لا أتذكر يوماً أن صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن حمد آل خليفة، ولي عهد البحرين، نائب القائد الأعلى، والنائب الأول لرئيس مجلس الوزراء، اعتمد في خطاباته وتصريحاته على كلمات مكتوبة ومعدة سلفاً، رغم أن بعض المحافل تستدعي ذلك، لكننا نعرف تماماً كيف أن هذا الرجل «الملهم» لا يحتاج لأن يعد لأي موقف يتحدث فيه.
أقول ذلك تعقيباً على مقابلة قناة «العربية» قبل أيام مع الأمير سلمان، وكإعلامي تلفت انتباهي هذه الأمور، تلك المعنية بـ«سرعة البديهة» و«الرد الذكي».. بل تفوقها مسألة «الشفافية» في الرد.
كنت أتابع المقابلة ونقاش يدور حولي، ومن ضمن ما قيل أن «الأمير سلمان يتكلم مثلنا، بلهجتنا وبعفويتنا البحرينية»، فأجبت «وكيف لا يكون ذلك»، فرجل ذكي مثله هو يمثل أصلاً لسان البحرين وشبابها وطموحها، لا يحتاج أن يغير نفسه، ولا أن يقبل بـ«البروتوكولات» أن تطغى على أدائه.
بالتالي كانت ردود الأمير سلمان وإجاباته سريعة وتلقائية وواضحة وشفافة، لم يحتج حتى لثوانٍ ليرتب كلامه، ولا للتروي ليجيب بصراحة، فهو أصلاً -الأمير سلمان- عودنا على «الحديث المباشر» عما يفكر فيه ويؤمن به، بالتالي هو يقدم نفسه بطبيعتها كرجل «تلقائي» وقائد «ديناميكي»، يعجبك كلامه لأنه «واقعي»، وهي الصفة التي أكد عليها هو بنفسه حينما حاوره الزميل تركي الدخيل.
إجابات الأمير سلمان على الأسئلة الموجهة له، فيها مضامين عديدة لملفات مهمة معنية بمجلس التعاون الخليجي، والوضع الاقتصادي، وطموحات التحول لمرحلة الاتحاد، إضافة للعلاقات الخارجية، لكن ما أفتخر به كبحريني يمثل له الأمير سلمان «نموذجاً فريداً» للقائد الشاب صاحب الطموحات الكبيرة لكن «الواقعية»، أفتخر بطريقته وأسلوبه وفكره المتقدم، وبشفافيته وصراحته وحسن تعامله في مواجهة الإعلام.
تعودنا من السياسيين أنهم يطالعونك بوجه رسمي بحت في المقابلات، وكثير منها يصعب أن تتم بشكل مباشر وأمام جمهور، لكن مع رجل شهدنا له مواقف مماثلة وفي محافل أكبر مثل «دافوس» وغيرها، نعرف تماماً أن الأمير سلمان في مثل هذه المواقف «يتجلى» و«يبدع»، وسينتهي بك المطاف معجباً ومنبهراً بكلامه والنسبة العالية من الشفافية والتلقائية والمواجهة الواقعية.
هذه المقابلة بالتحديد تجعل كثيراً من الذين لا يعرفون كثيراً من التفاصيل عن الأمير سلمان الرجل الذي يعمل بهدوء وثقة، يعمل بعيداً عن الزخم الإعلامي، تجعل كثيرين يتعرفون أكثر على تركيبة ولي العهد، ويقتربون أكثر من فكره، وشخصياً لا أخفي إعجابي بواقعيته وصراحته التي تجعلك ترفع القبعة له احتراماً، بل تفرض عليك التعبير عن فخرك بهكذا قيادي تعول عليه البحرين في رسم مستقبلها الكثير.
ما تطرق له الأمير في المقابلة بشأن مجلس التعاون الخليجي أمر بالغ الأهمية، بالأخص حينما قدم رداً بسيطاً لكنه «بليغ الأثر» في مضامينه بشأن مكتسبات مجلس التعاون الخليجي وما حققه طوال عقود، في إجابة قد تجعل كثيرين ممن يرون بأن المجلس لم يحقق الكثير، تجعلهم يراجعون حساباتهم ويبنونها على الوقائع والأرقام، إذ مثلما بين الأمير سلمان بأن تشخيص الأمور بشكلها الواقعي يفرض عليك التعامل معها من منطلق الأرقام والإحصائيات والنتائج، بالتالي هذه العوامل الأخيرة تبين لنا ما حققه المجلس، بالأخص على صعيد التجارة البينية التي قفزت لمليارات من الدولارات، بالإضافة لمكاسب مشتركة على صعيد الاتحاد الجمركي وفتح مجالات للاستثمار، دون إغفال الجانب المهم المعني بالتعاون الاقتصادي وطموح إنشاء غطاء خليجي ضد الصواريخ الباليستية.
الأمير سلمان قدم لنا بأسلوب «السهل الممتنع» إجابات عن تساؤلات متزايدة بشأن الاتحاد بالأخص، وبين أن الطموح تحقيقه بشكل تلقائي وسلس، وأن ما يحصل اليوم أصلاً جزء من ذلك، لكن الواقعية مطلوبة وقراءة المستقبل أمر مهم، بالأخص حينما تبني هذه القراءة على المعطيات الحالية.
شكراً بوعيسى في هذه الأيام الوطنية، فقد قدمت صورة راقية مشرقة للجميع عن «مستوى التفكير المتقدم» للقيادة البحرينية، وصورة مميزة لشخصية القائد وثقته بنفسه وبأبناء شعبه.
نتمنى لك التوفيق بما يخدم البحرين وشعبها ويحقق طموحاتهم، وأنت بإذن الله أهل لها، بثقة جلالة الملك وبدعم سمو رئيس الوزراء الذي ندعو الله بأن يحفظه وينعم عليه بلباس الصحة والقوة، أنتم رموزنا الذين لكم ولاؤنا ولتراب البحرين تضحياتنا.