لدينا «تمكين» ولدينا «هيئة تنظيم سوق العمل» ولدينا «هيئة ضمان جودة التعليم» ثلاث قصص نجاح متميزة تمخض عنها مشروع إصلاح سوق العمل ورؤية 2030، ننافس بها دول الخليج وجميعها تحاول أن تقلد هذه النماذج.
كما أن لدينا تجربة وزارة الإسكان الناجحة خاصة في السنوات الأخيرة التي ارتفعت فيها وتيرة العمل وانفتحت الوزارة أكثر على شراكة القطاع الخاص، هي الأخرى قصة نجاح بإمكاننا أن نسوقها كقصة نجاح حكومية بحرينية.
خدماتنا الصحية نباهي بها الأمم ولدينا نجاحات على مستوى الرعاية الصحية لا تملكها أي دولة خليجية.
من كان وراء تلك القصص الناجحة؟ أليست الحكومة الحالية؟ ومن حقق هذا النجاح بإمكانه أن يكرر نجاحاته، وبإمكانه أن يخلق المزيد من المبادرات، وممكن جداً أن يعيد تشغيل قطار التواصل مع السوق المحلي والمواطنين من جديد مثلما بإمكانه أن يكتسب ثقة المستثمر ورؤوس الأموال الخليجية في السوق البحرينية، عليه فقط أن يعيد النظر في كيفية تسويقها.
القصد أن هناك مادة صالحة للتسويق، البحرين تملك رأس مال جيداً من قصص النجاح لديها رصيد لكنها عاجزة حتى الآن عن إقناع السوق المحلي والخليجي بها، ولذلك عاجزة عن تعزيز الثقة بقدراتها على تجاوز التحديات.
المبادرات التسويقية إلى هذه اللحظة لم تفلح في إقناع الآخرين بالإيمان بها وبما تعرضه، هناك فرق في الخطاب حين تحدث نفسك وحين تحدث الآخرين، المبادرات كانت تخاطب نفسها بلغتها بما تعتقد أنه مؤثر، بما تظن أنه الأفضل، ينظر صاحب المبادرة معتقداً أن المتلقي ينظر لها نفس النظرة، وكما أثرت في صانعها في شخصيته في ثقافته في ذوقه في درجة فهمه في أسلوبه في نمط حياته، فيظن أنها «واو» ويجزم أن قناعته بها ستصل للآخرين وستؤثر فيهم، ثم يفاجأ بنتائج متواضعة إن لم تكن عكسية، وبدلاً من تدارس أسباب الفشل يبحث عن خصوم عن أعداء عن من «خرب» علينا، يا أخي أنت لا تحتاج لمن «يخرب» عليك إنك تهديه الفشل «جهز مصلم».
أضرب مثلاً دائماً بالإمارات وبالسعودية كنماذج إعلامية نجحت في تسويق حكوماتها، ولاحظوا أنني أتكلم عن «التسويق» لأنها نماذج تفصل خطة التسويق على قياس المتلقي لا على قياسها هي وقياس أعضائها ووزرائها.
المواطن الإماراتي أو السعودي له ذائقة معينة له لغة تخاطب له درجات من مستويات الفهم له أوقات ذروة مدروسة، دراسة لأماكن تجمعه أين ومتى وكيف تصل إليه، هناك جهد يبذل في تحديد هذا المتلقي وفهمه، لذا تخرج الرسائل الإعلامية حسب قياس المتلقي لا حسب قياس المرسل، فتصل بسهولة ويتحقق التسويق والنجاح، فيخف عدد «المتحلطمين» ويزيد عدد المتفاعلين والمشاركين، دونما حاجة لتأجير حسابات والدفع لها للهجوم على من «يتحلطم» أو ينتقد بلغة سوقية وبأساليب سقيمة «كنا نظن أننا تجاوزنا هذه المرحلة»!
قد تكون قصص نجاحاتنا الحكومية تزيد أضعافاً عن قصص الإمارات والسعودية، وأعرف نماذج لتلك القصص البحرينية الناجحة استعانت بها الدولتان بخبراء بحرينيين من أجل مساعدتها على نقلها لهم، ولكن إصرارنا على استخدام أسلوب الصمت والتحفظ والمواراة وعدم الشروح والتخاطب مع الناس، ثم قمع الناس وإسكاتهم بالترهيب كحل هو ما يجعلنا لا نتقدم خطوة للأمام، أسلوب فشلنا به سابقاً وتكراره يجعلنا نصر على محامٍ فاشل للترافع عن قضية ناجحة، ثم نسأل «ليش البحرينيين ما يعجبهم العجب»؟!!