خلال المؤتمر الصحافي الذي عقده مع نظيره الأمريكي في الرياض قبل يومين قال وزير الخارجية السعودي الدكتور عادل الجبير بوضوح إن إيران تشعل فتناً طائفية في المنطقة وطالب المجتمع الدولي باتخاذ إجراءات صارمة لإيقاف تدخلاتها في دول المنطقة ومنعها من زعزعة الأمن في مضيق هرمز. هذا يعني أن لدى الرياض – ودول مجلس التعاون كلها – الكثير من الأدلة والبراهين التي تؤكد قيام إيران بهذه الأفعال السيئة والتي لا تليق بمشارك لها في الجغرافيا والتاريخ خصوصاً وأنها يمكن أن تأكل من بين يديها ومن تحتها لو أنها اختارت الطريق الآخر الذي يمكن لدول التعاون أن تذكرها بخير وتراعي ظروفها وتساعد شعبها الذي تحول إلى أدوات تستغلها بالطريقة التي تشاء قبل أن ترميها.
قول الجبير ذلك يعني أن السيل بلغ الزبى وأنه لم يعد هناك مجال للدبلوماسية والمجاملات، حيث الواضح أن إيران اتخذت قرارها وأنها ماضية في تحقيق أهدافها بدليل أنها تختلق في كل لحظة ذريعة للتدخل في الشؤون الداخلية لدول مجلس التعاون، ولم تعد تلتفت لأي نصيحة، لا من قريب ولا من بعيد، ولا يكاد يمر يوم إلا ويسمع العالم فيه تصريحاً لمسؤول إيراني لا يمكن تصنيفه إلا في باب التدخل في الشؤون الداخلية للدول الأخرى، وإلا ما دخل إيران في أمور تفصيلية تحدث في البحرين أو السعودية أو أي دولة من دول مجلس التعاون؟
إيران تدعم بكل ما لديها من قوة كل من يريد السوء بالأنظمة الخليجية، تشهد بذلك فضائياتها التي تتوالد بشكل مثير وكذلك مختلف وسائل الإعلام التي خصصت لها ميزانيات ضخمة وتعتمد قلة الذوق حتى في مخاطبة قادة التعاون وكبار المسؤولين، ويشهد بذلك ما يتم اكتشافه بين الحين والحين من عمليات لتهريب الأسلحة والمخدرات إلى دول التعاون، وتشهد بذلك التصريحات التي تصدر عن المسؤولين فيها بمناسبة ومن غير مناسبة، وتتناول شؤوناً محلية صرفة، ويشهد بذلك طبعاً الدعم غير المحدود الذي تقدمه لمختطفي الشرعية في اليمن، وتحكمها في مفاصل العراق الذي صار مستعمراً من قبل حكومة الملالي ويأتمر بأمرها، وما تقوم به منذ سنوات في سوريا وفي حلب التي تحولت إلى أرض محروقة ومنهوبة ويتم استبدال سكانها في وضح النهار.
بالتأكيد لا يكفي دول التعاون قول وزير الخارجية الأمريكي جون كيري في المؤتمر المذكور إن واشنطن لن تسمح بأن تشكل إيران مصدراً لزعزعة الاستقرار، وإنها ترفض التدخل الإيراني في اليمن، مثلما ترفض تدخلها في السعودية، فهذا الكلام الجميل ينبغي أن يردف بعمل جميل أيضاً يضع حداً لكل عنتريات إيران، ويجعلها تعرف حجمها الحقيقي في المنطقة، ذلك أن من الخطأ الاكتفاء بالفرجة بينما تواصل إيران تنفيذ مخططها الرامي إلى السيطرة على المنطقة.
ما تقوم به إيران حالياً يفترض أنه يوفر فرصة لتأكيد ما تردده أمريكا وما قاله كيري بالحرف في المؤتمر الصحافي المذكور من أن «الشراكة بين بلاده والسعودية لها قيمة كبيرة»، ذلك أنه إن لم تظهر قيمة الشراكة بين أمريكا ودول التعاون كافة في مثل هذه الظروف فهذا يعني أنها مجرد كلام وحبر على الورق لا قيمة له بل يقلل حتى من شأن الولايات المتحدة التي عليها مسؤوليات تجاه المنطقة لا يمكن أن تتنصل منها.
إيران لديها هدف واضح اعتمدت له مخططاً تعمل على تنفيذه بدقة ومن دون هوادة، الأداة الأساسية فيه هي إشعال الفتن الطائفية في كامل المنطقة، فهي تدرك جيداً أنها من دون هذه الأداة لن تتمكن من التدخل في الشؤون الداخلية لكل دول المنطقة، وتدرك أنها من دون تدخل كهذا لا يمكن أن تحقق هدفها.