كتب - محرر الشؤون المحلية: أكد خبراء أن إيران تسعى إلى اغتيال الشخصية البحرينية، وطمس معاني التسامح والوحدة الأصيلة فيها عبر إثارة النعرات الطائفية ودفع البعض لانتهاج العنف لزعزعة الأمن والاستقرار، وقالوا إن طهران جيشت وسائل الإعلام والقنوات الفضائية التابعة لها فضلاً عن تصريحات مسؤوليها المتكررة، والدعم المادي لأتباعهم في الداخل بغية إثارة الفتن والقلاقل والتدخل في الشأن الداخلي البحريني لتحقيق مصالحها على حساب وحدة شعب البحرين واستقراره، مشددين على أن المعول الرئيس يقع على وزارات الدولة المعنية ومنظمات المجتمع المدني، ووسائل الإعلام لنشر الوعي وتعزيز ثقافة التسامح والوحدة الوطنية. وأشاروا إلى أن مساعي إيران للتأثير في هوية وخصائص الشخصية البحرينية باءت بفشل كبير في معرض محاولاتها لحرف سلوك المواطن البحريني نحو العدوانية والعنف، بما يتنافى مع وحدة المجتمع بطوائفه وأديانه كافة، مؤكدين أن هناك قلة محدودة ومحصورة هي التي تأتمر بأمر إيران وتحمل أجندتها بعدما قضت فترات سابقة في إيران ثم عادت إلى البحرين مستغلة العفو الشامل الذي تمتعوا به مع انطلاقة المسيرة الإصلاحية. وأكدوا أن اللجوء للعنف والتخريب وإرهاب الآمنين، سلوكيات وظواهر مستوردة وغريبة عن المجتمع البحريني المعروف بعاداته وتقاليده، وأوضحوا أن تلك المظاهر المرفوضة بدأت في الظهور عقب ما سمي الثورة الإسلامية في إيران التي انتهجت القتل والإعدامات والعدوانية ضد معارضيها في داخل إيران وعملت على إشاعة هذه الثقافة العدوانية في كل بلد تصل إليها يدها، مثلما حصل في لبنان عقب الحرب الأهلية، والاغتيالات التي طالت شخصيات عامة سياسية وإعلامية هناك، فضلاً عن ممارسات حزب الله ذراع الولي الفقيه في لبنان المنافية للوطنية والديمقراطية والسلم الأهلي. ولفت الخبراء في حديثهم لـ«الوطن”، إلى أن المحاولات الإيرانية والدعم المادي والإعلامي لمثيري العنف مازال مستمراً وأنه بات واضحاً ومكشوفاً بشكل يستحيل إخفاؤه أو التستر عليه، حيث لعبت تصريحات المسؤولين الإيرانيين بمختلف طبقاتهم دوراً كبيراً في تأجيج الوضع الداخلي في البحرين خلال الأزمة، فضلاً عن الدعم القديم لمحاولات قلب النظام منذ أواخر الثمانينات وبداية التسعينات التي كشفت عنها أجهزة الأمن البحرينية في حينه، والذي أظهر باعترافات المتورطين كيف عملت إيران على تجنيد البعض وتدريبهم في لبنان عن طريق سوريا على أعمال الإرهاب والتخريب. شعب منصهر بمجتمع واحد وقال أستاذ ورئيس قسم علم النفس بجامعة البحرين د.شمسان المناعي: “إن شعب البحرين بمختلف طوائفه مسالم ولم يعرف العنف أو الأعمال العدوانية طيلة مراحله التاريخية، حيث كان بعكس ذلك بطائفتيه منصهراً في مجتمع مدني واحد في مختلف المعاملات، مشيراً إلى أنه: يبدو أن سلوك العنف والعداء هو سلوك غريب ومستورد من إيران التي تعودت على أعمال القتل والتعذيب إثر الثورة الإيرانية حتى مع المعارضة عندهم”. وقال إن: إيران صدرت هذا السلوك إلى لبنان، ورأينا أعمال القتل والعدائية والتفجيرات التي طالت الحريري والشخصيات التي كان لها دور بارز، مؤكداً أن هذه الممارسات ما كانت يوماً من أفعال المجتمع العربي، وهي مخطط لها من جهاز الأمن الإيراني والحرس الثوري، وهذا يؤكد أنه سلوك مستورد، وفي البحرين في عام 1989 حين كشف المخطط الإرهابي، كانت هناك خلايا على اتصال مع إيرانيين في لبنان عن طريق سوريا. وأوضح أن نفس المشهد يتكرر الآن مما يدل أن إيران لها ضلع ودور كبير في تزويد ومد هؤلاء الخلايا النائمة بمختلف الوسائل، وأساليب تصنيع القنابل مؤكداً أن ذلك ليس مجرد أفعال صبيانية إنما أعمال احترافية من قبل أناس مدربين، مشيراً إلى الدعم الإعلامي الواضح، حيث أطلق وزير الخارجية الإيراني صالحي، منذ بداية أحداث فبراير العام الماضي قرابة 15 تصريحاً ضد البحرين إضافة إلى تصريحات نجاد، ونائب وزير الخارجية، كان لها دور في تأزيم وإثارة الفتنة في البحرين، مما يثبت التدخل الخارجي الواضح للعيان. إضافة إلى القنوات الفضائية التي تمدها إيران بمختلف وسائل الدعم للتحريض وإثارة الفتن والقلاقل في البحرين. وأشار إلى الدور التحريضي الذي تلعبه رؤوس الفتنة في لندن الذين عاد بعضهم إلى البحرين وتبوؤوا مناصب إعلامية وغيرها، وكان بعض هؤلاء قبل المشروع الإصلاحي يعيشون في إيران وتمدهم بالأموال والدعم لتشويه الوضع في البحرين وخلق رأي عام مضاد لمصالح البحرين، مستغلة وجود الطائفة الشيعية في المملكة. وأكد د. شمسان المناعي أن إيران فشلت حتى الآن في تحقيق مرادها حيث إن مجموعة محصورة ومحدودة في حدود ضيقة من العائدين من الخارج، مشدداً على أن الطائفة الشيعية بريئة تماماً من هذه الأعمال، وأضاف أنهم أصيبوا بصدمة نفسية بعدما لم تتحقق مخططاتهم لضرب استقرار البحرين، وبعد يأسهم من أي تجاوب لإحداث ثورة على غرار ثورات الربيع العربي، وهو ما انعكس على فبركة الأخبار والتضليل الإعلامي والأكاذيب بقصد تشويه الوضع في البحرين، مثل ما تقوم به قناة العالم التي نشرت أن القتلى في البحرين بالمئات، وأن طائرات درع الجزيرة تقصف المتظاهرين وهو مناف للواقع تماماً، حيث تعاملت قوات الأمن بحنكة وتعامل حضاري، رغم أعمال العنف وقطع الطرق التي قام بها بعض المتظاهرين. ودعا وزارات الدولة المعنية ومنظمات المجتمع المدني ووسائل الإعلام إلى القيام بدورها في التوعية المجتمعية وإشاعة ثقافة التسامح وتقوية الجبهة الداخلية، ونبذ الكراهية والعنف، لمواجهة الهجمة الإعلامية التي تواجهها البحرين التي تسعى لتغيير الاتجاهات نحو الطائفية البغيضة، محذراً من النتائج السلبية لانتشار بعض الظواهر السلبية مثل المقاطعة، مؤكداً على ضرورة التوعية بالمصير المشترك لأبناء شعب البحرين كافة. فشل دعوات التحريض من جهته، قال عضو مجلس النواب أحمد الملا إن السواد الأعظم من أفراد المجتمع البحريني لم يتأثر بدعوات التحريض على العنف والتخريب التي تبثها إيران، موضحاً أن هناك فئة معينة هي التي تأثرت ومازالت بالفكر الإيراني وتحريض ولاية الفقيه الموجه لتلك الفئة، ممن سماهم ضعاف النفوس. وأضاف أن “تلك الفئة هي التي لديها قابلية للتفاعل مع الدعم والأجندة الإيرانية وهي من خرجت لارتكاب العنف في الشوارع واستغلال الأطفال والنساء في أعمال التخريب والفوضى، مؤكداً أن تلك الفئة التي مازالت تسمي نفسها معارضة لا تمثل الطائفة الشيعية جميعها، ولا يمكن اتهام جميع الطائفة بسبب ممارسات تلك الفئة”. وأكد أن التصدي لمحاولات غير أن إثارة العنف في البحرين والخليج يكمن في دور المواطن البحريني المخلص، والجمعيات السياسية والاجتماعية للتصدي للفكر التحريضي الذي تعمل على نشره إيران، موضحاً أهمية الدور الملقى على وسائل الصحافة والتلفزيون لبيان الصورة الواضحة وتبيان حقيقة المؤامرات التي تخطط لها طهران للنيل من وحدة المجتمع البحريني. تصدير الثورة الإيرانية وبدورها قالت أستاذ الإعلام د. خلدية آل خليفة: “إن النظام الإيراني منذ قيام الثورة في 1979 سعى لتصدير فكر الثورة القائم على التغيير في العقيدة السياسية من خلال البوابة الدينية، لإحداث التغيير في الخليج بل والعالم، حيث في أفريقيا لهم مدارس دينية بحسب المفهوم الإيراني، موضحة أن هذا السبب يقف خلف ما نراه من قوة في الإعلام الإيراني ونتاج خطة طويلة الأمد للوصول إلى العقل العربي. وقالت إن الحل للتصدي لمؤامرة تمتد 32 عاماً يتطلب الحزم ولا ينفع معها النعومة، داعية للعمل على إغلاق كافة القنوات التي تفتح مثل هذا الفكر الذي وصفته بالفاشي(...)، فهذا ليس مذهباً وعقيدة، هذه عقيدة سياسية تسعى لابتلاع العالم ليس الخليج وحده، وهناك جهل بخطورة هذا التأثير. وأضافت أن “الحل أيضاً يكمن في استعادة الفكر المغيب والمغسول دماغياً بواسطة الماكينة الفكرية التي تعمل منذ وقت طويل،(...) أنا أعول دائماً على العلم البوابة الأساسية للولوج للوعي، وتابعت: نحن نعرف أن هؤلاء الناس هم الذين ساندوا الثورة في إيران حين قيامها، بعض هؤلاء يتميزون بالطيبة لكنهم من باب العقيدة يفقدون السيطرة على أفعالهم”. مجابهة الطائفية وقال د. أحمد بخيت إن التصدع والغضاضات التي شهدتها البحرين خلال الأزمة بين الجيران وزملاء الدرس والعمل وحتى بعض الأسر المختلطة الانتماء المذهبي، كان نتيجة الاضطرابات التي ألمت بالبحرين وعززت من الاحتقان الطائفي، موضحاً أن طريق الحل يجب أن ينطلق من السعي المشترك من كل طوائف المجتمع وشركائه بتغليب قيم الاتفاق وتعظيمها، ومجابهة الطائفية والولاءات الخاصة بكل قوة عاقلة متبصرة، بغرض صياغة العيش المشترك وقبول الآخر مع احترام خصوصيته الطائفية والمذهبية. وأكد أن حكومة مملكة البحرين أدركت ما للأحداث من أثر على الوشائج الاجتماعية واللحمة وطنية، فاتخذت قراراً غير مسبوق على أي مستوى محلي أو دولي، وذلك بتشكيل اللجنة البحرينية المستقلة لتقصي حقائق هذه الأحداث واقتراح التصورات الملائمة لعلاجها، والعمل الفوري على إنجازها، ولو استدعى ذلك التسامح مع كثير المظاهر التي أثرت سلباً على طرفي الأمة. وأكد أن المشتركات أكبر وأكثر وأقوى بما لا يحصى عدداً وعدة من أسباب الخلاف، داعياً الجميع إلى المساهمة وبأقصى طاقة وأشد حرص لافتا إلى أن البلاء لن يصيب أحداً دون الآخرين.