^   مر تصريح هيلاري كلينتون قبل يومين عن الإصلاحات في البحرين بلا طعم وبلا لون وبلا أي أثر له في الشارع البحريني، ليس لأنه جاء متأخراً فحسب؛ بل لأنه جاء بعد أن آزر العالم كله البحرين فلم يعد لتصريحها معنى أو أثراً، وقد عكست الصحافة حجم الأثر بموقع الخبر وحجمه! لقد كان لمثل هذا التصريح أن يحدث أثراً كبيراًً في نفوسنا العام الماضي وكان سيتصدر نصف الصفحة الأولى لو أنه جاء في الوقت الذي احتجناه، حين شوهت صورة البحرين في المجتمع الدولي ووضعت في مصاف الدول غير الديمقراطية، يومها تطلعنا أول الأمر إلى الحليفة الكبرى الولايات المتحدة الأمريكية، واعتقدنا أنها الدولة الأكثر معرفة والأكثر اطلاعاً على حجم الإصلاحات في مملكة البحرين منذ العام 2000 إلى 2011، وهي الإصلاحات التي أشاد بها الرئيس الأمريكي جورج بوش الابن أكثر من مرة وإلى وقت قريب إلى عام 2010، وذكر بأنها بدأت حتى قبل 11 سبتمبر، وقبل دروس الديمقراطية التي وزعتها أمريكا فيما بعد كهدايا عيد الميلاد، لقد اعتقدنا أنها هي من سينصفنا لكننا صدمنا صدمة كبيرة أن لهذه الحليفة يداً في تلك (الثورة)، وأن البحرين الصغيرة تلك المملكة الدستورية التي خطت خطوات بناءة نحو الديمقراطية، والعريقة في المدنية ما كانت إلا حجراً لشطرنج ولعبة أممية كبيرة بدأت في العراق، وكان مخططاً أن تتكرر في البحرين لتحكم البحرين بعمامة هي الوكيل الشرعي لخامنئي. لقد ساهمت الولايات المتحدة الأمريكية بأحداث 2011 في البحرين بشكل كبير كاد أن يوقع المنطقة كلها في أتون حرب طائفية لا تبقي ولا تذر، ورغم أن العراق ليس نموذجاً ولا تجربة مشجعة، إلا أن البحرين كانت موعودة أن تكون العراق رقم 2.. إنها جريمة في حق الإصلاح وحق الديمقراطية وحق المدنية لطخت الولايات المتحدة الأمريكية يدها فيها وجريمة في حق الإنسانية انغمست فيها. اليوم على الولايات المتحدة الأمريكية أن تتعامل مع واقع شعبي خليجي جديد لا يثق بها أبداً، والدليل إجراءات الإمارات الأخيرة والقادم أكثر، وعليها الآن أن تتعامل مع رأي عام سيصر عبر برلماناته وصحافته وجماعات الضغط (الأدوات الديمقراطية) التي يتمتع بها الشعب البحريني، سيصر على نظامه السياسي أن ينوع في تحالفه حتى وإن كانت أنظمة هذه الدول الخليجية مضطرة أو مرغمة أو راغبة في التحالف مع الولايات المتحدة الأمريكية إلا أن للشعوب الآن نظرة متحررة من أية التزامات دولية رسمية. وما لم تغير الولايات المتحدة الأمريكية قراءتها للواقع الخليجي وتضع في اعتبارها هذا المتغير الجديد فإنها ستكون كمن يرتكب حماقة عمرها، قد لا يكون مواطنو الدول الخليجية مواطنين لدولة عظمى ولسنا بقوة أمريكا العسكرية، لكن للولايات المتحدة الأمريكية حاجة ومصالح معنا، ليس البترول إلا أحدها والموقع ثانيها وإيران بقربنا وإسرائيل على أعتاب حدودنا وغيرها وغيرها من المصالح التي طالما كانت في مأمن حين كنا نتبادل المصالح معها. اليوم أشعر كمواطن خليجي بأنني مهدد في وجودي وبأنني عرضة للتآمر وبأنني رقم مهمش لا تعترف به سياستها الخارجية وهي ترسم وتخطط للمنطقة فمن حقي أن أعلن عن هذا الوجود ومن حقي الدفاع عن نفسي ومن حقي أن يكون تقرير مصيري بيدي لا بيد أحد غيري. نأمل أن تعيد الولايات المتحدة قراءة الأرقام والإحصاءات التي بناء عليها وضعت ما وضعت من تصور للبحرين بشكل خاص وللمنطقة بشكل عام، وتعيد وضع الدراسات والبحوث كي تخرج بصورة واقعية عن المنطقة بعيداً عن أرقام قديمة وتصور أقدم. أثبتت أحدث البحرين أن هناك أرقاماً صعبة لا يمكن تخطيها تجاهلتها الولايات المتحدة الأمريكية إما عن سوء تقدير أو عن سوء تدبير، وها هي اليوم تفرض نفسها وتعلن عن وجودها. شعب البحرين لديه مطالب وحقوق، هو يطلب الأمن الآن يطلب الخلاص من الإرهاب لديه قضايا في المحاكم كقضايا طلبة جامعة البحرين التي لا تعرف الدبلوماسية الأمريكية مواعيدها مثلما تعرف مواعيد القضايا الأخرى. هذا الشعب لا يمكن أن يسمح لحزب سياسي لم يزد عدد حضوره في جمعيته عن 1700 أن يفرض أجندته عليه ويقود البلاد تحت إمرة عمامة سيده، حتى وإن كان مدعوماً من الولايات المتحدة الأمريكية. سنة كاملة وأنتم تتجاهلون هذا الشعب وهو يئن تحت وطأة الإرهاب، حتى اضطررتم في الآونة الأخيرة لزيارة رجال الأمن والاطلاع بنفسكم على أدوات القتل التي يتعرض لها, سنة كاملة وبعض المناطق في البحرين أصبحت مهجورة ومنها المنطقة التي انتقلتم منها بفضل دعمكم للإرهاب فيها وحمايتكم لأدوات القتل فيها. سنة كاملة والشعب البحريني يئن ويتألم لفقدان الأمن والأمان وأجهزتنا الأمنية والقضائية كلها تنازلت عن الكثير من حقوقنا البشرية في الأمن والأمان والاستقرار مثلها مثل بقية الشعوب، كل ذلك من أجل أن (ترضوا) عن نظامنا وتعترفوا له بالإصلاح، حتى جاء اليوم الذي صرحتم به بالتصريح الذي كنا ننتظره سنة كاملة فلم يعد له طعم ولا مزية. إنكم اليوم بالنسبة لنا داعمون للإرهاب وللقتل وللعنف، أنتم من غذيتم ورعيتم العنف وأيدتم خرق القانون وهدم المؤسسات، أنتم وحدكم من بقيتم من دول العالم أجمع من لا يرى الكذب والدجل والتضليل الذي يقوم به هذا الحزب وما يقوم به ناشطون وحقوقيون هدموا كل القيم القانونية برعايتكم وتحت مظلتكم، لقد ساهمتم بمعاولكم في محاولة دنيئة لهدم وطني الحبيب الدولة المدنية العصرية، فجاء تصريحكم بالأمس كأن لم يكن.