رأس حضرة صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة ملك البلاد المفدى بحضور صاحب السمو الملكي الأمير خليفة بن سلمان آل خليفة رئيس الوزراء وصاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن حمد آل خليفة ولي العهد نائب القائد الأعلى النائب الأول لرئيس مجلس الوزراء جلسة مجلس الوزراء التي عقدت هذا اليوم بقصر الصخير.
وقد استعرض جلالة الملك المفدى خلال الجلسة الوضع الداخلي والمستجدات على الصعيدين الإقليمي والدولي ، لافتاً جلالته ضمن هذا السياق أن مملكة البحرين قد جسدت على مر التاريخ شجاعة وإقدام في وجه تحديات بالغة الصعوبة ، وأظهرت نموذجاً ملهماً في القدرة على السمو فوق الانسياق وراء اختيار العنف واعتمدت بدلاً من ذلك تحدي عبور الطريق بأسلوب حضاري يستند على الحوار والتسامح مستلهمة العزم في ذلك من تاريخ شعبها القائم على المحبة والتعايش والتعاطي مع التنوع المجتمعي كمصدر قوة يجعل الوحدة الوطنية والترابط الإنساني فوق الانتماءات الضيقة ليتسع الطريق أمام البناء والتطور.
وفي هذا الصدد فقد شدد جلالة العاهل المفدى على ضرورة حماية المسار الديموقراطي والحفاظ على جو التعايش والوسطية والقبول بالآخر الذي تتميز به مملكة البحرين عبر التصدي لمحاولات تغذية وبث روح الكراهية والاستقطاب الطائفي والتعصب المذهبي وتأجيجهما من خلال إجراءات وقائية تحمي تماسك المجتمع البحريني من دعاة الكراهية ورفض الآخر والتي يبثها للأسف بعض من يعتلي المنابر الدينية وتلعب بعض الأجهزة الإعلامية والقوى المجتمعية والسياسية دوراً في ذلك ، ووجه جلالة العاهل المفدى الحكومة إلى أهمية تبني استراتيجيات فعالة تقوم على نشر الثقافة الوسطية وتجعل ما يطرح عبر المنابر وغيرها منسجماً مع الثوابت الشرعية والوطنية التي ارتضاها وقبل بها شعب مملكة البحرين وعقد عليها ميثاق عمله الوطني مع قيادته ، وأكد جلالة العاهل المفدى بأنه لا بديل عن التعايش وقبول الآخر لتكون البحرين أولاً وللجميع ، حاثاً جلالته على أن تكون المشاركة الشعبية وحرية التعبير وصون وحماية حقوق الإنسان التي أتاحها المشروع الإصلاحي منطلقاً لكافة القوى الوطنية لدفع المسيرة التنموية والحفاظ على المكتسبات التي تحققت وتطويرها ودافعاً لها للتصدي للممارسات التي تبث روح العداء وتحرض على الكراهية .
وحث جلالته رجال الدين والفكر والإعلام إلى التركيز على الدعوات النابذة للكراهية والداعية إلى سلك طريق اللاعنف والمساهمة في تحقيق الاستقرار والتنمية والاستشهاد بما زخرت به البحرين دائماً عبر مسيرتها من ثقافة غزيرة قائمة على قيم والتسامح والمحبة واحترام الآخر، وأكد جلالة العاهل المفدى بأننا واثقون من انتصار الوعي الشعبي وبأن الجميع سيتحملون مسؤولياتهم في إشاعة ثقافة الوحدة الوطنية ونبذ العنف والإرهاب وجعل تكريس وحدة الصف هي الأولوية.
وشدد جلالة العاهل المفدى على أهمية إرساء التسامح كمنهج ، وتوطيده كقيم ، والعمل به كممارسة مجتمعية وحضارية، ودعا جلالة العاهل المفدى إلى اعتماد قيم التسامح ورعاية ثقافته كمبدأ في حل الخلافات ومواجهة التحديات سواء على الصعيد الوطني أو الإسلامي أو الدولي نظراً لما يشكله من قيمة لازمة للعلاقات الدولية باعتباره أقوى أساس للسلام والمصالحة ويجب على المجتمع الدولي أن يضع الأطر ويهيأ المناخ الملائم له لإزالة التعصب والتطرف والكراهية .
وبهذه المناسبة تمنى حضرة صاحب الجلالة الملك المفدى أن يشهد العام الجديد 2014 مزيداً من الإنجاز والبناء على ما تحقق في المملكة في ظل أجواء يسودها الأمن والاستقرار الذي سيتحقق بتكاتف الجميع بنبذ العنف وإشاعة أجواء التعايش والمحبة .
من جانبه أشاد صاحب السمو الملكي رئيس الوزراء بالدعوة التي أطلقها جلالة العاهل المفدى للتصدي لمحاولات زرع الشقاق في المجتمع البحريني من خلال بث الكراهية ، مؤكداً سموه بأن الحكومة لن تدخر جهداً في تحقيق التوجهات الملكية السامية في التصدي لمحاولات تغذية وبث روح الكراهية بمراجعة المصادر التي يمكن أن تنبع منها دعوات الكراهية والتحريض وستعالجها بخطط وبرامج آنية ومستقبلية وستتخذ ما يلزم تنفيذياً وقانونياً ووقائياً لتحقيق ذلك وستُشكل اللجان والفرق المتخصصة لهذا الغرض وستعمل الحكومة ضمن برنامجها على تكريس التعايش وقبول الآخر والتسامح من أجل تجنيب المجتمع من شرور الفتن والكراهية وعواقبهما، وأكد صاحب السمو الملكي رئيس الوزراء بأن الحكومة تدين كافة أشكال الإرهاب ومحاولات زرع الفتنة والاستقطاب الطائفي وتحث كل من لديه مسؤولية وطنية أن يُبادر إلى رفض ذلك وفي مقدمتهم رجال الدين والفكر والإعلام والصحافة.

بعد ذلك وافق مجلس الوزراء على مشروع قانون بإنشاء المؤسسة الوطنية لحقوق الإنسان وأحاله إلى السلطة التشريعية وفق الإجراءات الدستورية والقانونية . ويتيح مشروع القانون للمؤسسة الوطنية لحقوق الإنسان أن تتمتع بالشخصية القانونية الاعتبارية والاستقلال المالي والإداري وتمارس مهامها بحرية وحيادية واستقلالية بما فيها حرية التعليق على أي مسألة متعلقة بحقوق الإنسان وتناول أي حالة من حالات حقوق الإنسان بما تراه مناسباً ، وللملك أو أي من سلطات الدولة الدستورية إحالة ما يرونه إلى المؤسسة من موضوعات تتعلق باختصاصها لإبداء الرأي فيها.