حوار - أبو ذر حسين وسلسبيل وليد:
أكد الرئيس التنفيذي لهيئة تنظيم سوق العمل أسامة العبسي، أن معدل تسفير العمالة السائبة زاد العام الحالي بنحو 500-600% عن العام الماضي، مشيراً إلى أن أكثر الجنسيات المخالفة لقوانين العمل في البحرين هي الجنسية البنغالية، وأن إغلاق طيران الخليج منذ مارس الماضي لـ»خط دكا» أسهم كثيراً في تأخير عمليات الترحيل.
وقال أسامة العبسي، في حوار مع «الوطن»، إن ما ورد في تقرير ديوان الرقابة الإدارية والمالية من أرقام بشأن الهيئة تعد مفخرة لها. مشيراً إلى أن التقرير أورد أن 4 آلاف من بين أكثر من 500 ألف لم يؤدوا الفحص الطبي «أي» بما يعادل 0.8%، وهذا إنجاز كبير لهيئة سوق العمل.
وأضاف أن الهيئة ليس لها صلاحيات للمعاقبة أو غلق السجلات التجارية أو فرض غرامات.
وعزا عدم تفتيش أكثر من 16 ألف منشأة نشطة تشغل ما يقارب 71 ألف عامل أجنبي منذ حوالي 7 سنوات، إلى أن الهيئة لديها 34 فريق تفتيش تضم 70 مفتشاً مطلوب منهم عمل 380 زيارة في اليوم. مبيناً أننا نقيم المناطق التي نزورها ونختارها بعناية، ووصف الأسلوب بالأجدى.
وحول تجديد تراخيص عمال تفوق أعمارهم الـ60 عاماً قال العبسي إن للهيئة سلطة تقديرية، تراعي النواحي الاقتصادية وعدم الإضرار بالتجار والمقاولين وغيرهم. مستدركاً أن «الهيئة لا تجدد لتلك الفئة بشكل كامل، وإنما لفترة محددة أكثرها سنة واحدة. اللجنة تبت في اليوم على الأقل ما بين 30-40 طلب تجديد، ويقاس أيضاً عدد مرات تغيير أعضاء اللجنة، وأكثر من 60%، باعتبار أن وجود لجنة مستمرة فيها شبهة.
الفحص الطبي:
ما حقيقة التهاون في تطبيق الإجراءات الطبية على عدد من العمال المستخدمين خصوصاً وأنهم يعملون بأماكن حساسة.. وما هي الخطوات العقابية التي اتخذتموها تجاه المقصرين في تطبيق الإجراءات؟
حينما يتقدم صاحب العمل بطلب استقدام عامل أجنبي، يطلب منه ضمن الإجراءات المتبعة، إرفاق نسخة من الفحص الطبي للعامل، مستخرجة من مركز صحي معتمد من قبل مكتب وزراء الصحة الخليجيين في بلده، ولا يقدم الطلب إلا بفحص طبي معتمد من وزارت الصحة في دول مجلس التعاون.
كما استحدثنا نظاماً لربط المطار بالصحة، لذلك حينما يصل العامل إلى المطار، يعطى موعداً لفحص طبي في مركز الرازي الصحي، وفي حال عدم ذهابه بالموعد المحدد، يتم تذكير صاحب العمل بأن العامل لم يذهب لموعده، ويخير ما بين حجز موعد يكون بديلاً له، أو الاتصال لتحديد موعد آخر مناسب، وحينما لا يتصل أو يذهب للفحص، بالتالي نوقف معاملات ذلك السجل المستقدم عليه العمالة، ويمهل صاحب العمل شهرين، ومن ثم نوقف جميع السجلات التابعة له، كإجراء إداري، وليس لدينا صلاحيات غلق السجلات، كما إن الهيئة لا تفرض إجراءات عقابية كالغرامات أو غيرها.
إذاً.. ما هي الآلية لإخضاع العمال للإجراءات الطبية؟
توضع مخالفة على العامل، وعند القبض عليه يرحل، عوضاً عن مخالفة صاحب العمل، وإيقاف جميع معاملاته، وذلك أقصى ما يمكن عمله بموجب القانون، فهناك أصحاب عمل جلبوا العمالة وتركوها في الشارع، ومن ثم أغلقوا المؤسسة، ولا يريدون إجراء معاملات أخرى مع الهيئة.
وإذا كان عندي 500 ألف عامل أجنبي، لم يؤد 4 آلاف منهم الفحص الطبي، فذلك يعني أن المتخلفين نسبتهم 0.8% فقط.
وأشير إلى أن ديوان الرقابة المالية قبل رد الهيئة بخصوص تلك النقط، وأوصى بالمواصلة في تلك الإجراءات، ومن ثم وضع ذلك كملاحظة في تقريره. كما يجب الإشارة إلى أن الـ4 آلاف الذين ضرب بهم المثل، ليس هناك أية خطورة منهم، لأن الفحص الطبي أجري لهم فعلياً في بلدانهم، كما إنه من خلال معاينة المحلات التي استقدموا للعمل فيها، سترى بأنها مغلقة وغير قائمة.
وفيم تتمثل الإجراءات المتبعة لصاحب العمل؟
الإجراءات تتم من خلال البريد الإلكتروني والهاتف والبريد المسجل والزيارة التفتيشية فقط، فالهيئة تتعامل مع نصف مليون شخص، منهم الضحية والمجرم والمحكوم عليه، وتنظم وجود أكثر من 60 ألف صاحب عمل. فمن خلال النظر للأمر بصورة كلية، فإن الـ4 آلاف حالة شاذة نسبتها أقل من 1%، فيما الـ99.2% التزموا بمواعيدهم المعطاة لهم في مطار البحرين، لذلك فإن الإجراءات بحد ذاتها أمر فعال، ونحن نعمل بما يمليه علينا القانون، ولو أعطانا المزيد لطبقنا المزيد، ومن يريد ذلك فعليه منحنا الأداة القانونية.
وبصفتي الرئيس التنفيذي للهيئة، فإني أبلغ وزارة التجارة والصناعة، بخصوص المحلات المغلقة خلال أوقات الزيارة الميدانية، ليتخذوا الإجراءات اللازمة حيال ذلك، كونه يندرج ضمن اختصاصهم، وليس من اختصاصي أكثر من التبليغ عن المخالفين.
ما هي استثناءات تراخيص مزاولات العمل؟
وهناك حالتان يسمح لهما القانون مزاولة العمل دون ترخيص، أولهما إن كانت طبيعة العمل تقل عن 15 يوماً، مثل المشاركة في المعارض المحلية، والأخرى والثانية استضافة الفنانين وفرقتهم المصاحبة لإحياء ليال، وفي حال طالت مدة المعرض عن ثلاثة أسابيع، وما دون ذلك يستوجب التنسيق المسبق لعدم حدوث المخالفة.
ونفس الآلية للفنانين دائمي المشاركة في حفلات الفنادق وغيرها، فيطلب منهم إجراء فحص طبي بمركز الرازي الصحي.
وحاولنا وضع آلية لوجودهم، في ظل وجود جهة تنظيم يتبعونها وهي «إدارة السياحة»، التي تصدر موافقة الاستقدام، ولا يمكن للهيئة أن تعرف طبيعة ذلك العمل، لذلك وضعت آلية تنسيق مشتركة وتم الاتفاق عليها، إلا أن الإمساك بأكثر من شخص مخالف أثر على ذلك العمل المشترك.
وفي ما يتعلق بالجانب الطبي، فإن كل ما له ارتباط بحياة الناس فهو قائم، والهيئة لا علم لها بالمستشفيات أو وزارة التربية والتعليم واحتياجاتهم، وأصبح التنسيق معهما متاحاً بعدما عين شخص مختص بكل منهما.
تفتيش المنشأة:
ما هي الأسباب وراء عدم تفتيش أكثر من 16 ألف منشأة نشطة تشغل ما يقارب 71 ألف عامل أجنبي منذ حوالي 7 سنوات؟
العمالة السائبة أو المخالفة مشكلة نحاول جميعاً إيجاد حلول جذرية لها، وديوان الرقابة المالية يخبرنا بوجوب عمل زيارة واحدة سنوياً لكل مؤسسة، لذلك فإن الهيئة بحاجة إلى مفتشين، فالفريق التفتيشي يتكون من شخصين، وتتراوح زياراتهم اليومية ما بين 4-5 زيارات.
كما إن المفتش أحياناً حينما يزور مكتب مقاولات، فإن صاحب العمل يخبره بوجود 50 عاملاً في الموقع الفلاني، وكذا في موقع آخر، لذلك فإن بعض المؤسسات تحتاج في بعض الأحيان إلى 3 زيارات، نظراً لاختلاف مواقع العمل التابعة لها. وليس هناك زيارات مسائية.
وفي ظل وجود أكثر من 10 آلاف شركة مقاولات، و80 ألف عامل. وبتقسيم تلك الأرقام على 210 يوم عمل، فذلك يعني 380 زيارة في اليوم الواحد، ما يعني حاجة الهيئة إلى 76 فريقاً، أي 152 مفتشاً، بينما عدد الفرق الحالية 34 فريقاً، وأقل من 70 مفتشاً، وهو أقل من نصف العدد المطلوب، لذلك فأنا أحتاج زيادة مرتين ونصف في الطاقة الحالية لتغطية عمليات التفتيش.
كما إنه ليس كل المفتشين باستطاعتهم الخروج ميدانياً في كافة الأوقات، إذ نحتاج منهم من يستقبل الناس ولديه صلاحيات الضبطية القضائية، ليتسنى له فتح محضر، والتي لا يمكن أن توكل لغيره.
وأعلم بمدى الضغوطات على الميزانية، فالمسألة لا تقتصر على راتب فقط، وإنما سيارة وجهاز بصمة إلكتروني قيمته 4 آلاف دينار، وكل جهاز بحاجة إلى زيادة الطاقة الاستيعابية للنظام الذي يتعامل معه، إذ إنه يتعامل مع 8 أجهزة متصلة في وقت واحد.
ويكمن الحل في عدم وضع الطاقة المتوفرة من المفتشين في أماكن معينة، ومحاولة جعل الزيارات مركزة ومبنية على أسس وليست عشوائية، أفضل من زيارة جميع السجلات، وننوه إلى أن ذلك سيؤدي إلى خفض الفاعلية وضياع الوقت في زيارة مؤسسات ملتزمة بالقوانين وليست بحاجة لزيارات.
ما أكثر الجنسيات المخالفة؟ وما هي معوقات تسفير المخالفين؟
غالبية العمالة المخالفة من الجنسية البنغالية، وفي حال امتلاء مركز الإيواء بالطاقة المسموحة له؛ والمشكلة التي نواجهها حالياً أن طيران الخليج ألغت خطوطها مع بنغلاديش منذ 31 مارس من هذا العام، ما يضطر الهيئة لحجز رحلتين لكل عامل، من البحرين إلى إحدى الدول (ترانزيت)، ومن ثم إلى دولته، وتلك الرحلات عليها ضغط.
كما إن إحدى المعوقات الأخرى تكمن في عدم امتلاك العامل لجواز سفر، لذلك يحتاج إلى ورقة مرور من سفارته، ولا يمكن أيضاً السيطرة على تعاون السفارات، وفي حال تأخر تلك الإجراءات، فإن ذلك يؤثر سلباً على عمل المفتشين، وفي أحيان كثيرة يشتكي مدير التفتيش من امتلاء مركز الإيواء.
وتباحثنا مع طيران الخليج حول أن الجالية البنغالية ثاني أكبر جالية في البحرين، وطلبت الهيئة إعادة الخطوط مع بنغلاديش، فوعدونا خيراً، إذ إن الانسداد في أي مرحلة يوقف العملية بأكملها.
ما هي مصادر التفتيش لديكم؟ وما هي أكثر مراكز تجمع العمالة السائبة؟
لدينا أكثر من آلية للتفتيش، فهناك التفتيش الدوري، والبلاغات، والخط الساخن، المستخدم من قبل المواطنين للشكوى على وجود عمالة سائبة في المناطق السكنية، ما يجعلنا نقصد بشكل فوري تلك الأماكن لتفتيشها، كما إن الاعتماد على التفتيش المفاجئ مجدٍ بشكل كبير.
وأجزم بأننا في 2013 أفضل بـ400 مرة من السنوات السابقة، وسيظهر نهاية ديسمبر تقريرنا حول مقارنة أدائنا خلال العام الجاري بسابقه، من خلال الجداول والبيانات المسجلة، وسننظر هل باعتمادنا لهذه الآلية نحقق الأحسن أم الأسوأ.
ومن أكثر مراكز تجمع العمالة السائبة تلك المنطقة الواقعة في الحجيات، حيث يتجمعون بغرض غسيل السيارات؛ كما إن المخالفات في ازدياد ومعدل التسفير بلغ 500-600% خلال العام الجاري.
وهدفي السيطرة على العمالة السائبة والزيارات الميدانية وسيلة وليست غاية، فكم من أشخاص أحيلوا للنيابة ودفعوا غرامات!، ولا أخطئ أي جهة رقابية في عملها، لكن في حال محدودية الموارد، يجدر بنا التوجه نحو الأولويات.
كما إن الإدارة المعنية بمراجعة طلبات العمال، تبحث فيما لو كانت هناك أوراق مقدمة مشكوك فيها أو غير سليمة، وبدورها تتواصل مع إدارة التفتيش لنقل شكوكها، كما يظهر النظام لدى الهيئة؛ المؤسسات التي عليها بلاغات كثيرة أو العمال الذين لم يجددوا التصاريح.
أنا بحاجة إلى توجيه أكبر طاقتي للجهات الأكثر فعالية، إذ إن وزارة الداخلية تخصص رجل أمن مع كل مفتش، كما وقعنا معهم مذكرات تفاهم، ووسعنا مركز الإيواء، حتى أصبح مقدار استيعابه يبلغ 300 فرد، ورفعنا عدد المفتشين من 30 إلى قرابة الـ70، جميعهم يمتلك جهاز البصمة الإلكتروني.
ويجب أن يصل الفريق الواحد لأقصى درجات الفاعلية، فجهاز البصمة يظهر مكان المفتش بدقة ويخزن تلك المعلومات، لذلك ففي حال كتابة المفتش لمحضر، فإنه يواجه به صاحب العمل، ويعرض عليه التصالح، أما إن لم يكتب المحضر بشكل صحيح، فمن حق صاحب العمل الرفض، وفي ذلك الموقف تحال الأوراق للنيابة ويفصل فيها وكيل النيابة.
تصاريح العمل وتجديدها تتم وفقاً لآلية محددة، ولكن هناك تجاوزات في التجديد خاصة؟
بالفعل هناك آلية لتجديد تصاريح العمل، فلدى الهيئة نصف مليون عامل مسجل، منهم حوالي 5% يطالبون بالتجديد، و200 طلب استقدام يومي، لذا يجب في عملية التجديد فهم متطلبات التاجر، والتحقق من مؤهلات المهن التقديرية، وبنص القانون، ويتم تحديد العمال بعد تشكيل لجنة وزيارات متعددة، وحسب رؤية اللجنة التقديرية لحاجة صاحب العمل، ويحدد عدد العمال، ويتغير أعضاء اللجنة باستمرار.
اللجنة تبت في اليوم على الأقل ما بين 30-40 طلب تجديد، ويقاس أيضاً عدد مرات تغيير أعضاء اللجنة، وأكثر من 60%، باعتبار أن وجود لجنة مستمرة فيه شبهة، وفي حال تعمد رفض طلب معين بشكل عمدي، يحول المسؤول عن الرفض للنيابة، ورئيس اللجنة مسؤول عن ذلك.
وأكاد أعرف ما تعنيه من تجديد ستيني، فكما قلت يجب تفهم حاجيات التجار والمقاولين في ذلك، فإننا ننظم العمالة للتنمية الاقتصادية ولا نهدم الكوادر البشرية المنتجة، حيث إن على صاحب العمل أن يبين لنا -مثلاً- أن ذلك العامل الستيني لا يعمل بيديه ولكن يقود فريق عمال ويعرف نفسياتهم واحتياجاتهم التي تمكنهم من أداء العمل، ففي هذه الحالة أجدد لذلك الستيني لفترة محددة (أكثرها سنة واحدة) حتى ينظم صاحب العمل ظروف عمله الداخلية. ومثل ذلك الستيني هناك الخياط الفنان وعامل البناء الذي يضبط العملية في شركات المقاولات وغيرهما. فتكون السلطة التقديرية هي المجدد الأول، ويتم التجديد من خلال لجنة يقودها أكثر موظفي الهيئة خبرة.
ما السر وراء قيام وزير العمل بالعمل في قطاع الشؤون الأهلي ورئيساً لمجلس إدارة هيئة تنظيم سوق العمل في آن واحد؟
إن القانون لم يمنع الازدواج، وكذلك من الممكن أن يكون هناك شخصان مختلفان، والوزير المعني بشؤون العمل يمثلنا سياسياً بمجلس النواب، ومجلس الإدارة والرئيس التنفيذي يعينان بمراسيم ملكية، لذلك ليس لهما يد في التعيين أو ما سواه، ولا يمكن لرئيس مجلس الإدارة فرض نفسه.
لماذا التجاوزات في عمليات التدقيق السنوية؟
لا يمكن أن تكون هناك تجاوزات، فعمليات التدقيق التي تخضع لها الهيئة تجعلها بمنأى عن أية تجاوز، حيث إن الهيئة تخضع لتدقيق الأداء كل ثلاث سنوات، وهو ذا سمعة دولية، فلجنة التدقيق نص عليها القانون، عوضاً عن المدقق الخارجي والداخلي ومجلس الإدارة، وإضافة إلى ذلك هناك تدقيق ديوان الرقابة الإدارية والمالية، وتدقيق الخدمة المدنية، ووزارة المالية فضلاً عن الجانب التشريعي.
وأنا أتساءل كيف يكون لهيئة كل تلك الجهات التدقيقية وتتجاوز؟
أنا مرتاح ولا أرى في ما ورد في تقرير ديوان الرقابة الأخير ما يضر الهيئة، بالعكس إن ملاحظات وتوصيات الديوان ستطور من مستوياتنا وسنتبناها.
والتقرير ذكر أموراً كثيرة ولكن أهم شيء ما لم يذكر في التقرير، ونحن فخورون بما ورد من أرقام لا تمثل في مجملها إلا إنجازات لنا.