كتبت - رنوة العمصي: من البعيد الذي يرفض أن يسميه منفى، أضاء الشاعر طه عدنان بكلماته أمسية جديدة من أمسيات بيت الشعر ضمن فعاليات ربيع الثقافة.. عدنان، والمقيم في بلجيكا، يعتبر نفسه ورفاقه شعراء إقامة وليس شعراء منفى، قائلاً، في تصريح إعلامى مقتضب، “عن أي منفى نتحدث اليوم في زمن الهواتف المحمولة والفضائيات”. وللشاعر طه عدنان ثلاثة دواوين هي:«ولي فيها عناكب أخرى”، و«بهواءٍ كالزجاج “وآخرها “أكره الحب”، وهو عنوان أمسيته في بيت الشعر، استعان بفضاء الافتراض على الحنين، وقفز على المسافة بالإنترنت أو “العنكبوت” كما سماه فتجده في إحدى قصائده يقول: صباح الخير أيها العنكبوت صباح الرضى يا زقزقة الكهرباء أنا جاهز فخذيني إلى عالمي الذي من ضوء فلديَّ جيران طيبون في هوتمايل وأتراب ودودون في ياهو وعشيقة سرية في كارامايل وألقى عدنان ست قصائد تحمل كل واحدة حكاية من حكايات: الاغتراب، والتيه الأول في البلاد الشقراء، واندهاشه الأول بالإنترنت وعالم الاتصال، وعلاقاته البريئة وغير البريئة مع فتيات الخارج، وحلم السفر والجرين كارد، ونزاع الهوية. وحكى عدنان في قصائده النثرية قصة الأفريقي الذي قتلته الشرطة البلجيكية ومات وحيداً، وكيف كان يحلم في أن تؤمن سنوات اغترابه ثمناً لأن يفتح محلاً لمعدات الكمبيوتر في بلده، فمات... عدنان حكى أيضاً عن الجيل الثاني من المهاجرات، كيف يبقين أسيرات ماضي وحالمات بمستقبل مختلف، وكيف ينتهي حال هذا الصراع.. حكى حتى عن صعاليك المهاجرين غير الشرعيين النبلاء منهم والشعراء أيضاً، الذين لا يدري عنهم أحد، غير أن عدنان لم يستخدم الحزن المعتاد في البكاء على الوطن ولعن الغربة، لكنه تناول الأمر بشيء من السخرية المحببة، والنكتة الموجعة التي توصل نفس القدر من الألم دون الحاجة لاجترار دموع القصيدة. طه عدنان التقط بشعره كل ما يسقط منا في سرعة أيامنا، أزال عنه الغبار ووضعه في صدارة المشهد، ليؤكد أنه جدير بالالتفات، والقاعة التي كانت ملأى عن آخرها والناس وقوف في الخلف، استقبلوه بسعادة وثناء فختم معبراً عن سعادته البالغة قائلاً “هكذا جمهور، وهكذا اهتمام وإصغاء للشعر، لا تجده دون مبالغة في كثير من الدول الأوروبية”.