أقولها وبكل صراحة وبلا تردد، أنا من أشد الأشخاص الذين يرون في رجل وطني مخلص كوزير الداخلية الشيخ راشد بن عبدالله آل خليفة مثالاً كبيراً للرجل القوي في عمله وفي تفانيه لأجل الوطن، بالتالي حينما صب كثيرون سخطهم على وزارة الداخلية بشأن حادثة الهجوم المسلح وتهريب مجرمين من السجن، كتبت بأن علينا ألا نخلط الأمور، ونعمم تقصير وإهمال البعض على جميع أفراد وزارة الداخلية، هؤلاء الرجال البواسل الذين ضحوا ومازالوا لأجل حماية الوطن وأهله.
وها هو الشيخ راشد يوم أمس يؤكد على نفس ما قلناه، بأن التعميم ظالم، ولا يمكن الانتقاص من عمل وزارة الداخلية ورجالها الأبطال، وأن حجم الخطر المحدق بنا، والتربص يفوق كثيراً ما يتخيله البعض.
هناك 15 محاولة للهروب حصلت وتم إفشالها والتعامل مع الضالعين فيها، وهي معلومة نعرفها نحن العامة للمرة الأولى، وكشفها الوزير أمس في اجتماعه مع مجلس النواب.
لكن مع ذلك، سمعنا كلام رجل مسؤول شجاع في المواجهة، مواقفه الوطنية تشهد له، وثقة جلالة الملك به أكبر وسام له، تكلم بشكل صريح أن هناك بالفعل قصوراً، وسببه إهمال وتقصير أفراد، مع التطرق لموضوع الرشاوى التي يهتز لها ضعاف النفوس حتى لو كانوا محسوبين على رجال الشرطة، وهي مسألة تحدث في العالم كله.
ورغم ذلك، فإن جهود وزارة الداخلية مقدرة، والإجراءات التي اتخذت يجب أن تلاحظ، خاصة تلك المعنية بإحالة أصحاب المسؤوليات للتحقيق، والوصول لتحديد هوية المتواطئين مع المجرمين، وتحديد السيارة وكيفية الهروب، وكيف تم التنفيذ.
كلها أمور تكشف وجود أشياء أكبر وأخطر، وعليه إن كنا نحن المخلصين لهذه الأرض وقيادتها، سنشكك في قدرات وزارة الداخلية ونزرع الإحباط في نفوس البشر، فإننا نشارك من يحارب أجهزتنا الأمنية فيما يسعون إليه.
نعم هرب عدة مساجين، لكن هل معنى ذلك أن ننسف وزارة الداخلية، وأن ننسى لها كثيراً من الأمور غير المعلنة، وكثيراً من نجاحاتها في التصدي للإرهاب وضبط أوكار الإرهابيين، وإحباط محاولات تهريب الأسلحة والمجرمين؟! أبداً لا يصح.
حتى من استاء من ازدحام الشوارع بسبب نقاط التفتيش، أختلف معه تماماً هنا، فالمسألة أكبر من عملية تأخير في الشوارع وتعطيل للناس، المسألة مرتبطة بإرهاب ومجرمين لا بد وأن يقعوا في قبضة العدالة، ولا بد أن يقع معهم من ساعدهم وخطط لهم، وأن ما يحصل هدفه ضمان سلامة المواطنين، فمن يسلم على نفسه وهناك مجرمون مختبئون؟!
الأجواء السلبية التي حصلت وأدت لحالة من الاستياء والإحباط، لا بد وأن نقف عندها، فهناك من هدفه زعزعة ثقة الناس بالحكومة والأجهزة الأمنية، ولو دققتم النظر، لوجدتم أن من يبث مثل هذه الأمور هم من نفس طابور العمالة والانقلاب الذي ينتمي له المجرمون، حتى ولو قام هؤلاء بالتلون ولي لسانهم.
في وقت يجب علينا أن نقف مع وزارة الداخلية، ونشد على يد وزيرها الرجل الذي لا أنسى كيف كانت جهوده وجهود معالي المشير الشيخ خليفة بن أحمد أحد أسباب النصر الذي حققته البحرين ودحرت به محاولة الانقلاب في 2011، لا نقبل بأن ينتقص من حق الرجال المخلصين.
بالتالي من مازال يتلبس رداء السلبية ويزرع هذه الأجواء لدى الآخرين، عليه التوقف، لأن مسألة الانتقاد بالكلام، أو توجيه اللوم، أسهل منها لا يوجد، وحينما تكون في أرض الواقع وموقع المسؤولية، من الاستحالة أن تترجم ما تقوله وأنت يدك ليست في النار.
وعليه لندع جهازنا الأمني يعمل ونحن واثقون منه، ولندعم وزير الداخلية في إجراءاته التصحيحية، وفي عمليات ضبطه للعناصر التي ضعفت نفوسها وقدمت مصلحتها على مصلحة الوطن.
يقولون «في كل شر هناك خير»، وما نمر به من أحداث، علها تكون سبباً في حراك أفضل وأقوى، وفي النهاية كل ذلك يصب في صالح البحرين وأهلها.