كتب - أبوذر حسين وسلمى إيهاب وزينب أحمد:
انطلقت صباح أمس أعمال المنتدى الخليجي الأول للإعلام السياسي الذي ينظمه معهد البحرين للتنمية السياسية بالتعاون مع جمعية الصحافيين وجمعية العلاقات العامة بالبحرين، بحضور ورعاية كريمة من نائب رئيس مجلس الوزراء الشيخ خالد بن عبدالله آل خليفة، حيث أكد مستشار الشؤون الإعلامية لجلالة الملك المفدى رئيس مجلس أمناء معهد البحرين للتنمية السياسية نبيل الحمر أهمية التعاضد والتكاتف والاتحاد من أجل الوقوف في وجه الهجمات الإعلامية الشرسة على مجتمعاتنا ودولنا، مؤكداً أن الحاجة إلى ذلك باتت ضرورة ملحة اليوم أكثر من أي وقت مضى.
وقال نبيل الحمر، في كلمته خلال الجلسة الافتتاحية للمنتدى، إن معهد البحرين للتنمية السياسية ينظم هذا المنتدى مساهمة منه في تعزيز دور وسائل الإعلام بشتى أشكالها في نشر الثقافة السياسية والديمقراطية في المجتمع الخليجي، وذلك من خلال مشاركة نخبة متميزة من السياسيين والإعلاميين والأكاديميين العرب لمناقشة هذه القضية المحورية في عالم اليوم والخروج بتوصيات من خلالها نستطيع أن نبلور رؤية مشتركة لدور الإعلام السياسي الخليجي خلال الفترة المقبلة.
ويهدف المنتدى، الذي يشارك فيه نحو 400 شخصية إعلامية من دول مجلس التعاون ونخبة من أصحاب الفكر والرأي في قطاع الإعلام بالمنطقة، إلى تعزيز دور وسائل الإعلام في نشر الثقافة السياسية والديمقراطية في المجتمع الخليجي, ومن المقرر أن يشهد مناقشات هادفة من قبل الحضور المميز والنخب المرموقة التي ستشارك في المنتدى.
وأشار المستشار نبيل الحمر إلى أنه في خضم التطورات والتحولات التي تعيشها المنطقة العربية عموماً والخليجية خصوصاً تبرز أهمية الإعلام السياسي المستنير كأداة توعوية فاعلة حقيقية نحو مجتمع مدني مبني على أسس الديمقراطية السليمة، وذلك من خلال التوعية السياسية لأبنائه وتعزيز دورهم في المشاركة الإيجابية في رسم المستقبل السياسي لمنطقتنا حيث يعد الإعلام السياسي عاملاً مهماً في الحفاظ على جوهر الثقافة السياسية السائدة في المجتمع فضلاً عن كونه عنصراً أساسياً في عملية التنمية الشاملة، موضحاً أنه لم يعد حقاً للمواطنين فحسب بل واجباً ومسؤولية على كل إعلامي من أجل نهضة وطنه واستقراره والمشاركة في تشكيل مستقبله.
وأضاف أن الدور المهم الذي يلعبه الإعلام السياسي بصوره كافة المرئية والمسموعة والمقروءة يبرز في عملية الحشد والتوعية بأهمية القيم الوطنية والديمقراطية السليمة ولرفع الوعي الثقافي والسياسي للمواطن الخليجي بعيداً عن الانحياز المتطرف الذي يؤثر على الرسالة الإعلامية الصحيحة ويضلل الرأي العام وتربك الحياة المجتمعية مما يزعزع الاستقرار. وأكد مستشار جلالة الملك المفدى للشؤون الإعلامية أن هذه التحديات تفرض على أبناء دول المنطقة أن يكونوا على قدر المسؤولية، معرباً عن ثقته بأن أبناء المنطقة سيكونون الدرع الواقي للذود عن حاضرها وحفظ مستقبلها لأبنائنا الذين نعمل على تحقيق حلمهم في العيش في وطن قوي تسوده روح الحرية والمساواة والعدالة. وأشار إلى أن معهد البحرين للتنمية السياسية سيسعى دائماً لدعم الإعلام السياسي المستنير منطلقاً من أهدافه السامية الواردة في مرسوم إنشائه وكما أراد له جلالة الملك المفدى من خلال المشروع الإصلاحي الذي أطلقه جلالته منذ أكثر من عقد من الزمان، معرباً عن أمله أن يشكل هذا المنتدى نواة لملتقى فكري دائم للمختصين في الشأن السياسي والإعلامي لمجتمع مدني يتسم بالتعددية والتسامح وحرية التعبير واحترام وجهات النظر المختلفة. ويتناول المنتدى في جلساته عدة محاور مهمة في الإعلام السياسي، وستتمحور الجلسة الأولى عن دور الإعلام السياسي في عالم اليوم, ويتطرق خلالها المتحدثون إلى الصحافة المحلية ودورها في نشر ثقافة الديمقراطية السليمة، ودور الإعلام في الرقابة السياسية والعملية الانتخابية.
«أما في الجلسة الثانية من المنتدى، فيناقش المشاركون مستقبل الإعلام السياسي، وذلك من خلال مناقشتهم للتشريعات والمواثيق العربية والوطنية المنظمة لحرية الإعلام، وكذلك التعددية السياسية وعلاقتها بالتعددية الإعلامية».
فيما تتناول الجلسة الثالثة موضوع «نحو رؤية وطنية لتعزيز وظيفة الإعلام في نشر الوعي السياسي» والذي يتناول جانبين، الأول دور الإعلام في عملية التنشئة السياسية وتعزيز اللحمة الوطنية، والثاني الفضاء الرقمي ودوره في التوجيه السياسي.
وأكد رئيس جمعية الصحافيين البحرينية مؤنس المردي، في كلمة له خلال افتتاح المنتدى، بثقة واطمئنان توافر البيئة المثالية للتنشئة السياسية السليمة في المجتمع البحريني، حيث إن المشروع الإصلاحي لجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة كان بمثابة فتح ديمقراطي هائل أدخل البلاد في مرحلة نوعية من حرية الرأي والتعبير وأعطى دفعة هائلة للمجتمع المدني فانطلقت مؤسساته وجمعياته للعمل في مختلف المجالات والميادين منها الخيرية والنسائية وكذلك السياسية التي تقوم بأدوار الأحزاب السياسية كما زادت الصحف الصادرة سواء باللغة العربية أو غير العربية فضلاً عن الحرية الواسعة للإعلام الإلكتروني الذي كان بمثابة طفرة في وسائل الإعلام ألقى بتداعياته الهائلة على التنشئة السياسية في كل المجتمعات.
وتوجه مؤنس المردي في مستهل كلمته بجزيل الشكر والتقدير إلى الشيخ خالد بن عبدالله آل خليفة نائب رئيس مجلس الوزراء لتفضله بشمول المنتدى تحت رعايته الكريمة.
وقال «نلتقي اليوم لمناقشة موضوع في بالغ الأهمية وهو «الإعلام السياسي»، مشيراً إلى أنه لا يخفى على أحد ازدياد أهمية وسائل الإعلام في العصر الحالي الذي يمكن القول بأنه عصر الإعلام والمعلومات لما له من قدرة على التأثير والإقناع وتشكيل الأفكار وصياغة الرأي العام، مشيراً إلى أن الإعلام أصبح عاملاً من عوامل التنمية والتنشئة السياسية وعنصراً متزايد الأهمية في التطوير السياسي والاقتصادي والاجتماعي والثقافي».
وأضاف أنه من المعروف أن الشباب بطبعه يميل إلى وسائل الإعلام فهم يقبلون على قراءة الصحف ويستمعون إلى الراديو ويتعرضون للقنوات التلفزيونية ومن هنا تزداد خطورة وأهمية وسائل الإعلام في عملية التنشئة السياسية إذ تأتى وسائل الإعلام في مقدمة الوسائل والمصادر التي يعتمد عليها الشباب في المشاركة في العمل السياسي كالانتماء السياسي والإدلاء بالصوت في الانتخابات والمناقشة السياسية واستقاء المعلومات السياسية ومتابعة القضايا السياسية.
وتابع «يلعب الإعلام دوراً مهماً في التطوير السياسي ونشر الثقافة السياسية عن طريق تقديم المواد والبرامج الإعلامية التي تحتوي إما مواد إخبارية وتعليمية وترفيهية وبوسائله المختلفة الصحافة الإذاعة التلفزيون الإنترنت ولما لهذه الوسائل من دور كبير في التأثير في ملايين الناس حيث باتت وسائل الإعلام تمتلك قوة كبيرة للتأثير في الرأي العام وتوجيهه».
ونوه المردي إلى أن الإحصاءات الصادرة عن تقرير الإعلام الاجتماعي العربي الصادر في عام 2011 م تشير إلى أن البحرين تحتل المرتبة الرابعة عربياً من حيث استخدامها لتلك المواقع لدى قياس المستخدمين نسبة إلى عدد السكان، كما تشير إحصاءات نادي التواصل الاجتماعي في البحرين إلى أن عدد البحرينيين المشاركين في مواقع التواصل الاجتماعي يفوق 500 ألف مشترك، وأن 63% منهم من فئة الشباب والناشئة التي تتراوح أعمارهم بين 18 و34 عاماً، وخلال العام الجاري 2013 بلغت نسبة انتشار الإنترنت في البحرين 87 في المائة وهى تعتبر الأعلى في المنطقة العربية، كما إن البحرين التي يبلغ عدد سكانها نحو 1.3 مليون نسمة تعد من أعلى الدول كذلك في نسبة النفاذ على شبكة الهاتف المحمول والتي تتجاوز 180 في المائة بواقع 2.2 مليون خط.
ووجه رئيس جمعية الصحافيين الدعوة لكافة وسائل الإعلام من خلال المنتدى إلى استغلال المساحة الواسعة من حرية الرأي والتعبير في مملكة البحرين وهذا التنوع الهائل لوسائل الإعلام الذي يفتح المجال واسعاً أمام وسائل الإعلام للعمل على استغلال هذه المقومات المهمة استغلالاً صحيحاً في التنشئة السياسية من خلال تسخير كافة الأدوات المتوفرة في بلورة آراء واتجاهات إيجابية وتكوين قيم وطنية ومحاربة جميع القيم الدخيلة والآراء الشاذة التي تقوم بتلقينها بعض المؤسسات التي اختارت أن تغرد خارج السرب الوطني وتعمل على غرس تنشئة سياسية سلبية مناقضة لما هو شائع وسائد من قيم واتجاهات وآراء وطنية.
من جهته ألقى المتحدث الرئيس للمنتدى رئيس تحرير جريدة السياسة الكويتية أحمد الجار الله كلمة خلال الحفل توجه في مستهلها بالشكر إلى راعي الحفل نائب رئيس مجلس الوزراء ومنظمي المنتدى الخليجي للإعلام السياسي، مؤكداً أن هذا المنتدى يفسح المجال للحديث عن قضية مهمة جداً لاسيما في هذه المرحلة التي تتسارع فيها الأحداث بأكثر من دولة عربية باتت فيها وسائل الإعلام موجهاً رئيساً للرأي العام.
وقال إن الإعلام أصبح له نصيب الأسد في التنشئة السياسية وتشكيل وعي المجتمع حيال قضاياه، مشيراً إلى مدى تأثير وسائل الإعلام في التنشئة السياسية كونها تساهم في تشكيل وعي المجتمع والناس وتحبط محاولات التدليس السياسي عليهم سواء فيما يتعلق بقضاياهم الداخلية والوطنية أو تلك المتعلقة بقضاياهم القومية كما تفسر مدى خوف بعض القوى السياسية من وسائل الإعلام لذلك تواجهها بالعنف وهو ما يتعرض له الصحافيون حالياً في العديد من مناطق العالم ولاسيما في بعض الدول العربية التي تشهد قلاقل أمنية.
وأضاف أنه في السنوات الثلاث الماضية أدت وسائل الإعلام دوراً كبيراً في توجيه الرأي العام في بعض الدول العربية وساهمت بقوة في الأحداث التي شهدتها لكن برزت على الهامش وسائل إعلام مأجورة لجهات لم تخف يوماً أهدافها الحقيقية ومن هذه النماذج تلك الهجمة الإعلامية التي تعرضت لها البحرين من بعض الصحف ومحطات التلفزة والمواقع الإلكترونية المرتبطة بمشاريع تفتيت وهيمنة على الإقليم يعمل نظام الملالي في طهران والقوى التابعة له على تنفيذها بشراسة.
وأشار إلى أن دور الإعلام الخليجي كان كبيراً في التصدي لهذه المشاريع التي استهدفت البحرين وقد استطاع أن يدحض الشائعات التي روجت لها تلك المنظومة الإعلامية الصفراء ويفضح تزويرها للوقائع ورغم ذلك لم تأخذه حماسة الدفاع إلى حد المغالاة بل ظهر بصورة مشرفة إعلاماً مسؤولاً يوازن بين الحقيقة والأمن الوطني ويمارس دوره في التوعية السياسية الوطنية.
وأشاد الجار الله كذلك بالممارسة المسؤولة للدور الإعلامي الوطني البحريني، مشيراً إلى أنها عبرت عن حقيقة المجتمع البحريني وما وصل إليه المشروع الإصلاحي الذي أطلقه صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة ملك مملكة البحرين المفدى وسهر على تنفيذه سمو الأمير خليفة بن سلمان آل خليفة رئيس الوزراء وسمو الأمير سلمان بن حمد آل خليفة ولي العهد بحيث أصبح المجتمع البحريني أكثر وعياً بقضاياه وهويته الوطنية والقومية.
وأكد رئيس تحرير جريدة السياسة الكويتية في ختام كلمته أن أهمية هذا المنتدى تكمن في مناقشة جملة من القضايا المتصلة مباشرة في إعادة تعريف شعوبنا ومجتمعاتنا بهويتهم الوطنية وتبصيرهم بقضاياهم وكيف يقاربونها ويساهمون في حلها من أجل مستقبل أفضل لهم وللأجيال القادمة، معرباً عن أمله أن يكون هذا المنتدى بداية لورش عمل متواصلة من أجل الوصول إلى صناعة إعلامية عربية متطورة لها تقاليدها وأعرافها وقادرة على الاستفادة مما مرت به من تجارب في العقود الماضية.