«سوق العمل»، هي من أجمل العناوين التي كنا نسمعها ونصدقها قبل أكثر من 10 أعوام أو يزيد، وحين توجه شبابنا لتخصصات «سوق العمل» المطروحة من طرف الأجهزة الرسمية في الدولة وبعض مؤسساتها اكتشف الجميع أن سوق العمل مجرد دعاية تسويقية لأفكار وتخصصات لا يحتاجها سوق البحرين أصلاً. بإزاء هذه الدعوة الرسمية للطلبة الجامعيين باختيار تخصصات يطلبها «سوق العمل» في البحرين، وجد الآلاف منهم أنفسهم عاطلين عن العمل بسبب عدم حاجة السوق إليهم في واقع الأمر، بل هناك الكثير من التخصصات التي لم يكن السوق في حاجة إليها ومع كل ذلك جرى الترويج لها من طرف بعض الجهات الرسمية ودفعوا شبابنا لدخولها ليجدوا أنفسهم في نهاية الأمر في ورطة من أمرهم.
من جهة أخرى، عملت وزارة التربية والتعليم على فتح تخصصات في جدار الجامعات المحلية للخريجين من الطلبة وبعضهم الآخر تم إرسالهم على نفقة الدولة لدراسة تخصصات لا مستقبل لها في البحرين، والأدهى من كل ذلك ما قامت به وزارة التربية والتعليم قبل أعوام حين أرسلت نحو 45 طالباً لدراسة الماجستير لثلاثة من التخصصات التي بالفعل يحتاجها سوق العمل في البحرين لجامعة مرموقة خارج الديار ليكتشف هؤلاء الطلبة أن الجامعة لا توجد فيها تلكم التخصصات الثلاثة، ومن ثم أجبرت الوزارة هؤلاء الطلبة باختيار تخصصات مختلفة لا تحتاجها السوق ولا يرغب فيها أولئك الطلبة!
هذه العشوائيات الخالصة في سوق العمل والفوضى العارمة لما قبل التوجه نحو سوق العمل جعلت الباحثين عن العمل والجيوش الفائضة من كافة التخصصات التي لا يحتاجها السوق متكدسين في منازلهم منذ سنوات، وما ساهم في ازدياد أعداد هذه النسب هو عدم معالجة الجهات المختصة أو المورِّطة لهؤلاء الشباب للمشكلة، بل بتجاهلهم لها تراكمت هذه الأعداد حتى وصلت لنسب مخيفة ومرتفعة للغاية. نحن نقرّ بأن بعض الخريجين ذهبوا بأنفسهم إلى تخصصات لا تحتاجها سوق العمل حتى وقعوا في شباك العاطلين عن العمل وهذه مشكلتهم، ومع ذلك كان الأحرى بوزارة التربية والتعليم أن تغلق في وجوههم كل التخصصات غير المطلوبة، لكن إذا كانت التربية لا تقوم بهذا الفعل فهل ستقوم به مع من اختاروا لأنفسهم تخصصات خارج حاجات السوق؟
لا نعلم حقيقة هل فات الوقت بخصوص معالجة هذا الملف الشائك أو مازال هناك متسع لتصحيح أوضاع هؤلاء الخريجين ودمجهم في سوق العمل؟