المتابعون لتصريحات المسؤولين الإيرانيين، وأولئك الذين اختاروا البقاء في الخارج، ولا يملكون سوى السب والشتم عبر الفضائيات «السوسة»، لا بد أنهم لاحظوا أن الفكرة التي يراد منهم ترويجها هذه الأيام هي أن أمر البحرين ليس في يدها، وهو أمر مثير للضحك، لكن ما يثير الضحك أكثر هو أنهم لم يحددوا بعد ما إذا كان الأمر في يد السعودية أو الولايات المتحدة أو بريطانيا أو غيرها، فمرة يزعمون أن قرار البحرين في يد السعودية، ومرة يدعون زوراً أنه في يد أمريكا، وأخيراً صار التركيز على بريطانيا وتحديداً منذ أن حضرت رئيسة الوزراء البريطانية تيريزا ماي قمة قادة مجلس التعاون التي عقدت في البحرين واجتمعت أيضاً مع القيادة والحكومة فيها، فمنذ ذلك اليوم وهم يروجون لفكرة أن قرار البحرين في يد بريطانيا وأن البحرين حصلت على ضوء أخضر منها «لتتولى المعارضة وتقضي عليها»!
في هذا السياق، قال المستشار العسكري الإيراني الأعلى اللواء فيروز آبادي أخيراً وبوضوح «إن بريطانيا هي الجهة الأساسية التي تقف وراء ما يحدث في البحرين»، وهو ما يردده مسؤولون إيرانيون آخرون ويردده من خلفهم «الضيوف المعتمدون» لدى فضائية «العالم» الإيرانية.
ولأن تصريحات الإيرانيين كثرت هذه الأيام، سواء المتعلقة بهذه القصة أو بغيرها من القصص التي لا تنتهي لذا «أعربت دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية عن استنكارها للتصريحات التي أطلقها بعض المسؤولين الإيرانيين ضد دول المجلس ودول المنطقة والمجتمع الدولي بما يتنافى مع الأعراف الدبلوماسية، ومبادئ حسن الجوار وعدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول التي نص عليها ميثاق الأمم المتحدة»، كما جاء في الخبر الصادر عن الأمانة العامة لمجلس التعاون والذي عبر من خلاله الأمين العام لمجلس التعاون الدكتور عبداللطيف بن راشد الزياني عن «رفض دول المجلس لما ورد في تلك التصريحات من اتهامات وإساءات تعكس حقيقة المواقف السياسية السلبية التي تنتهجها إيران، واستمرارها في الإساءة لدول المجلس والتدخل في الشؤون الداخلية لدول المجلس ودول المنطقة وتهديدها، بما فيها المملكة العربية السعودية ومملكة البحرين ودولة قطر والجمهورية اليمنية»، واعتبر «ما صدر من تهديدات أطلقها بعض المسؤولين الإيرانيين ضد دول المجلس ودول المنطقة يدل على عدائية المواقف الإيرانية، والنوايا الإيرانية لمواصلة التدخل في شؤون دول المنطقة، واستفزاز القوى العالمية بما يعرض أمن واستقرار المنطقة للخطر». وبالطبع دعت دول مجلس التعاون إيران إلى «إعادة النظر في السياسة السلبية التي تنتهجها في المنطقة، والتي لا تساعد على بناء الثقة وإقامة علاقات تعاون بناءة بين دولها للحفاظ على استقرارها»، ودعت المجتمع الدولي إلى «تحمل مسؤولياته ومنع إيران عن تهديد الأمن والسلم في المنطقة، والإضرار بالمصالح العالمية المرتبطة بهذه المنطقة الحيوية». ولأن إيران لا تعطي مثل هذه البيانات أي اعتبار لذا فإنها لم تستجب ولم تتوقف، والأكيد أنها لن تستجيب مستقبلاً، ولن تتوقف عن الإدلاء بالتصريحات المستفزة والمؤكدة على عزمها مواصلة التدخل في الشؤون الداخلية لدول التعاون كافة، كما أنها لن تتوقف عن الإيعاز لمن سيطرت على عقولهم في داخل البحرين وخارجها لمواصلة السير في نفس النهج وتكرار تلك الأقوال السخيفة التي يراد منها الإساءة إلى دول التعاون وعلى الخصوص البحرين والسعودية.
ما لا تنتبه له إيران هو أن مملكة البحرين منفتحة على الجميع وعلاقاتها مع مختلف الدول قوية، لكنها في كل الأحوال دولة مستقلة وقرارها في يدها ولا يمكن أن تسمح للآخر -أياً كان ومهما كانت العلاقة معه قوية ومتميزة- أن يتدخل في قرارها وسيادتها، فهذا الأمر مرفوض ولا يتوفر إلا في المخيلة العفنة للمسؤولين الإيرانيين، وأتباعهم.