مشروع القانون بشأن تعديل المادة 11 من القانون رقم 58 لسنة 2006 المعني بحماية المجتمع من الأعمال الإرهابية والذي أقرته لجنة الشؤون الخارجية والدفاع والأمن الوطني بمجلس النواب أخيراً مشروع مهم وجاء في وقته، لكن جانباً من التعديل بدا فضفاضاً وقد يفتح الباب على قراءة النوايا، الأمر الذي يتطلب مراجعته بدقة قبل اعتماده بشكل نهائي.
النص المقترح من مشروع القانون كما نشر في الصحف يتضمن «تشديد العقوبة المقيدة للحرية المقررة عن الأفعال المؤثمة بمقتضى هذا النص لتكون السجن مدة لا تزيد عن خمس سنوات بدلاً من الحبس». وليس في هذا إشكال أبداً، حيث الأمر يستوعب مدد سجن أطول على اعتبار أن الجريمة كبيرة، وضررها على المجتمع وعلى الوطن بالغ، ذلك أن تشديد العقوبة إحدى وسائل مواجهة الإرهاب بل إحدى أهم الوسائل كون التشديد يمكن أن يكون رادعاً لمن يعتزم تنفيذ أعمال إرهابية وليس المتورط فيها فقط، أي أنه يمكن أن يكون له دور قبل تنفيذ العملية الإرهابية وليس بعدها فقط.
إشكالية النص المقترح والذي أقرته اللجنة المذكورة تكمن في النص على «تجريم أشكال تمجيد أو تعظيم أو تبرير أو تحبيذ أو تشجيع عمل إرهابي» وفي النص على «تجريم حيازة أو إحراز «محرر» أو «مطبوع» يتضمن التمجيد أو التعظيم أو التبرير أو التحبيذ أو التشجيع متى كان ذلك بقصد التوزيع» فمثل هذه العبارات يمكن أن تفتح الباب على «قراءة النوايا» وهو ما لا ينبغي أن تعتمد عليه الأحكام في مثل هذه الموضوعات الخطيرة، عدا أنها يمكن أن تفتح الباب على مصراعيه لإكالة التهم لكل من يراد الاختلاف معه.
الجزئية التي تضعف الفقرة السابقة هي اللاحقة لها مباشرة وتنص على «تجريم حيازة أو إحراز أية وسيلة من وسائل الطبع أو التسجيل أو العلانية أياً كان نوعها، استعملت أو أعدت للاستعمال ولو بصفة وقتية لطبع أو تسجيل أو إذاعة ذلك التمجيد أو التعظيم أو التبرير أو التحبيذ أو التشجيع»، فهذه الجزئية تعني باختصار أن المتهم بالتورط في أمر له علاقة بالإرهاب وجد بحوزته ما يؤكد الاتهام ويستوجب محاكمته ومعاقبته. أي أن الأمر هنا أساسه التعامل مع مستمسكات ولا يعتمد على قراءة النوايا. ترى كيف يمكن اعتبار الشخص متهماً بالتورط في عمل إرهابي لمجرد حيازته لمنشور يمكن أن يصله عبر بريده الإلكتروني؟ وكيف يمكن الحكم بأنه ينوي توزيعه؟ هذه الجزئية فضفاضة وتستدعي إعادة الصياغة بحيث لا تفتح الباب على الاجتهاد وقراءة النوايا، وإلا صار كل فرد في المجتمع مشروع اتهام.
إجراء التعديل على القانون رقم 58 لسنة 2006 أمر مهم ومطلوب في هذه الفترة على وجه الخصوص، والأسباب التي وفرها مقدموه واقعية ومنطقية، فالمشروع يهدف إلى «مواجهة بعض مظاهر وأشكال التحريض على القيام بأعمال إرهابية ولا تغطيها مظلة التجريم وفقاً للنص الحالي بما ييسر لمرتكبيها الإفلات من العقاب تحت مظلة التعبير، وهو ما تسبب في زيادة وتيرة أعمال العنف والإرهاب خلال الفترة الماضية» أي أن هذا باب يأتي منه الأذى، لكن مهم أيضاً إغلاق باب قراءة النوايا الذي هو أيضاً أذى ويمكن أن يدخلنا في متاهات تعود بالضرر على مجتمعنا ووطننا.
الابتعاد عن النصوص الفضفاضة أمر مهم لأنها يمكن أن تستغل بشكل فادح من قبل منظمات حقوق الإنسان التي سيتاح لها تفسيرها على هواها والطعن من خلالها. كلما كان النص -أي نص- واضحاً ودقيقاً كلما أغلق الباب على تفسيره بشكل خاطئ، سواء من قبل المعنيين به أو أولئك الذين يستهوون تفسيرها بطريقة تخدم من يعنيهم أمره.