قال مسؤول في مصرف البحرين المركزي إن المصرف يعتزم إصدار معايير جديدة لحساب ملاءة رأسمال شركات التأمين التكافلي في المملكة بنهاية فبراير شباط الجاري بهدف القضاء على التناقض بين طريقة عمل هذه الشركات المتوافقة مع أحكام الشريعة الإسلامية ومعايير التأمين التقليدي الحالية.

ويأمل المسؤولون البحرينيون بسحب ما ذكرت وكالة رويترز في تقرير لها اليوم الخميس أن تساهم هذه القواعد في جعل السوق البحريني جاذبا للشركات العالمية.

وقال عبد الرحمن الباكر المدير التنفيذي للرقابة على المؤسسات المالية بمصرف البحرين المركزي لرويترز إن القواعد الجديدة ستأخذ في الحسبان الأموال الخاصة بالمساهمين في شركة التأمين التكافلي إضافة لصندوق أموال حملة الوثائق الذي يفترض طبقا لنظام التأمين التكافلي أن تديره الشركة نيابة عنهم وهو ما لم يكن معمولا به من قبل.

ويختلف التأمين التكافلي عن نظيره التقليدي في أن الشركة التكافلية يكون لديها حسابان وميزانيتان الأولى للمساهمين والثانية لصندوق حملة الوثائق ولايتم الخلط بين الصندوقين بينما تتعامل الشركات التقليدية باعتبار أن كل هذه الأموال هي وعاء واحد.

وأكد الباكر أن القواعد الجديدة تتضمن "نوعا من العدالة بين حملة الوثائق والمساهمين.. وتتوافق مع قواعد ملاءة راس المال المعمول بها عالميا."

وقال يونس جمال رئيس مجلس إدارة جمعية التأمين البحرينية لرويترز إن المعايير الجديدة تم الاتفاق عليها بين المصرف المركزي وشركات التأمين التكافلي وستتلافى العيب الأساسي في المعايير القديمة التي لم تكن تضع حملة البوالص (الوثائق) في الحسبان وإنما كانت تهتم فقط بحملة الأسهم وأصول الشركة.

وأضاف جمال "تم الاتفاق على صيغة معينة تخدم حملة البوالص (وثائق التأمين) وحملة الأسهم ولا تظلم حملة البوالص ولا تظلم حملة الأسهم."

وأعرب الباكر عن أمله أن تساعد القواعد الجديدة عددا من الشركات العالمية على دخول السوق البحريني وهو ما يساهم في تطوير صناعة التأمين التكافلي في المملكة.

وقال إن "الصناعة (المالية) الإسلامية تحتاج لأن تكون هناك استثمارات.. والاستثمارات يجب أن تكون مفتوحة.. ليس فقط (للشركات العاملة) في المنطقة وإنما لعدد من اللاعبين الأساسيين من شركات التأمين العالمية لأن هذا يكون فيه تطوير للصناعة."

وتوقع جمال أن يكون هناك مردود إيجابي كبير على شركات التأمين التكافلي جراء تطبيق المعايير الجديدة. وقال إن أحد أهم دوافع المعايير الجديدة "توحيد الأنظمة لتستقطب وتجذب الشركات والمستثمرين في مجال التكافل حتى ينجح النظام ويكون اسلاميا."

وفي حال إتمام هذه الخطوة ستكون البحرين واحدة من أوائل الدول في منطقة الخليج التي تقوم بإصدار معايير موحدة لحساب ملاءة رأس المال في الشركات التكافلية وهي إحدى المشاكل التقليدية التي تواجه شركات التأمين الإسلامي في المنطقة.

وقالت وكالة ايه.ام بست الدولية لتصنيف شركات التأمين العام الماضي إن تباين المعايير المنظمة لقطاع التأمين التكافلي في الخليج يضر بهوامش الربح والتصنيف الائتماني ويفتح الباب أمام مراجعة على المستوى الرقابي.

ويوجد في البحرين سبع شركات تأمين تكافلي وشركتين لإعادة التكافل من بين 36 شركة تأمين عاملة في السوق منها 27 شركة تأمين وطنية و11 فرعا لشركات تأمين أجنبية وذلك طبقا لبيانات مصرف البحرين المركزي.

وقال محمد المصيبيح عضو مجلس إدارة جمعية المحاسبين والمراجعين الكويتية إن الملاءة المالية لأي شركة ترتبط بشكل أساسي بقدرتها على دفع التزاماتها تجاه الآخرين وهي مهمة للغاية لشركات التأمين التي تكون ملتزمة بدفع التعويضات لعملائها في حال وقوع الخطر عليهم.

وأكد المصيبيح أن الملاءة المالية تأخذ في الحسبان رأسمال الشركة وما تمتلكه من احتياطيات وهذه تمثل حقوق المساهمين اضافة للتدفقات المالية التي تحصل عليها بشكل دوري وهي "مهمة للغاية."

وقال الباكر إن طريقة احتساب ملاءة رأس المال في القواعد القديمة "لم تكن هي الطريقة المثلى" لأنها كانت تظهر في كثير من الأحيان وجود "عجز دفتري.. غير حقيقي" لدى شركة التأمين التكافلي على غير الواقع مما يضطر المساهمين لضخ أموال جديدة في الشركة وهو ما كان يمثل عبئا عليهم.

وتعتمد الطريقة الجديدة لحساب ملاءة رأس المال على ادخال عامل التدفقات المالية والأقساط التي تحصلها الشركات التكافلية من عملائها.

وأكد الدكتور محمود بهبهاني أستاذ التأمين والعلوم الاكتوارية في جامعة الكويت ضرورة أن يتم الأمر من خلال "حسبة اكتوارية" تأخذ في الاعتبار الأقساط والاحتياطي الموجود لدى الشركة إضافة لما لديها من محافظ وعوائد استثمار هذه المحافظ كما تأخذ أيضا التعويضات والمصاريف الثابتة والمصاريف والتشغيلية.

وأضاف بهبهاني أن الحسبة يجب أن تتضمن أيضا العملات المأخوذة من معيدي التأمين والعمولات المدفوعة لمسوق التأمين اضافة لاحتمالات تحقق الخطر.

وطبقا للنظام التكافلي تلتزم شركة التأمين برد "الفائض التأميني" الذي يتبقى في محفظة العملاء في نهاية العام إليهم.

وذكر جمال الذي يشغل أيضا موقع الرئيس التنفيذي لشركة التكافل الدولية للتأمين التكافلي البحرينية أن المعايير الجديدة ستسمح بتوزيع الفوائض المالية على "حملة البوالص" وحملة الأسهم على حد سواء وهو ما سيكون موضع ترحيب من الهيئات الشرعية.

وقال إن النظام القديم لم يكن موضع ارتياح من الهيئات الشرعية مشيرا إلى أن ممثلين لعلماء الشريعة شاركوا في وضع هذه المعايير.

ونشرت هيئة الخدمات المالية الإسلامية الماليزية التي تضم في عضويتها 185 مؤسسة مالية في ديسمبر الماضي قواعد استرشادية عن كفاية رأس المال لإدارة مخاطر شركات التأمين التكافلي تتصدى للمشكلات التي تواجهها هذه الشركات كمخاطر خروج المنتجات عن مباديء الشريعة وتدرج أفضل الممارسات في الإشراف على الصناديق وإصدار الإفصاح.

وتسعى البحرين الفقيرة نسبيا من ثروات النفط والغاز لأن تكون مركزا ماليا في المنطقة وأن تجتذب رؤوس الأموال الأجنبية وأن تتجاوز المحنة التي مرت بها خلال السنوات الماضية بسبب توتر الأوضاع السياسية والأمنية التي أدت لهجرة رؤوس الأموال منها إلى دول أخرى مجاورة.

وتعول الحكومة بشكل أساسي على الدور الذي يلعبه مصرف البحرين المركزي في تطوير كفاءة السياسات الاقتصادية وتحديث البنية التنظيمية والرقابية والإشرافية على قطاع الأسواق المالية من خلال ما يصدره من تعليمات وتنظيمات للوحدات العاملة تحت رقابته ومنها شركات التأمين التكافلي.