^   لو كانت الرياضة في البحرين تسير بالاتجاه الصحيح في كل الألعاب ولكل الفئات السنية لما استطاع أهل السياسة أن يملأوا مناطق الفراغ التي تركتها الرياضة، فأولئك وجدوا أن الشباب والصغار يعيشون فراغاً قاتلاً في المدن والقرى، فكانت لهم الفرصة الملائمة لاستقطابهم نحو عالم السياسة، حتى ولو لم يكن ذلك عالمهم. بقدر ما نحيي كل الجهود التي تقوم بها المؤسسة العامة للشباب والرياضة في ترسيخ روح الوحدة الرياضية وتعزيز مفاهيم العمل الجماعي والوطني، إلا أننا لا نرى الوقت مناسباً للمديح والمجاملات، لأن الأزمة السياسية في البحرين كشفت للجميع أن باستطاعة كل السياسيين ومن كل الأطراف والأطياف اختطاف أوقات وعقول ومشاعر شباب الوطن، بينما في الجهة المقابلة وعلى المحك انكشف ضعف وهشاشة بعض البنى التحتية والفوقية للرياضة في البحرين. إن خلاء المدرجات والصالات الرياضية وكل الملاعب من الجمهور يشي بحقيقة أمر ما، وهو أن السياسة عندنا كانت ولم تزل أقوى من الرياضة، وعليه فإن الجمهور ومعهم كثير من اللاعبين تركوا الساحات الرياضية متجهين نحو الساحات السياسية في كل مناطق البحرين. في اعتقادي ليس هنالك ما يغري الرياضي والجمهور في الاستمرار والبقاء في مدرجات الملاعب والساحات الرياضية، فلا الرواتب ولا المكافآت التي تُعطى للرياضيين مغرية، ولا الرياضة (وأخص بالذكر كرة القدم، أكثر الألعاب الرياضية شعبية حول العالم) متجهة نحو الاحتراف والعالمية، لهذا من الصعب في ظل وجود ثقافة رياضية واقتصادية عالمية مغرية، أن يبقى الشاب البحريني الموهوب يلعب مقابل مبلغ زهيد، ولهذا نجده، إما أن يقوم باعتزال الرياضة أو يهاجر من أجل المال والشهرة، وفي كلتا الحالتين فهو غير ملام!!. حين تكون الرياضة وألعابها في مستوى ضعيف يكون من الطبيعي أن تخلو مدرجاتنا من الجمهور، والبديل لهم حينذاك الساحات السياسية. إن الشباب الصغار وفي هذا العمر تحديداً يحب أن يرى ذاته، فهو يريد أن يقول لنا إنه (موجود)، فإذا لم تشبع الرياضة طموحه أو تبرز مواهبه الذاتية وقدراته العقلية والجسمانية، فإن في السياسة لا محالة يرى نفسه فيها، فهناك الأضواء والشهرة، أما الرياضة فإن لونها باهت. على المؤسسة العامة للشباب والرياضة أن تأخذ دورها الحقيقي في كسب الشباب، ليس عبر برامج موسمية أو طارئة، بل عبر برامج ثابتة ومستقرة، كما عليها أن تكون أكثر سخاء في دعم الأندية بأضعاف ما تدعمه بها اليوم، فالرياضة عبر العالم أضحت من أكبر اقتصادات الدنيا، فهي لم تعد كرة قدم أو كرة يد أو سلة، بل دجاجة تبيض ذهباً وفضة. إن المدن والقرى البحرينية في أمسِّ الحاجة إلى مراكز ثقافية وشبابية ورياضية، ليس مراكز شكلية بقدر ما هي مصانع للمواهب والإبداعات الشبابية. الكثير من مناطق البحرين اليوم تفتقر لوجود مثل هذه المراكز والأندية، بل هناك الكثير من الأندية الكبيرة تدفع من(جيبها) الخاص، كمخصصات للاعبين والمدربين، لأن مكافآت الهيئة العامة للشباب والرياضة لا تكفي لتغطية كل التزاماتها، بل مع الأسف الشديد هناك بعض الأندية يدفع أعضاؤها الأثرياء هدايا ومكافآت للاعبين عندما يحققون بطولات محلية وإقليمية، وهناك بعض الأندية اليوم، حققوا بطولات على المستوى الخليجي منذ أكثر من عامين، ولحد الآن لم تصرف لهم المؤسسة مكافأتهم!!. ربما، نقول ربما تكون ميزانية الهيئة العامة للشباب والرياضة لا تكفي لكل المشاريع التي اقترحناها من أجل تطوير الرياضة البحرينية، وفي هذا الحال ربما أيضاً نعذر المؤسسة العامة في هذا الشأن، وعليه نطالب الحكومة بضخ موازنات أكبر لتطوير الرياضة في البحرين، كما على النواب أن يدفعوا في هذا الاتجاه الذي يحفظ شبابنا من الضياع والاختطاف، بدلاً من البكاء على اللبن المسكوب.