جدة - طرحت «الخبير المالية»، أحدث بحوثها في موضوع بطالة الشباب بالعالم العربي. ويسلط البحث، الذي يتناول الشباب بين سن 15 و 29 عاماً، الضوء على أهم القضايا الإشكالية التي تؤثر على توظيفهم في دول المنطقة. ويعرض أيضاً مختلف المبادرات القائمة، وتلك التي يمكن اعتمادها بالدول العربية لمعالجة هذه القضايا والمساعدة في استحداث فرص عمل تكفي لنحو 11 مليون طالب عمل جديد إلى سوق العمل سنوياً.
واستثمرت الحكومات في أرجاء الوطن العربي بشكلٍ كبير في قطاع التعليم خلال العقد الماضي، إلا أن مؤهلات رأس المال البشري الذي تنتجه النظم التعليمية لا تتطابق حتى الآن مع متطلبات احتياجات سوق العمل، وفقا للبحث.
وتعتبر التحديات التي تواجه نظم التعليم العربية من بين الأكبر في العالم، إذ تشير الإحصاءات إلى أن 43% من خريجي الجامعات في السعودية عاطلون عن العمل، في حين ما يزال 22% من الشباب المتعلمين في المغرب و 14% في الإمارات يبحثون عن وظائف.
وتابع البحث: «لا تقتصر الحاجة إلى الاستثمار المستمر على التعليم الثانوي والجامعي فحسب، بل يجب أن تشمل تلك الاستثمارات مجالات التدريب التقني والمهني للقوى العاملة الأقل تأهيلاً، وهذا متطلبُ أساسي في كثيرٍ من الدول العربية الأقل نمواً».
وأكدت الشركة، والتي يمثلها العضو المنتدب والرئيس التنفيذي، عمار شطا أن نسبةٌ كبيرة من الشباب المتعلم في العالم العربي يطمحون للعمل لدى القطاع العام. ويفضل الكثير من الخريجين، خاصة في الدول الخليجية، أن يبقوا عاطلين عن العمل في انتظار وظيفة حكومية دون أي اهتمامٍ بالفرص المحتملة لدى القطاع الخاص.
ويسود الاعتقاد بأن حزم الرواتب والتعويضات في القطاع العام أفضل بكثير منها في القطاع الخاص. فمثلاً، يمكن أن تكون الرواتب في القطاع العام أعلى بنسبة 48% في مصر وبنسبة 36% في تونس بالمقارنة القطاع الخاص، حيث يجب معالجة هذه النظرة لدى الشباب من أجل تحقيق التوازن بين فرص العمل في القطاعين العام والخاص.
إلى ذلك، كشف تقرير صدر مؤخراً عن صندوق النقد الدولي أن نمواً بنسبة 1% في الناتج المحلي الإجمالي غير النفطي يمكن أن يسهم في تحسين معدلات توظيف المواطنين.
وفي منطقة الخليج على سبيل المثال، يُقدَّر أن تصل نسبة هذا التحسن في توظيف المواطنين إلى 0.45% في قطر و 1.53% في سلطنة عُمان. ويعتقد خبراء الاقتصاد أن القطاع الخاص العربي يملك القدرة على خلق الكثير من فرص العمل في المنطقة إذا حصل على الاستثمارات المناسبة والدعم الحكومي.
وتراوحت السياسات التي تتبعها الدول العربية في هذا الصدد بين إقامة الشراكات بين القطاعين العام والخاص، وسياسات التوطين، وفرض القيود على تأشيرات الوافدين ورفع رسوم التأشيرات عليهم، وترحيل العمال المخالفين، وقد ساعدت في مجملها في زيادة عدد الوظائف المتاحة للمواطنين في تلك البلدان.
ومع ذلك، فلا يزال الطريق طويلاً وصعباً حيث تستمر أعداد العمال الوافدين الأجانب بالارتفاع في القطاع الخاص، حيث وصلت إلى نسبٍ كبيرة تقارب 99% في دولٍ مثل قطر والإمارات.
وتشير «الخبير المالية» في بحثهها، إلى أن برامج التوطين ساعدت في استحداث 600 ألف فرصة عمل للسعوديين في الفترة الأخيرة. لكن هذا العدد ما يزال ضئيلاً بالمقارنة مع أعداد الشباب السعوديين العاطلين عن العمل. ويمكن لمبادراتٍ أخرى مثل زيادة الاستثمار في البنية التحتية خلق نحو مليوني وظيفة مباشرة و 2.5 مليون وظيفة غير مباشرة في قطاعاتٍ ذات صلة.
وأثمرت المبادرات الحكومية الجديدة في المنطقة العربية حتى الآن عن أكثر من ربع مليون فرصة عمل، حيث نجحت المبادرات الحكومية الأخيرة التي تهدف إلى دعم تنمية المهارات في استحداث 278 ألف فرصة عمل وتشمل: برنامج خادم الحرمين الشريفين للابتعاث الخارجي حتى العام 2020، والذي يُقدّر أن يضخّ نحو 9 مليارات ريال سعودي في النظام التعليمي لتمكين السعوديين من الدراسة في الخارج، والتكفّل بدراسة أكثر من 130.000 طالب وطالبة.
كما تشمل برنامج الملك عبدالله لإعداد المدربين التقنيين، والذي يهدف إلى دعم التعليم المهني عبر تدريب 450 ألف مبتعثاً قبل نهاية العام 2015، إلى جانب الخطة الخمسية التنموية الثامنة في عُمان حتى العام 2015، والتي تدعم التعليم العالي. ورؤية قطر الوطنية 2030، وتتضمن خططاً لدعم التعليم العالي والتدريب المهني للمواطنين.