استشاط العالم العربي غضباً من أمريكا خلال فترة حكم الرئيس المنتهية ولايته باراك أوباما، خاصة موقفه غير المبالي بما يحصل في سوريا، حيث اكتفى بتوجيه الإدانة لروسيا وإيران ونظام بشار الأسد. والآن يستشيط غضباً من مواقف وتصريحات الرئيس المنتخب دونالد ترامب، تلك التي لا تبشر بتحسن الموقف الأمريكي بل تنذر بأن الآتي أعظم.
ويتناول الإعلام اليوم اختيار ترامب لديفيد فريدمان سفيراً لأمريكا بإسرائيل، وهو من أشد المناصرين لتل أبيب، حتى إنه وصف «جي ستريت» وهو اللوبي الإسرائيلي في أمريكا الذي يؤيد فكرة حل الدولتين بأنهم مثل «الكابو»، أي اليهود الذين استخدمهم النازيون لمراقبة اليهود الآخرين في المعتقلات.
ويجب ألا ننسى أن ترامب حصل على عدد كبير من أصوات المسيحيين الصهيونيين، يفوق ما حصل عليه مرشحون جمهوريون قبله مثل جورج دبليو بوش وميت رومني، وهؤلاء بحسب معتقداتهم، يشددون على وجوب أن يستوطن اليهود كل أرض فلسطين، لتمهيد الطريق لعودة المسيح، كما يعتقدون. وفي النظام الأمريكي حين تدعم مجموعة معينة مرشحاً بالأصوات وبالمال، فذلك لقاء أن ينفذ هذا المرشح أجندتها، حين يصبح منتخباً. فلهذا السبب فترامب لا يستطيع أن يتملص من وعوده لناخبيه، ومن الطبيعي أن يعطي منصب سفير أمريكا لإسرائيل لشخص يريد لإسرائيل الاستئثار بأرض فلسطين. ولكن في السابق وبالرغم من أن السياسة الأمريكية والتصريحات الرسمية كانت ضد المستوطنات، ومع حل الدولتين، لكن على أرض الواقع لطالما أعطت أمريكا الضوء الأخضر وأمنت الغطاء الدولي لكل تعديات إسرائيل على الحقوق المشروعة للفلسطينيين.
ولكن الآن بعدما سقطت ورقة التوت، أصبح الموقف الأمريكي مفضوحاً، ولتلك الفضيحة، ميزتان، أولاهما أنها ستخلق انشقاقات داخل المجتمع اليهودي في أمريكا، لأن هناك مجموعات ومنظمات يهودية أمريكية ترفض تصرفات إسرائيل وهي تتمسك بحل الدولتين، وهذا في المدى البعيد سيضعف من سيطرة «أيباك» أي اللوبي الإسرائيلي المتشدد، على السياسة الأمريكية، كما أن اختيار ترامب لفريدمان سيكون بمثابة منبه ليستيقظ العرب لحقيقة طالما تجاهلوها وهي أن أمريكا لن تحل قضية فلسطين، على الأقل ليس في وضعها الحالي بحيث يسيطر «أيباك» على دوائر صنع القرار فيما يخص سياسة أمريكا الخارجية تجاه المنطقة. ولذلك، والآن وقد سقطت ورقة التوت، فأمام العرب ثلاثة حلول، إما التخلي عن القضية الفلسطينية والرضوخ لإسرائيل وإما الإمساك بزمام القضية بأنفسهم والبحث عن حل بمعزل عن أي دعم أمريكي، أو العمل على إنشاء جماعة ضغط عربية داخل أمريكا أو لوبي عربي وذلك للتأثير على دوائر صنع القرار والدفع بحل الدولتين.