الخشب قد يضر الإنسان حال تعرضه للبق والسوس
النمل الأبيض يعشش في الخشب ويمتص دم الإنسان
معلمون: «الصندقة» تؤثر على نفسية الطالب وتحصيلهكتبت ـ نور القاسمي:
فيما حذر معلمون من خطورة الفصول الخشبية على نفسية الطالبة وتحصيله الدراسي، دعا خبير بيئي إلى إلزام وزارة التربية باتباع معايير صحية صارمة عند بناء أي فصل خشبي، تراعي تهيئة بيئة صحية ونفسية آمنة للطلبة.
وزارة التربية من جانبها أكدت اعتمادها خطة لاستبدال هذه الفصول، بينما أكد مصدر مسؤول» لـ«الوطن» أن 50 فصلاً خشبياً جديداً أضيفت خلال الفصل الدراسي الأول ليصبح إجمالي عددها 700 في المدارس الحكومية كافة، 420 منها تستخدم لأغراض التدريس، لافتاً إلى أن الوزارة لا يمكنها الاستغناء عن هذه الفصول بسبب تأجيل مشروعات بناء المدارس الجديدة.
وعد معلمون في حديثهم لـ«الوطن» جعل هذه الصفوف دائمة أمراً خاطئاً، ولا تصلح لأن يعيش فيها الطالب يوماً كاملاً، مفضلين بقاءها غرفاً مؤقتة تخصص للأنشطة والبرامج الأسبوعية.
حزمة المعايير البيئية
وقال مدير عام حماية البيئة والحياة الفطرية د.عادل الزياني، إن الخشب قد يضر الإنسان حال تعرضه للنخر من حشرة البق والسوس والنمل الأبيض، التي تعشش في الخشب وتعتاش على مص دم الإنسان.
وعرض الزياني الطرائق المتبعة عادة في التخلص من هذه الحشرات باستعمال مبيدات الحشرات، ما من شأنه الإضرار بصحة الإنسان أكثر من ضررها على الحشرات، لافتاً إلى أن انتشار هذه الحشرات في البحرين قليل نسبياً.
ونصح الزياني أن تكون الفصول الخشبية حلولاً مؤقتة لمواجهة مشكلة تزايد أعداد الطلبة، لا أن تستخدمها الوزارة بشكل دائم، موضحاً أن الغرض الأساس للجوء إليها واستخدامها، هو سرعة صناعتها وقلة كلفتها وسهولة التحكم بها وإزالتها عند الاستغناء.
ودعا وزارة التربية والتعليم إلى الأخذ بمعايير صحية تشرف عليها وزارة الصحة قبل إنشاء أي فصل خشبي، مع مراعاة شروط المساحة المطلوبة لبنائها والتهوية والإضاءة وعازل الصوت ونسب الرطوبة.
وقال «في حال زيادة نسبة الرطوبة في أي فصل دراسي تسبب للطالب أزمات واضطرابات تنفسية وصحية»، مؤكداً أن مرضى الربو يتعرضون لحساسية تجاه عوامل مختلفة أهمها الرطوبة والغبار المتوفرة بكثرة في هذه الصفوف.
ولفت إلى أن بعض أنواع الرطوبة تولد أنواعاً من الفطريات المجهرية لا ترى بالعين المجردة، وتتكاثر بصورة سريعة عن طريق نشر بذوره على هيئة غبار ينتقل من منطقة لأخرى مسببة حساسية لبعض الأفراد في الصدر والجلد.
وطالب الجهات المعنية بالأخذ بعين الاعتبار مساحة الصف مقارنة بعدد الطلبة الموجودين، والالتفات إلى طرق تحرك التيار الهوائي مراعية انتقال الهواء في جهتين داخل الفصل، ومراقبة أماكن صرف مياه الأمطار والحد من ارتفاع منسوب المياه في أشد الحالات، للحيلولة دون التسبب بقلة الأكسجين في الشعب الصفية.
واستدرك الزياني أن بناء غرف صفية خشبية ليس جديداً، وهو منتشر في العالم، لافتاً إلى أن أوروبا وأمريكا ودول شرق آسيا تعتبر الخشب أداة بناء أساسية للمساكن والمرافق العامة، إذ لا ضير من استخدام الخشب كمادة بناء خاصة أن الخشب المستخدم في المملكة معالج ومدهون، إلا أن الطلب العالي على الخشب حال توجه الناس إليه كمصدر أساس للبناء، فكرة تؤرق البيئيين وترفضها إدارة حماية البيئة حفظاً للمجال الحيوي الأخضر.
محاذير الفصول الخشبية
من جانبه قال مدرس فيزياء فضل عدم الكشف عن اسمه، إن الفصول الخشبية لا تصلح لأن يعيش فيها الطالب يوماً كاملاً، مبيناً أنها أفضل لو بقيت غرفاً مؤقتة تخصص للأنشطة الأسبوعية.
وأضاف أن إدارة المدرسة تقطع التيار الكهربائي بصفة عاجلة عند هطول الأمطار منعاً لأي ماس كهربائي، مؤكداً أن المدرسة توصل الكهرباء لهذه الفصول بتوصيلات خارجية تحت الأرض.
وأردف «عند تشرب الأرض الماء تكون أكثر عرضة للماس الكهربائي»، مبيناً أن تصاريف المياه داخل هذه الفصول سيئة جداً، وتدل على عدم التخطيط المسبق عند إنشائها».
وأضاف أن الفصول الخشبية تؤرق المدرس والطالب، لصغر حجمها نسبة لأعداد الطلبة داخلها، وتصل أحياناً إلى 35 طالباً، وسوء تهويتها بسبب صغر حجم النوافذ مقارنة باستهلاك الأكسجين.
ونبه إلى أن هذه الفصول غالباً ما تركب قرب الملاعب والممرات دون سابق تجهيز من إدارة المدرسة، مؤكداً أن الطلبة والمدرسين على حد سواء، يعتبرونها جسماً غريباً غير مرغوب فيه داخل أسوار المدرسة.
وقال إن المدرسة لا تضع اعتباراً لأهمية وضع عوازل صوتية لهذه الفصول، موضحاً أن الأصوات تصل إليها بشكل مزعج خصوصاً بسبب قربها من الملاعب والأماكن المزدحمة والحيوية داخل المدارس.
وأضاف إلى أن الطلبة يعانون بشدة من انهيار الأرضية المستمر لكثرة المشي عليها إذا ما كانت خشباً، وبتشبعها بالماء والرطوبة وانبعاث روائح كريهة منها.
وأوضح أن الطلبة يعانون من دخول القطط والفئران داخل الفصول بين فراغات قواعد الإسمنت، ما يزيد الضوضاء في الفصل وروائح كريهة وإزعاجاً للطلبة.
وأشار إلى أن المدرس يواجه صعوبات جمة في تنفيذ التوجه الحديث لوزارة التربية والتعليم في إشراك الطالب وإجباره على التفاعل داخل الشعبة الصفية الخشبية، عادة تنفيذ مشروع التعلم التعاوني أشبه بالمستحيل بسبب ضيق مساحة.
من جانبها ذكرت مدرسة كيمياء بوزارة التربية والتعليم، أن تفاعل الخشب مع بخار الماء يعرضه للتآكل، ما يؤدي في كثير من الأحيان إلى سموم ضارة، قد لا تضر ضرراً مباشراً على الإنسان لكنها بالتأكيد تجذب الحشرات والطفيليات المؤثرة على صحة الطالب بصورة أو بأخرى.
وقالت إن ما شهدته المملكة من اضطرابات مناخية مؤخراً، أثر بشكل كبير على البيئة الدراسية في الفصول الخشبية، حيث أن الطالبات أجبرن على رفع ملابسهن وحقائبهن والمشي على قطع خشبية للدخول إلى الصف، ليفاجأن أن الماء تسرب إلى الداخل.
وقالت إن حركة الطالبات داخل وخارج الصف سمحت بتعرض الفصل وأرضيته إلى القاذورات والماء لافتة إلى أن الخشب مادة عضوية مسامية مسترطبة «أي يمتص الرطوبة ويحتفظ بها»، ويتألف من أنسجة السيللوز» حيث تعيش حشرات البق والنمل الأبيض، إضافة إلى انتشار البعوض بشكل كبير داخل الفصول.
الصيانة الدورية
بينما أكدت وزارة التربية والتعليم أن هذه الفصول لا تشهد أي انقطاع للكهرباء، إلا حال انقطاعها عن المدرسة كاملة، مبدية حرصها على تنفيذ أعمال الصيانة الدورية للفصول المصنعة حفظاً لسلامتها وسلامة الطلبة.
وقالت إنها تتفاعل فوراً مع إدارات المدارس بشأن أي صيانة طارئة في الفصول الخشبية، إضافة إلى إرسال شركة مكافحة الحشرات والقوارض عند الحاجة.
وأشارت إلى أنها تتجه نحو خطة للتخلص التدريجي من هذه الصفوف خلال الأعوام المقبلة، في ضوء التوسع الكبير في إنشاء المدارس وفقاً للخطة الإنشائية للوزارة.
ورداً على سؤال «الوطن» في إبقاء طلبة ذوي الاحتياجات الخاصة في هذه الصفوف المنعزلة عن الطلبة والطالبات، أكدت الوزارة أنها تراعي طلبة ذوي الاحتياجات بصفة خاصة بالنسبة لتوفير صفوف دراسية مناسبة، تكون قريبة من المرافق العامة وتزويدها ببعض التسهيلات.
50 فصلا هذا العام!
وبينما تحفظت وزارة التربية في الرد على سؤال «الوطن» عن أعداد الفصول الخشبية، ذكر مصدر بالوزارة التربية أن عددها ازداد خلال العام الدراسي الأول فقط قرابة 50 فصل خشبي، ليصل إجمالي عددها إلى حوالي 700 صف خشبي في المدارس الحكومية كافة، يستخدم 420 منها لأغراض التدريس.
وأكد أن لجوء الوزارة للفصول الخشبية كان حلاً لمشكلة تزايد أعداد الطلبة خصوصاً في منطقتي الرفاع والمحرق، ففي الفترة الراهنة ارتفعت نسب تسجيل الأطفال في المدارس الحكومية، ما حتم على الوزارة إنشاء فصول خشبية مصنعة عوضاً عن بناء مدارس لحل الأزمة.
وبين أن هذا الارتفاع في أعداد الطلبة، يقابله نقص شديد في عدد مشروعات بناء المدارس وبميزانية قليلة لا تكفي لإنشاء مدرسة.
وقال إن الوزير المختص بالمشروعات لا يتابع المشروعات بشكل صحيح، ولا يمدها بالمبالغ المطلوبة، اعتقاداً منه إنه يوفر على الدولة وميزانيتها، إلا أننا لا نعرف أين تستثمر الوزارة الأموال الفائضة؟!
وأضاف أن الوزارة لن تستغني أبداً عن تلك الفصول، ولا خطة لتبديلها أو تجهيزها في الفترة الراهنة، في انتظار البدء بمشروع بناء مدرسة بمنطقة الحنينية في الرفاع للتخلص من الفصول التالفة بمدارس المنطقة.
وأشار إلى أن الوزارة تعاني أحياناً من عدم حصولها على مواقع ملائمة لهذه الفصول، إلا أنها إذا ما حصلت تذرعت في أن الميزانية المرصودة لا تكفي إنشاء مدرسة.
وقال إن الوزارة تملك مواقع ممتازة في منطقة المحرق ولديها ما يكفي من موازنات، لكنها بالمقابل لا تتحرك ولا تفعل شيئاً، تاركة الطالب يتحمل مسؤولية تأخير مشروعات بناء المدارس الجديدة!