أكد مشاركون في الجلسة الثالثة من المنتدى الخليجي الأول للإعلام السياسي أن المشكلات في المنطقة العربية ليست في غياب المنظومات الإعلامية ولكن تتمركز في الحوارات الإقصائية التي تعزز الكراهية.
وأشاروا، خلال الجلسة التي جاءت بعنوان «نحو رؤية وطنية لتعزيز وظيفة الإعلام في نشر الوعي السياسي»، إلى أن الإعلام العربي فشل لأنه لم يستوعب ثورة المعلومات، ويجب على الإعلام إشباع رغبة الجميع حتى لا يبحث عنها في موارد أخرى.
وشددوا على أهمية فتح كل القنوات الرسمية وفقاً لإرادة شعبية سياسية، مشيرين إلى أن النخب السياسية والحاكمة مطلوب منها أن تدرك الفرق بين إعلام الخدمة العامة وإعلام تمليك المعلومة.
وأضافوا أن الإعلام التقليدي يجب أن يواجه المرحلة الحالية بحيث تقابل الحداثة بلغة تضيف للناس ولا تكون خصماً عليهم، باعتبار أن القارئ ذكي ويحلل كل شي بذكاء.
الدولة غير قادرة
قال ناشر ورئيس تحرير صحيفة إيلاف الإلكترونية عثمان العمير، إن الدولة غير قادرة - أياً كانت هذه الدولة - على عمل تنظيم إعلامي يحقق الغايات، وأضاف أن الدولة القطرية انتهى دورها الإعلامي، وكل الأعمال الإعلامية الناجحة في عالمنا العربي أتت بفضل عوامل فردية، ثم تأتي الدولة وتحتضنها وأخيراً ينتهي العمل الإعلامي بحالة من الإنهاك والذوبان.
وطرح مدير الجلسة الثالثة رئيس تحرير صحيفة الوطن يوسف البنخليل، تساؤلاً حول هل نحن بحاجة لمنظومة عربية موحدة. إن كل عمل إعلامي ناجح يجب أن يخلو من يد الحكومات وأن يحول الدعم الحكومي إلى صندوق لا تملكه شأنه صناديق التربية وغيرها، ويديره مختصون.
وأشار إلى أن تنشئة المواطن في مرحلة ثورة المعلومات من الصعب تحديد كيفيتها التي ينشأ فيها أحد.
وفي سؤال لمدير الحوار عن كيفية ضمان العمل الناجح، قال العمير إن تجربة بي بي سي فيها خير مثال، إذ استطاعت أن تكون بعيدة كل البعد عن الدولة فهي تدار من خلال مؤسسات بريطانية، ومناصبها تتم بالانتخاب، وليس للدولة فيها أي شيء. كما إن «بي بي سي» مازالت تعمل بحيادية ومهنية مهما قيل عنها، فهناك من يحاولون استقلالها دون جدوى وهناك من يتسولون إليها مثلما كان وينستون تشرشل.
من جانبه، قال المستشار الإعلامي والرئيس السابق لكل من (بي بي سي) و(ياهو) في الشرق الأوسط حسام السكري، إن لنا دوراً أكبر من حجمنا، وعندما نتحدث عن الإعلام نتحدث عن دور يفوق إمكاناتنا، ونجد أن أكثر طموح لنا دائماً هو كيف يتحول المشهد من حالة إلى أخرى نريدها نحن، حتى وصلنا إلى مرحلة تشكيلات الإعلام الاجتماعي التي تصوغنا، بالرغم من حدوث بعض التأويلات في عدد من النشاطات.
وأوضح أن تكوين الثروة يكون دائماً من أفراد أو مجموعات يثريها الجمهور من خلال التفاعلية ومثال لذلك موقع التواصل فيس بوك. وأشار إلى أن الطريقة لفهم المنظومة الإعلامية لا بد أن تسبقه معرفة استهلاك المعلومة، كما إن هناك نمطاً جديداً في التدريس على هذا النحو، من خلال بث فيديو يؤكد حقائق غير موجودة على أرض الواقع ويقنع المتلقي بها، كناية عن تأثير وسائل الإعلام الجديد.
وأشار السكري أن برنامجي في بي بي سي (نقطة حوار) كشف لي أن الخلاصات والنتائج في الحوار غير مهمة بقدر طريقة الحوار التي تعزز ثقافة الاستماع للآخر ولمختلف الآراء والأيدلوجيات، وأن محاور البرنامج تقوم على شق إخباري وتوعوي وإبداعي.
وأشار إلى أن البرنامج قابل للتطبيق في المنطقة العربية، كما إن هناك نماذج لبرامج مماثلة أخرى. مشدداً على أن مشاكلنا ليس غياب المنظومات الإعلامية ولكن الحوارات الإقصائية التي تعزز الكراهية.
ما يحدث بالإعلام ظاهرة صحية وليس فوضى
فيما ذكر جميل الذيابي رئيس التحرير المساعد لصحيفة الحياة - السعودية: إن الحكومات كانت تساعد نفسها من خلال سماعها ما تريد على شاشاتها وتغيب ما دون ذلك، أما اليوم نحن في حاجة إلى التغيير وفي حاجة إلى التكاملية، فالإعلام الجديد أصبح بسيطاً ويخاطب بسطاء ويوصل رسالته ببساطة للجميع، لذلك فإن الإعلام التقليدي يجب أن يواجه هذه المرحلة بحيث تقابل الحداثة بلغة تضيف للناس وليس تكون خصماً عليهم، باعتبار أن القارئ ذكي ويحلل كل شيء بذكاء. وفيما يسمى بالربيع العربي عندما قيل لجمال مبارك إن كل تلك التوترات من شباب الفيس بوك سخر من ذلك.
إذا لم يجد جيل اليوم في وسائل الإعلام طموحاته سيصبح لديه الرغبة في حلحلة هذه الأمور بمعرفته، فإذا كانت التنشئة جزءاً من ثقافة التربية فلابد أن تتكامل.
ورداً على سؤال من الجمهور حول (كيف نستطيع من خلال الفوضى الدائرة حالياً البناء بطريقة صحيحة؟). قال جمال الذيابي: ما يحدث في الإعلام ظاهرة صحية وليس فوضى بأي حال من الأحوال، وحاجتنا تتمثل في التنقيح الصحيح، كما إن الحاجة الملحة اليوم هي أهمية الفرز، فعندما تنعكس الآراء ويصبح الوعي هو المحصلة النهائية، ومثال لذلك رجل الدين الذي يكفر الآخرين ولا يعطي أسباباً نتجاهله في تكفيره لأي كان من الناس، ومما هو معلوم أن الدين ثوابت ليس فيها خلاف في الدين، أما الفروع فإننا مفتوحون على الاجتهادات الصحيحة المسندة على أسس قوية.
وأوضح أن الحداثة والتطوير يجب أن تعودا من القاع، وإلا كانتا نوعاً من الترف، كما يجب مأسسة المجتمع لنكون التنظيمات التي نسعى إليها.
بينما قال الكاتب الصحافي البحريني عبيدلي العبيدلي إن الإعلام العربي فشل لأنه لم يستوعب ثورة المعلومات، ويجب على الإعلام إشباع رغبة الجميع حتى لا يبحث عنها في موارد أخرى، كما يجب علينا التنظيم في كل وسائل الإعلام، حيث لا يعقل أن ندفع ثمن جريدة كاملة ولا ننظر إلا في حوالي 15% منها فقط. علماً أن مؤسسات المجتمع المدني كلها مسيسة. وذكر السكري عندما نتحدث عن المنظومة لا نعني الصحف التقليدية وإنما كل المتفاعلين على وسائل التواصل الاجتماعي وكل المغردين. فالجيل الحالي وضع تحدي غير مسبوق وهو لكل المؤسسات القائمة التي تحتكر السلطة والثروة وغيرهما.
وأضاف أن برنامج «نقطة حوار» لا يستطيع في 90 دقيقة أكثر من 15 شخصاً من بين آلاف الذين يسعون لفرص وهذا حال كل الحوارات، لا تستطيع أن تستوعب كل الذين لديهم وجهات نظر. وأشار إلى أن أهم شيء في الإعلام الجديد أنه ألغى الأستذة فقبل أيام قابلني في مصر وقال لي نحن أصبحنا ندير حوارات على مواقع التواصل الاجتماعي وكلنا أساتذة يا حسام. وشدد جمال على أهمية فتح كل القنوات الرسمية وفقاً لإرادة شعبية سياسية، وأشار السكري إلى أن النخب السياسية والحاكمة مطلوب منها أن تدرك الفرق بين إعلام الخدمة العامة وإعلام تمليك المعلومة.
{{ article.article_title }}
{{ article.formatted_date }}