يواصل الاقتصاد الإيراني كفاحه من أجل تجنب الانهيار، في الوقت الذي لا يبدو فيه أن تخفيف العقوبات على البلاد يمكن أن يؤدي إلى انتعاش قريب، أو أن يحل الأزمة الاقتصادية المتفاقمة التي تعاني منها البلاد، بينما يرى خبراء أن الاتفاق الإيراني الأميركي الأخير ليس سوى "دفعة أمل غير كافية لتغيير الواقع".
وسجل الاقتصاد الإيراني انكماشاً في العام 2013 بنحو 6%، وذلك بسبب العقوبات الغربية المشددة التي أدت أيضاً إلى هبوط حاد في إيرادات البلاد النفطية وتدهور في قيمة الريال الإيراني بأكثر من 50%، كما أدت إلى ارتفاع في نسب التضخم وتسجيلها مستويات قياسية لتصل إلى 40%.
وفي الوقت الذي سجلت فيه غالبية مؤشرات الاقتصاد الكلي في إيران أداء سيئاً، فإن صندوق النقد الدولي يبدي تشاؤماً حيال الاقتصاد الإيراني على الرغم من الاتفاق الذي أدى إلى تخفيف العقوبات، وسمح بتمرير دفعات مالية إلى إيران عبر النظام المالي العالمي.
وقال الصندوق إن السياسات الاقتصادية لإيران تفتقر إلى الوضوح، داعياً إلى إجراء الكثير من الإصلاحات في النظام الاقتصادي بإيران.
وقال مساعد مدير صندوق النقد للشرق الأوسط وآسيا الوسطى، مارتن سريسولا، في بيان له "إن إيران تقف الآن على مفترق طرق"، مضيفا أنه مع مخاطر بأن يواجه الاقتصاد بيئة لنمو منخفض وتضخم مرتفع، فإن هناك حاجة إلى البدء بإجراء إصلاحات لتعزيز الاستقرار والاستثمار والإنتاجية.
ويرى الكثير من الخبراء أن الاتفاق الغربي مع إيران لا يمكنه إنقاذ الاقتصاد الإيراني الذي يعاني من أزمة أعمق بكثير من أن يتم تجاوزها في اتفاق مدته ستة شهور، أو برفع جزئي للعقوبات.
وقال أستاذ الاقتصاد في جامعة لندن، الدكتور ناصر قلاوون لــ"العربية نت": إن "حاجات الاقتصاد الإيراني أكبر بكثير، والشهور الستة ليست كافية، كما أن التدفق النقدي الذي يأتي على إيران من جراء تخفيف العقوبات لا يكفي لإنقاذ اقتصادها".
ويرى قلاوون أن ثمار الاتفاق الأخير مع إيران تنحصر في دفعات مالية محدودة تأتيها من الهند وكوريا واليابان، وهي دول مستوردة للنفط الإيراني، إضافة إلى بعض الاستثمارات المتوقعة من شركات أجنبية، وكلا الأمرين لا يمكنه إخراج إيران من أزمتها، وإعادة اقتصادها إلى حركته الطبيعية.
ويصف قلاوون الاتفاق الغربي مع إيران بأنه مجرد "منح جرعة فقط للرئيس روحاني الذي جاء بخطاب يختلف عن ذلك الذي كان يتبناه سلفه أحمدي نجاد".
يشار إلى أن الاقتصاد الإيراني تدهور بصورة حادة منذ منتصف العام 2012 عندما قررت دول الاتحاد الأوروبي الاستغناء عن النفط الإيراني، وتشديد العقوبات بسبب البرنامج النووي، وأدى التدهور الاقتصادي إلى ارتفاع كبير في نسب البطالة، وارتفاع كبير في نسب التضخم مصاحب لقفزة في أسعار المواد الغذائية والسلع الأساسية، كما هبط سعر صرف الريال الإيراني بصورة حادة أمام العملات الأجنبية، ما فاقم أيضاً من أزمة ارتفاع أسعار المواد الغذائية والسلع الأساسية.