لم تغب روح النكتة والسخرية عن الأردنيين حال سماعهم عن قرار يقضي بمنع تجديد ترخيص الأراجيل في المقاهي والمطاعم السياحية، كعادتهم لم يجد مواطنون أمامهم سوى التهكم، خصوصاً أن الشيشة باتت المتنفس الوحيد لهم بعد قرارات غير شعبية مست جيوبهم وأثقلت كاهلهم.أحد مدخني الشيشة يدعى محمد القيسي علق قائلاً "فلتوفر لنا الحكومة بحرا أو نهرا، وأماكن ترفيهية وحدائق حتى نتمكن من الاستمتاع بها بدلاً عن الأراجيل".أما بلال نور الذي يدخن الأرجيلة منذ 15 عاماً فيقول إن الأرجيلة تنسيه لو لساعات هموم الحياة، لاسيما الأوضاع الاقتصادية المتردية وحالة جنون الأسعار التي طالت معظم نواحي الحياة.ويضيف بلال إنه يدخن الشيشة بشكل يومي في المقاهي والمطاعم، وأنه يفضل هذه الأماكن على البيت لما لها من أجواء تشعر المدخن بالمتعة أكثر من المنزل.ويتفق أحمد العبدالات مع صديقه بلال على أن تدخين الشيشة في هذه المحال أجمل من أي مكان آخر كونه ملتقى للأصدقاء والمعارف، وهذا لا يمكن أن يتوفر يومياً في المنازل.الستيني أبو فلاح - يعمل مديراً في إحدى الشركات - لم يحبذ هذه الفكرة، خصوصاً أنه يمنع الشيشة في بيته، ويطبق هذا على أولاده وبناته، لذا يجد في المقاهي فرصة لهم لتدخين الأراجيل بعيدا عن البيت.وكان قرار دخل حيز التنفيذ منذ بداية الشهر الجاري يقضي بإيقاف تجديد رخص الأرجيلة في المقاهي والمطاعم السياحية، إنفاذاً لقانون منع التدخين في الأماكن العامة والمقرّ أصلاً في العام 2008.وقالت مديرة الرقابة الصحية في أمانة عمّان الكبرى ميرفت المهيرات إن الهدف الرئيسي من هذا القرار هو الحفاظ على سلامة المواطنين، لما للأراجيل من عواقب صحية، بالإضافة إلى أنه يأتي من باب الالتزام بالتشريع والقانون.وأكدت المهيرات أن القرار يأتي تطبيقاً لقانون منع التدخين في الأماكن العامة الصادر في العام 2008، وأشارت إلى أن تنفيذه جاء بالتدريج.من جانبه وجه محمد سمارة - مالك أحد المطاعم السياحية في العاصمة عمّان - انتقادات لاذعة للحكومة واتهمها بالتخبط، وقال سمارة إنه لن يلتزم بالقرار وسيقدم الشيشة لزبائنه، مع التقيد بعدم تقديمها لمن هم أقل من 18 عاما.وأضاف أن مطعمه يعتمد بشكل كبير على تقديم الأراجيل لزبائنه، وفي حال امتنع عن تقديم هذه الخدمة فإن خسائر فادحة ستلحق به كمستثمر في هذا القطاع، مشيرا إلى أن تكلفة مشروعه بلغت نحو نصف مليون دينار أردني.وتساءل سمارة حول سماح الجهات المسؤولة من أمانة عمّان ووزارة الصناعة والتجارة بترخيص مثل هذه المشاريع، التي أنشئت وقانون منع التدخين دخل حيز التنفيذ منذ العام 2008.حسن أبو شقرة - مالك مقهى شعبي ومطعمين سياحيين - هدد برفع دعوى قضائية ضد أمانة عمّان، وقال "سأرفع قضية ضد أمانة عمّان، كيف تمنحني رخصة وسجلا تجاريا تحت بند تقديم الأراجيل، ثم تمنعها بحجة قانون منع التدخين، في الوقت الذي لم تعلمني بذلك".واعتبر أبو شقرة أن مثل هذه القرارات من شأنها أن تتسبب في هجرة رأس المال والمستثمرين، مشيرا إلى أنه سيلجأ لأي دولة أخرى ليستثمر بها بدلاً من تهديد مشاريعه التي بلغت كلفتها 2 مليون دينار أردني، بقرارات غير مدروسة.وتصر وزارة الصحة على تطبيق القانون وعدم التراجع عن القرار الأخير الذي بدأت به أمانة عمّان، وأكد وزير الصحة علي الحياصات في تصريحات لصحيفة الرأي، أن الفرق المسؤولة عن قرار منع التدخين وفق قانون الصحة العامة بدأت بإغلاق محالات ومقاهي الأرجيلة الواقعة في محيط المدارس.لكن بالرغم من الحملة القوية التي تنفذها وزارة الصحة، فإن أستاذ علم الاجتماع في جامعة البلقاء التطبيقية الدكتور حسين الخزاعي توقع ردة فعل معاكسة ستجهض القرار.وقال الخزاعي إن المواطنين المعتادين على التدخين وخاصة الأرجيلة لن يلتزموا بالقانون وسيواجهونه، مضيفاً أن تطبيقه لن ينجح.وعلل الخزاعي ذلك بالسلوك الاجتماعي الذي اعتاد عليه مدخن الأرجيلة وبات جزءا من تكوينه الاجتماعي، وخصوصا المكاني الذي يتعلق بالأصدقاء والجمعة والمتعة.واعتبر الخبير الاجتماعي أن تطبيق السلطات للقانون بهذا الشكل، خاطئ، وأنه نوع من أنواع الإجحاف والاستخفاف بالمواطن وبالرأي العام، مشيراً إلى أنه كان باستطاعة الحكومة سماع رأي الشارع للخروج بنتائج أفضل.
970x90
{{ article.article_title }}
970x90