ليس من شيء أغلى من الوطن وليس هناك أعز وأشرف من وطني، فالوطن ليس فندقاً يسكنه البشر، وهو ليس أنشودة نتعلمها في طابور الصباح، كما أنه ليس المكان العابر في حياتنا وذاكرتنا، فلا قيمة للحياة إلا بالوطن حيث إنه الملاذ الآمن عند اشتداد المحن.. هكذا هي البحرين.
عندما يأتي ذكر وطني تتجمع كل العواطف وتزدحم على بوابة فمنا كل المعاني الجميلة والفخمة لتعبر عن مدى عشقنا للبحرين، فوطن النخيل والعيون والرمال الصفراء والبحر الساكن بين ضلوع الخليج هو الوطن الذي له طعم الحب ولون السعادة، فالبحرين ليست كأي جزيرة نائية تقبع بين محيطات العالم، فهي جزيرة المجد الذي لا يأتي إلا مرة واحدة، وهي الجزيرة التي تعاقبت على سكناها كل الحضارات لما لها من شأنٍ رفيع بين بقية جزر الدنيا، فالبحرين ذاكرة ممتدة لأربعة آلاف عام أو يزيد، ولهذا فإن تراب هذا الوطن يعتبر كتاب تاريخ لا يباع في مكتبات العالم، ولأن التاريخ لا يتكرر فإن البحرين لن تتكرر أيضاً، لأنها تتمتع بإنسانها المميز وموقعها المميز ومكانتها المميزة، ولهذا كانت عبر التاريخ ومازالت مطمعاً للأجنبي، لكن لا يمكن أن نتخيل يوماً أن ترحل منا أو نرحل عنها، فالبحرين في الخاصرة والذاكرة لحن مجدٍ لا يموت. في يوم البحرين لا يمكن إلا أن نشبع كلامنا عاطفة مشحونة بالحب والسلام، لأننا في وطن لا يعرف الكراهية ولا يجيد سوى لغة العشق. في يوم البحرين لن نبكي ولن نتألم لأننا نذوب عشقاً في هذه الجزيرة التي كان أجدادنا يركبون سفنهم الشراعية عند سواحلها الساحرة، لأجل اللؤلؤ والمرجان، ويحرثون الأرض لزراعة النخلة التي لا تموت إلا وهي واقفة، ويبنون بيوتهم من سعفاتها الجميلة، فكانت البحرين ومازالت في قلوبنا وأبصارنا، جنة الله في الأرض وركن المحبة الأول، ولهذا فإن كلماتنا العاطفية لا تتسع للبحرين، بل ربما لا تتسع حتى لنخيله الباسقات، فالحب في يوم هذا الوطن يتغشاه الحنين إلى أبعد مداه ولن نستطيع أن نوفيه حقه مهما أوردنا في نسج كلامنا أسمى المعاني، سواء كانت في ثوب نثر أو شعر أو هذيان، فالبحرين عصية على الفهم كما هي عصية على الحب، لأنها وطني ووطن الإنسان البحريني الذي يريد أن يكون المميز بين أفراد المجتمعات الأخرى. هنيئاً لكل بحريني في يومه وهنيئاً له بوطن لن يتكرر.