قبل كل شيء، كل عام والبحرين وأهلها ومن يقطن فيها بألف ألف خير، وإن شاء الله ربي يكون العام الجديد خيراً من العام الذي مضى، فالأيام لا تحمل بذرة الخير والشر ولا تحمل في رحمها تخرصات أو يقينيات بحتة بقدر ما هي أعمال نحن ننجزها ونترك بصماتنا عليها، فالزمن ليس له علاقة بالخير والشر بقدر ما يمكن لنا صناعته في هذا المجال.
حين نتأمل المستقبل وأمنياتنا له بأن يكون أفضل من الماضي دون عمل أو تغيير يذكر فإننا نضع أنفسنا في موضع الشبهة والسذاجة، لأن الحياة لا تتغير نحو الأفضل بمفردها وإنما بما نقوم به من أفعال حقيقية وصادقة، فالأمنيات المجردة في عصر العلم والاختراعات والفضاءات الفكرية والسياسية والاقتصادية المفتوحة على المستقبل تعتبر خرافة في عصرنا هذا، ومن هنا يجب ترجمة الأمنيات الكبيرة في عامنا الجديد إلى واقع محسوس وملموس وبهذا نكون قد وضعنا أقدامنا على السكة الصحيحة لاستشراف الزمن القادم.
من الضروري أن يتحرك العرب نحو آفاق المستقبل بخطوات ثابتة، وألا يكون 2017 مجرد رقم يضاف إلى الأرقام السابقة التي لم ننجز فيها أي شيء سوى الكثير من الإخفاقات والقليل من الإنجازات، فأمامنا اليوم الكثير من العمل الجاد ورمي تبعات الماضي خلف ظهورنا لاستقبال هذا العام لرسم استراتيجيات هادفة وبناءة لتطوير مجتمعاتنا وأوطاننا ومعرفة قيمة التحديات التي تواجهنا نحن العرب في مقابل عجزنا السابق عن مقارعة كل القوى التي كانت تتسابق نحو المستقبل.
يجب علينا أن نغير واقع الأرقام المجردة إلى واقع متميز، وألا يكون 2017 كمثيله من العام 2016 بل يجب أن نقوم بحركة التغيير بشكل مباشر وأن نحرك قيمة الأرقام بحسب قيمة الفعل، وإلا سوف لن نتحرك من مكاننا خطوة واحدة في سباق التحدي لرسم الحاضر فضلاً عن المستقبل، فالأيام تمضي دون أخذ الإذن مـــــن البشر، ولهذا يجب أن تكون لأرقامنا قيمة وأن تكون ذات صفة اعتبارية وليست صفة شرفية نتبادل بيننا التهاني والتبريكات بدخول عامنا الجديد. من الآن وصاعداً، حين نحتفي بالزمن يجب أن يكون لدينا فعل موازٍ له كي نحتفي به هو الآخر، وإلا ما قيمة التهاني بعامنا الجديد ونحن مازلنا بعد لم ندفع فاتورة تخلفنا وانتكاساتنا وتقهقـــــرنا للعام الماضي، فمن طبيعة الاحتفال أن يكون لتحــــقيق فعل ما وليس لتصور أُمنيات مجردة تعيش في عقـــولنا دون واقعنا، وهذا ما ينبغي أن يفكر فيه كل العرب للخــــروج من أوهامهم وخرافاتهم إلى حيث الحقيقة التي يجــــب أن تكون ماثلة أمام أعينهم في العام الجديد، ومع كل هذا الوجع الاستثنائي الذي نشهده في هذه المرحلة الحرجة من تاريخنا، لا يسعنا سوى أن نقول لكل العالم «كل عام وكل الشعوب بألف خير وأمن واطمئنان» والموت لكل الإرهابيين عبر القارات ليحل السلام في عالمٍ يرزح تحت حكم القوي.