حالة التناقض التي لا تزال تعيشها «المعارضة» لا يمكن أن توصل إلى نهاية للمشكلة التي تسبب فيها ذلك البعض الذي لم يفكر في الخطوة التالية للخطوة التي خطاها قبل أكثر من خمس سنوات، ذلك أنه من غير المعقول أن تستجيب الحكومة لدعوة يتم إطلاقها عبر إحدى الفضائيات العربية في الصباح لبدء جولة حوار جديدة، بينما يرد عليها من «المعارضة» نفسها أو من المحسوبين عليها في نفس اليوم بممارسات دونية يتم تنفيذها في بعض القرى، حيث الأحرى بمن يدعو إلى الحوار أن يضمن عدم الرد على دعوته من قبل أولئك المراهقين الذين من الواضح أنهم لا يدركون نتيجة أفعالهم.
هذا يعيدنا إلى الحديث عن الفارق بين الجمعيات السياسية التي تمتلك خبرة في العمل السياسي وأولئك الذين أقحموا أنفسهم في عالم السياسة، وصاروا يعملون تحت عنوان «المعارضة» واعتقدوا أنهم بتلك الممارسات يستطيعون أن ينالوا ما يريدون. ما يحدث باختصار هو أن هؤلاء يخربون على أولئك فيفشلون جميعاً.
كثير مما قاله الأمين العام السابق لجمعية «وعد» رضي الموسوي في المقابلة التي أجرتها معه فضائية «الميادين» في بيروت السبت الماضي كان منطقياً ومعبراً عن رغبة «المعارضة» في التوصل إلى نهاية لتلك المشكلة، ذلك يشمل اللغة أيضاً حيث كان الموسوي حريصاً على ذكر أسماء القيادة بألقابهم الرسمية «وهو ما ينبغي أن تلتزم به كل «المعارضة» لما في ذلك من «ذرابة» وتأكيد على الرغبة في التواصل مع الحكم». لكن في المقابل كثير مما يقوم به أولئك من ممارسات في الشارع يؤكد رفضهم لكل ما تطرحه الجمعيات السياسية وما تقوم به، بدليل أنهم قاموا في نفس اليوم بممارسة سلوكيات لا تليق لا بـ «المعارضة» ولا بأهل البحرين الذين تربوا على «السنع».
ما قام به أولئك الجهال – ويقومون به باستمرار – نسف في نفس اليوم كل ما سعى الموسوي وجمعيته إلى بنائه عبر حديثه لتلك الفضائية، ووفر على الحكومة جهد الرد على تلك الدعوة، إذ كيف للحكومة أن تتجاوب مع دعوة ينسفها «أهلها» في نفس اليوم بل في نفس الساعة؟ وكيف لها أن توافق على الاجتماع إلى طاولة حوار وهي تعرف مسبقاً أنه لن يؤدي إلى نتيجة ومتيقنة - هي والجمعيات السياسية الداعية إلى الحوار نفسها - أن ما ستسفر عنه تلك اللقاءات سيرفضه أولئك الذين يعتبرون أنفسهم كل «المعارضة» ولا يعترفون أساساً بتلك الجمعيات بل يعتبرونها «خائنة»؟
الحل لا يأتي و«المعارضة» ليست على قلب رجل واحد، والحل لا يأتي ولا يزال أولئك يعتقدون أنهم بممارساتهم المعبرة عن مراهقتهم يمكنهم إسقاط النظام، والحل لا يأتي ولا يزال أولئك الذين يكررون ما يقولونه كل يوم عبر الفضائيات «السوسة» ويسبون ويشتمون ويتوعدون ويدعون على كل من لا يوافقهم على ما يقولون وما يفعلون. الحل يأتي بتوفر «معارضة» موحدة، تدرك ما يدور من حولها، وتعرف ما تريد، وتعرف كيف تطالب بما تريد، وتحسب لكل ما يجري في المنطقة من تطورات، وتحرص على ألا تفتح الباب للأجنبي ليطل برأسه ويحصل على موطئ قدم.
عندما تتمكن الجمعيات السياسية من ضبط أولئك الذين يعتبرون أنفسهم منها في الداخل فيتوقفون عن تلك الممارسات الفقيرة، وعندما تتمكن من ضبط أولئك الذين «يلعلعون» في الخارج ويرددون الكلام نفسه يومياً، حينها فقط تستطيع أن تقول إن الحكومة لم تستجب لدعوتها لعقد جلسة حوار ثالثة، أما وحال «المعارضة» كهذا الذي هي فيه اليوم فالأكيد أنها لا تستطيع أن تحقق مفيداً للناس الذين ترفع شعار الدفاع عنهم والانتصار لهم بل لن تتأخر عن الإعلان عن نهايتها.