ما قاله أخيراً مشرعون بالكونغرس الأمريكي «إن إيران تستخدم الأموال المفرج عنها لدعم الإرهاب في اليمن وسوريا والعراق وكذلك تطوير ترسانتها من الأسلحة المتطورة وخاصة الصواريخ» يمكن تصنيفه في باب النكتة، فمثل هذه المعلومة ليست جديدة والجميع كان يعرف الكيفية التي ستصرف فيها الأموال التي ستحصل عليها إيران نتيجة الاتفاق النووي وأولهم الولايات المتحدة التي تراقب تصرفات إيران وترى كيف تعمل على تقوية ترسانتها العسكرية وتدعم كل من يستطيع أن يزيد من حالة الفوضى في اليمن والعراق وسوريا ويطيل أمد الحروب فيها.
حتى من لا علاقة له بالسياسة قال مبكراً إن إيران لن تصرف الأموال التي تأتيها من هذا الباب أو غيره على شعبها الفقير المسكين وتجعله يعيش «يومين حلوين»، لهذا فإن ما نشره الموقع الإلكتروني «واشنطن فري بيكون» عن تلقي مشرعي الكونغرس الأمريكي قبل أسبوعين خطاباً جاء فيه «إن إيران تتحرك بسرعة فائقة لتعزيز قدراتها العسكرية» وإن هذا «يثير القلق بين الشركاء الإقليميين والأطراف الأخرى» لا يعتبر جديداً ولا يضيف إلى المعلومات المتوفرة من الأساس، فإيران تعمل لتحقيق أهداف لن تحيد عنها وهي لا تتحقق إلا بتخصيص كل ما تحصل عليه، وكل ما في جيوب شعبها «المنتف» لهذا الغرض.
وبالمثل ليست جديدة المعلومة التي وفرها الجنرال دانفورد للكونغرس الأمريكي وملخصها أن «إيران مازالت تسعى للحصول على المنظومات الصاروخية الحديثة وتحديث أجهزتها العسكرية المستخدمة، خاصة الطائرات والعوامات»، فهذه المعلومة وكثير غيرها وفرها من قبل عدد من المسؤولين الإيرانيين الذين أكدوا إنفاق إيران بعضاً من تلك الأموال التي أفرجت عنها الولايات المتحدة في مجالات عسكرية، ويؤكدها سلوكها في اليمن والعراق وسوريا التي تهيمن عليها.
إيران دولة داعمة للإرهاب بل إن اسمها صار مرادفاً لهذه الكلمة البشعة، فكلما ذكر الإرهاب ذكرت إيران، وأينما حلت إيران حل معها الإرهاب وتحكم في مصائر الناس، وهذه للأسف حقيقة صار العالم كله يدركها، بل يدركها جيداً.
حسب بعض التقارير فإن «الكونغرس الأمريكي يتجه نحو إقرار مشروع عقوبات إضافي ضد طهران يتضمن ثلاث حزم من العقوبات الجديدة على الحرس الثوري وقيادات بالنظام الإيراني بسبب استمرارها في دعم الإرهاب في المنطقة والعالم ومواصلتها لانتهاكات حقوق الإنسان ضد شعبها، وبسبب برنامجها الصاروخي المثير للجدل». أما الهدف من هذا المشروع فهو «الحد من التدخلات العسكرية والعمليات الإرهابية للنظام الإيراني في دول المنطقة والعالم» كما جاء في تلك التقارير التي ذكرت أنه سيتم «تصنيف الحرس الثوري الإيراني باعتباره تهديداً لأمن الولايات المتحدة وحلفائها».
هناك أمر غير واضح، ذلك أنه لا يمكن للولايات المتحدة أن تكون قد قدّرت أن إيران ستصرف الأموال التي ستستردها تنفيذاً للاتفاق النووي على شعبها وتحسين علاقتها مع دول المنطقة، والأكيد أن كل من كان على علاقة بذلك الاتفاق قدّر أنها ستوظف تلك الأموال في دعم الإرهاب وتقوية ترسانتها العسكرية والحصول على منظومة صواريخ حديثة والانتصار للشر، من هنا فإن أسئلة كثيرة تفرض نفسها عما إذا كان الاتفاق النووي نفسه لعبة يتم ممارستها على ذقون دول المنطقة وأن أحد أهدافها إضعاف هذه الدول وتقوية إيران لتتسيد المنطقة، وإلا على أي شيء نصت البنود التي اعتبرت سرية؟ وما هي قصة هذه التصريحات التي يتم الإدلاء بها بين الحين والحين ولا تتضمن جديداً إلى الحد الذي تبدو فيه وكأنها نكتة؟
إيران تسلمت مبالغ كثيرة من الاتفاق النووي صرفتها كلها في «سوءاتها» وستتسلم لاحقاً مبالغ أخرى كثيرة أيضاً وستصرفها لخدمة تحقيق الأهداف نفسها التي تراها تتحقق في العراق وسوريا، وتحلم أن تتحقق قريباً في اليمن.