صرح مدير إدارة تعليم السياقة بالإدارة العامة للمرور أن «35 ألف شخص دخلوا امتحان السياقة خلال الثلاثة أشهر الماضية، نجح منهم 19 ألفاً».. انتهى الخبر. بحسبة بسيطة نعرف أن متوسط أعداد من يدخلون لامتحانات السياقة خلال العام الواحد في البحرين ربما يتخطون حاجز 140 ألف ممتحن، في الوقت الذي يصل أعداد من يحصلون على رخصة للسياقة خلال العام الواحد أيضاً قد يصل عددهم إلى نحو 76 ألف شخص.
ربما تعتبر هذه الأرقام الكبيرة إنجازاً فعلياً للإدارة العامة للمرور، ولإدارة تعليم السياقة تحديداً، وهي دالة كذلك على مدى تطور إمكانيات إدارة المرور في نجاحها اللافت على استيعاب أكبر قدر ممكن من الممتحنين في مجال السياقة في البحرين خلال العام الواحد، لكن هذه الأرقام على الضفة الأخرى تعتبر خطيرة ومربكة للوضع المروري في البلاد، خصوصاً إذا ما عرفنا أن غالبية من ينجحون في امتحانات السياقة ستكون لديهم سيارات خاصة في المستقبل تمشي في شوارعنا المزدحمة أصلاً منذ عقود، وستتكدس بذلك أرقام جديدة مرعبة لتنضم إلى موسوعة أرقام شوارعنا التي لا نحتاج إلى شرحها للقارئ الكريم، فمعاناتنا اليومية الكبيرة هي أكبر شاهد على الأزمة المرورية التي تعاني منها مملكة البحرين، وما الأرقام التي ذكرناها في بداية مقالنا هذا سوى جرس إنذار للجهات المعنية لتدارك ما يمكن تداركه في أزمتنا المرورية الحاصلة. هذه الأرقام ترشدنا لوجود أزمة كبيرة وهي ليست إنجازاً كما تحسبها بعض الجهات المختصة.
المشكلة ليست في من ينجح من المتدربين في امتحانات السياقة وليست حتى في أعدادهم، ولكن الأزمة تأتي فيما بعد النجاح، وهو أن يكون لكل حاصل على رخصة السياقة سيارة خاصة تمشي في الشوارع لتزاحم بها المركبات المتناثرة في شوارعنا والتي لم تعد تستطيع أن تسير بشكل سلسل بسبب الازدحامات والاختناقات المرورية الكبيرة، فمن خلال الأرقام الضخمة التي تقع بين أيدينا ستكون أعداد المركبات أكثر بكثير من عدد نسمات البحرين، وهنا تكمن المشكلة، وهذا الأمر الأهم الذي يجب أن ينتبه إليه المسؤول عن هذه القضية الشائكة.
نعود لنؤكد كما أكدنا من قبل أن كل مصائبنا في البحرين تأتي من عدم وجود تخطيط دقيق للمستقبل، فليست هناك خطة خمسية أو عشرية في مجال المرور وغير المرور، فحين لا نضع سقفاً للمتدربين وللناجحين وللسائقين خلال الأعوام المقبلة فهذا يعني أن الأزمة ستتفاقم وهذا يعني أيضاً أننا لا نريد أن نعالجها أو حتى نعالج آثارها الحاضرة بسبب سقفنا المفتوح، فالدلالات كلها تشير إلى هذا الأمر المحزن والذي هو أقرب إلى الواقع مع الأسف الشديد.