضجيج الحياة في ذلك الشارع.. فعلاً.. وكأن الحياة العملية توقفت لدقائق إلى أن دخلت تلك الفتاتين المحل.. ثم عادت الحياة لمجاريها.. فاستأنف العمال أعمال الحفر والصيانة، وقام العمال الآخرون بتسليم الطلبات لقائدي السيارات، ومنهم من جمع «الخردة» التي سقطت قبل تسليمها لصاحب الطلب! وتحركت السيارات! وتبقى بالطبع بعض الشباب الذين التصقوا بالمحل انتظاراً لخروج تلك الفتاتين منه.
بناء على هذا المشهد، هل من الممكن القول بأن تلك الفتاتين هما من ضحايا العولمة أم من ضحايا الحرية؟ برأيي، لا أريد أن أقول إنهما ضحايا العولمة، فأمريكا نفسها تقول إنها تعاني من آثار العولمة، وكأن العولمة شبح لا ندري إلى أين ينتمي؟ وعليه، لا أريد إلقاء اللوم على موضوعات لمصطلحاتها الكبيرة فقط! بل أريد أن أبين أن تلك الفتاتين هما من ضحايا الحرية! بلا شك أنه في طور الانفتاح التكنولوجي الباهر لا يوجد من لا يقرأ.. بل كلهم يقرؤون.. لكن ليست القراءة الوافية.. بل قراءة العناوين العريضة.. كلفظ الحرية والحقوق بشكل عام.. وبالتالي بناء مواقف عليها صاعقة للكيان المجتمعي الأصيل لنصل في النهاية إلى أجوبة، «كيفي»، «أنا حرة»!
من خلال بحثي مؤخراً، تبين لي وجود مؤتمر تبنى موضوعاً مقززاً يتعلق بالدفاع عن حقوق المثليين، تنظمه جامعة عريقة في العالم. هذا ليس معناه انه إذا خرجت توصيات «جميلة» لهم، للغرب بالطبع.. أن نجد مجموعة تنتهك أصول الكرامة الإنسانية تطالب بتنفيذها في مجتمعنا المتحفظ الأصيل!
وفي هذا المحفل، أريد أن أشكر كل منظمات المجتمع المدني السياسية البناءة منها، والحقوقية، والاقتصادية والاجتماعية والثقافية، والمتخصصة بالطفل، والمرأة، والبيئة، والأشخاص ذوي الإعاقة على جهودهم الحثيثة من أجل دعم الشباب وتوجيههم بما فيه خير لهم وخير للوطن، كما أود أن أخص بالشكر «تجمع الوحدة الوطنية» الذي لطالما مسؤوليه وأعضاءه قاموا ومازالوا بدعم الشباب وتعزيز آمالهم ومساندتهم بكل خطوة وبكل مجال وبكل محفل من خلال غرس الأمل والطموح والتشجيع والثقة فيهم، كما أشكر أيضاً أعضاء فريق العطاء التطوعي، الذين اعتبرهم ملائكة العمل الإنساني في الوطن، والذين يبذلون العطاء المستدام - ومن خلال الشباب - ضمن منظومة إنسانية متكاملة سريعة.
نعم هذا هو المجتمع البحريني الأصيل.. ذو النسيج المتكامل.. والذي تعمل فيه منظماته يداً بيد من أجل نهضة البحرين ولأجل البحرين.