المجرم بعد أن ينفذ جريمته يمشي بين الناس كما يمشي الآخرون، وكأن شيئاً لم يحدث، ولكن مع فارق مهم هو أنه يكون في حالة ارتياب شديدة، ويتلفت في كل اتجاه، ويكاد يصرخ بأعلى صوته ويقول إنه «هو الذي ارتكب الجريمة». من هنا جاءت العبارة الشهيرة «يكاد المريبُ أن يقولَ خذوني»، وهي تقال في «من يفضح نفسه بنفسه بتلميح أو تصريح فيهتك الله ستره بلسانه». هذا بالضبط ما فعلته إحدى الفضائيات الممولة من إيران، حيث ذكرت وزارة الداخلية عبر حسابها على «تويتر» أنه تم رصد ردود الفعل تجاه العمل الإرهابي الذي تعرض له مركز الإصلاح والتأهيل في جو، وأنها لاحظت أن تلك الفضائية «أعربت عن الشماتة في استشهاد أحد رجال الأمن معتبرة أن العناصر الإرهابية الهاربة بمثابة أبطال خرجوا للحرية» وهو ما يمثل من وجهة نظر وزارة الداخلية ونظر كل عاقل ومنصف «دليلاً إضافياً على الدعم الإيراني المباشر للأعمال الإرهابية ويعكس في الوقت ذاته إصراراً إيرانياً على التدخل في الشؤون الداخلية لمملكة البحرين». أمر آخر سعت الفضائيات الإيرانية «السوسة» إلى التركيز عليه منذ تنفيذ تلك الجريمة، هو نشر فكرتين أساسيتين، الأولى هي أن وزارة الداخلية مقصرة في عملها وغير قادرة على ضبط الأمن بدليل نجاح العملية التي تم تنفيذها في جو، والثانية هي أن «المعارضة» قادرة على تنفيذ عمليات نوعية، من دون أن تنتبه إلى أن هذا ليس إلا اعترافاً آخر بتورط إيران في هذه الجريمة. مقابل كل ذلك تتوفر حقيقتان، الأولى، هي أن إيران وصلت إلى قناعة أن من اعتمدت عليهم في إحداث الفوضى في البحرين لم يعودوا قادرين على إعطاء المزيد بعدما هزموا لذا صار عليها أن تبدأ مرحلة جديدة عنوانها العنف واستخدام السلاح، والثانية، هي أن وزارة الداخلية حققت خلال الفترة الماضية نجاحات لم تتوقعها إيران فتمكنت من السيطرة على الأمن ووفرت الأمان في السنوات الـست الأخيرة التي بذلت فيها إيران كل ما تستطيع بغية السيطرة على السلطة.تعرض أي بلاد لحادثة مثل التي حدثت أخيراً في مركز الإصلاح والتأهيل أمر وارد فهو ممكن الحدوث في كل بلاد العالم، بل لا يدخل في المبالغة القول إنه حدث في أغلب الدول، ولمن لا يعرف فإن محاولات تهريب محكومين أو موقوفين حدثت في البحرين من قبل ونجح بعضها، لكن هذا لا يعني أبداً أن وزارة الداخلية مقصرة في عملها أو أن الأمن في البلاد ضعيف، فما حدث يؤكد أنه فعل إجرامي لا يمكن أن يقوم بتنفيذه من لا يمتلك الخبرة الكافية، ويؤكد أن إيران هي التي خططت وأعانت، وهي التي نفذت، وإلا لما غمرتها الفرحة منذ لحظة انتشار الخبر واعتبرته انتصاراً واعتبرت من قاموا بالعملية ومن هربوا «أبطالاً خرجوا للحرية».ما حققته وزارة الداخلية في السنوات الست الأخيرة على وجه الخصوص كان كبيراً ومهماً، ولولاه لفلتت الأمور ولما شعر أحد بالأمان. يكفي القول إنه رغم تركيز هذه الوزارة وبذلها الجهد الأكبر بغية السيطرة على من يريد نشر الفوضى في البلاد ويقوم بعمليات التخريب إلا أنها لم تغفل المجالات الأمنية الأخرى وإلا لما سارت الأمور الأمنية في كل مجال بالشكل الطبيعي الذي سارت فيه طوال الفترة الماضية، وهو ما يعد إنجازاً كبيراً للداخلية وقائدها معالي الشيخ راشد بن عبدالله آل خليفة الذي يظل ساهراً هو ورجال الأمن وكل العاملين في هذه الوزارة كي تسير الأمور بشكل طبيعي وكي ينعم الجميع بالأمن والأمان. لن يطول الوقت للوصول إلى المجرمين فهم الآن يتلفتون ويكادون أن يقولوا خذونا.
{{ article.visit_count }}
970x90
{{ article.article_title }}
970x90