أدخلتنا إيران في ديناميات التصعيد منذ مطلع 2016، فقد رُفعت العقوبات الدولية ابتداء من يناير، لكن حكومة الملالي فشلت في ترجمة الإنجاز الضخم حول برنامجها النووي ليصبح قوة فعالة لدفع الشعب الإيراني ليعيش بسلام مع جيرانه، حيث راح النظام عبر بلطجة لفظية في شحن ذلك الشعب بعد إعدام نمر النمر، أدى لاندفاع لواء اقتحام السفارات في 2 يناير لحرق السفارة السعودية مما أدى لقطع العلاقات الدبلوماسية بينهما وتوترها مع بقية دول الخليج، وشحن الأجواء بمزاج المواجهة. ثم قيام محكمة كويتية في نفس الشهر بالحكم بالإعدام على متهمين تجسسوا لإيران و«حزب الله». وفي موسم الحج منعت إيران مواطنيها من الحج وشرعت الباب لمماحكات بين المرشد الإيراني وبين مفتي عام السعودية. وفي أكتوبر الماضي استشاطت طهران غضباً من قيام مناورات درع الخليج البحرية السعودية، وكأن لا حق لأحد بالمناورات في الخليج إلا صبية الحرس الثوري!
ولكون صانع القرار السياسي في طهران ذاكرته الاستراتيجية طائفية في المقام الأول، فقد علق عبر أبواقه أن انتخاب ميشال عون في لبنان كان انتصاراً لجماعة «حزب الله»! ورغم قناعتنا أن ما جرى في لبنان هو تعادل بطعم الفوز لطهران إلا أن دول الخليج لم تشعر بالهزيمة في المسرح اللبناني، فما جرى هو سد مطلوب للفراغ الرئاسي. وفي نشوة هذا النصر الإيراني الهزيل اتهمت طهران تركيا ودول الخليج بأنهم السبب في تردي الأوضاع في المنطقة واتساع نطاق انعدام الأمن والحروب والإرهاب. مع أن طهران نفسها قد تمت إدانتها دولياً من منظمة «أبحاث تسلح النزاعات» بتهريب الأسلحة للمتمردين الحوثيين. كما استمرت طهران خلال نفس العام في دعم الميليشيات اللبنانية والعراقية وكل شذاذ الآفاق الذين يقاتلون مع الطاغية الأسد، وتدعم في العراق «الحشد الشعبي» الذي هو مؤسسة طائفية يقودها إيرانيون. ثم ختم الناطق باسم وزارة الخارجية الإيرانية تهجمات إيران على الخليج في 2016 بتصريحات فجة بعد مشاركة رئيسة الوزراء البريطانية في قمة مجلس التعاون متجاوزاً أبسط مبادئ عدم التدخل في شؤون جيرانه.
* بالعجمي الفصيح:
لا نعاني في الخليج العربي من عدم القدرة على إدارة الاختلافات مع طهران إلا لأنه ما من قاعدة شاملة ننطلق منها معهم في حوار مجدٍ، فصانع القرار السياسي في طهران لا يملك من أدوات العلاقات الدولية إلا محاولات بسط النفوذ، ومما يجعل الأمر أكثر قبحاً أن حكومة طهران ذاكرتها طائفية في المقام الأول، مما يشير إلى امتداد الزمن الصدامي على طرفي الخليج في 2017.
* المدير التنفيذي لمجموعة مراقبة الخليج
{{ article.article_title }}
{{ article.formatted_date }}