يبدو أن مسألة «الأمن» هي الهاجس الأهم بالنسبة إلى دول المنطقة، فالمناطق المضطربة سياسياً وعسكرياً تستدعي أن تكون الدول فيها بكامل جهوزيتها من الناحية الأمنية، فالأمن ليس محطة للاختبار وليس نزهة للدول ومستقبلها، فحين يكون الشعور بالقلق من هاجس الإرهاب حقيقة، وقتها لا بد أن يكون الأمن حاضراً دون الحاجة إلى مراجعة بنوده وقيوده واشتراطاته إلا في حدود ضيقة للغاية. إن فرض الأمن قد يكون مكلفاً بالنسبة إلى الحريات والاقتصاد لكنه الضمانة الحقيقية لسلامة الأوطان والإنسان، ومتى ما تم تطبيق الأمن بشكل صحيح فإنه لن يطال الأجزاء التي لا علاقة لها بالأمن أساساً.
يجب أن يكون الأمن حاضراً في المشهد الحاضر، فمهمة الحكومات هي تأمين حياة الأفراد والجماعات التي تعيش تحت ظلها خصوصاً في ظل التهديدات المحتملة التي قد تتحول في أي لحظة من اللحظات إلى واقع ربما تأسف الدول في عدم التعامل معه بجدية في حال تحول من فكر إلى واقع ومن قوة افتراضية إلى قوة حقيقية تهدد أمن المجتمعات.
المستقبل المقلق يحتم على الدول المحاطة بسلسلة من التهديدات الجادة أن تتعامل بواقعية مع كل تهديد إرهابي، سواء كان إرهاباً داخلياً أو خارجياً، ولهذا يجب أخذ كامل الحيطة والحذر والأخذ بكل تهديد جدي أو حتى هزلي حين يتعلق الأمر بأمن الناس، فالاضطرابات التي تشهدها المنطقة تجعلنا أكثر حذراً من أي وقت مضى، فلا مجال للعواطف في الأمن ولا مجال للمجاملات. صحيح أننا لا نتمنى أن يكون الأمن مقابل الحريات ومقاصد الديمقراطية، لكن هذا الإجراء عادة ما يكون في الوضع الطبيعي جداً، أما في حال الخوف من أي اختراق أو تهديد أمني محتمل يكون الاحتياط الأمني واجباً.
بكل تأكيد إن الأمن في دولنا مستتب ولله الحمد، لكن هذا لا يعني أن نتعامل بسذاجة مع قضايا الإرهاب العالمي الذي بدأ يطال كل الدول دون استثناء، فالاغتيالات والتفجيرات والفوضى المسلحة قائمة على قدم وساق في كل مكان وفي كل يوم، ولأننا نعيش في عمق المنطقة الملتهبة فإن الإيمان بالاستثناء يعتبر قمة السذاجة، وعليه يجب أن تكون الآذان والأعين مفتوحة على كل الجماعات الإرهابية ومن يتعاطف معها بأي شكل من الأشكال، فلا مساومة على الأمن وعلى أمن الناس خاصة. ليس هنالك اقتصاد مستقر ولا حياة مجتمعية مستقرة دون وجود أمن حقيقي، فالشعور بالأمن يعطي الإنسان حالة من الاستقرار الدائم، كما أن الأمن هو التهديد الحقيقي للإرهاب والإرهابيين وهذا ما يجب أن يكون عليه عنوان المرحلة الحاضرة قبل أي عنوان آخر.