عواصم - (وكالات): طالبت قيادات في قوى «14 آذار» اللبنانية المناهضة لنظام الرئيس بشار الأسد بتشكيل حكومة من دون «حزب الله» الشيعي اللبناني الذي تتهمه بسلسلة اغتيالات في لبنان طال آخرها أمس الأول الوزير السابق محمد شطح، وذلك بعد أكثر من 8 أشهر من الفراغ الحكومي.
وقال منسق الأمانة العامة لقوى «14 آذار» فارس سعيد «طرحنا فكرة تشكيل حكومة تضم ممثلين عن فريقنا ووسطيين. لم نعد نريد حكومة حيادية، نريد حكومة تكون فيها الحقائب الأمنية لقوى 14 آذار لنتمكن من حماية أنفسنا وحماية المواطن اللبناني».
وأشار إلى أن الطرح «قيد الدرس تمهيداً لاحتمال تبنيه رسمياً» من تحالف الشخصيات والأحزاب الذي كان ينتمي إليه شطح.
واستقالت حكومة تصريف الأعمال الحالية التي يرأسها نجيب ميقاتي في 22 مارس 2013، وسمي النائب تمام سلام المنتمي إلى تحالف قوى 14 آذار لتشكيل حكومة جديدة. لكن لم يتمكن من إنجاز ذلك بسبب الضغوط التي يمارسها حزب الله المطالب بحكومة وحدة وطنية. ورفضت قوى 14 آذار منذ البداية المشاركة في حكومة إلى جانب حزب الله، وطرحت تشكيل حكومة حيادية من مستقلين أو تكنوقراط. وبعد اغتيال محمد شطح أمس الأول في تفجير ضخم في بيروت، وجهت قوى 14 آذار أصابع الاتهام إلى حزب الله المدعوم من إيران وإلى نظام الأسد، وسجل تصعيداً في المواقف من الحكومة. و»حزب الله» هو القوة الوحيدة في لبنان التي تملك ترسانة عسكرية، غير القوات الشرعية. ويتهمه خصومه باستخدام هذا السلاح للضغط وفرض إرادته على الحياة السياسية. وأوضح سعيد أن قوى 14 آذار «لم تترك مبادرة لم تقم بها تجاه «حزب الله»، حكومات وحدة وطنية وتسويات وانتخابات وفق لقوانين توافقية وطاولات حوار، كل ذلك من أجل إقناعه بعدم استخدام العنف والقتل لتنفيذ مآربه السياسية، لكن آلة القتل لم تتوقف، وذلك منذ محاولة اغتيال النائب مروان حمادة قبل 10 سنوات».
وتابع «لا نريد أن نبقى مكشوفين ليس فقط كقوى 14 آذار إنما كمواطنين، كأهداف بشرية أمام آلة قتل حزب الله».
ونجا حمادة من محاولة اغتيال بسيارة مفخخة في أكتوبر 2004. وقتل بعده رئيس الحكومة السابق رفيق الحريري و22 شخصاً آخرين في تفجير انتحاري وسط بيروت في فبراير 2005، ما أثار موجة من الغضب الشعبي والتضامن الدولي نجحت في إخراج الجيش السوري من لبنان بعد 30 سنة من التواجد.
وتلت ذلك تفجيرات واغتيالات نالت من 9 شخصيات سياسية وإعلامية في قوى 14 آذار، بالإضافة إلى 3 شخصيات عسكرية وأمنية، اثنتان منها محسوبتان على تيار الحريري.
ووجهت المحكمة الخاصة بلبنان التي أنشئت بموجب قرار من مجلس الأمن وتتخذ من لايدشندام قرب لاهاي مقراً وتنظر في اغتيال الحريري، اتهامات إلى 5 عناصر من حزب الله بالتورط في العملية. من جانبه، اتهم المجلس الوطني السوري المعارض نظام الرئيس السوري بشار الأسد وحليفيه إيران وحزب الله، بالوقوف وراء اغتيال محمد شطح.
ورأى محللون أن اغتيال شطح، يحول لبنان إلى ساحة تختزل النزاعات الإقليمية، متوقعين مزيداً من العنف في ظل الشعور بالاستقواء لدى النظام السوري بعد النجاحات الأخيرة العسكرية والدبلوماسية التي حققها.
وينقسم اللبنانيون حول الأزمة السورية بين مؤيدين للنظام السوري وغالبيتهم من أنصار «حزب الله» وحلفائه، وداعمين للمعارضة السورية وهم إجمالاً من أنصار قوى «14 آذار».
وقال الباحث كريم بيطار من معهد العلاقات الدولية والاستراتيجية في باريس «آيريس» إن «الاغتيال السياسي الأخير يعكس أكثر من مجرد تداعيات للحرب السورية. أعتقد أننا تجاوزنا هذه المرحلة، ودخلنا الآن في حرب بالوكالة بين دول عربية».
وأضاف «الانقسام الشديد في لبنان يجعل مسألة تسجيل الأهداف أمراً سهلاً على أرضه»، مضيفاً أن «البلد لا يتمتع بأي حصانة».
وقالت مديرة مركز كارنيجي للشرق الأوسط والمحللة لينا الخطيب إن لبنان «يختزل النزاعات الإقليمية، ولا يجب أن نتوهم أنه في الإمكان تجنب الانعكاسات الأمنية للنزاع السوري». ورأى أستاذ العلاقات السياسية في الجامعة الأمريكية اللبنانية عماد سلامة أن المستفيد من كل هذا هو إيران بشكل أساسي.
وتوقع سلامة أن يستمر التصعيد في لبنان. ويقول «أعتقد أنه من الممكن أن تحصل سلسلة تفجيرات واغتيالات جديدة، كون الطرفين في لبنان غير قادرين على التوصل إلى حل مقبول منهما معاً».