تزايدت أخيراً الضجة حول النفط الصخري ونفط المناطق البحرية العميقة، ولكن دول الخليج العربي قد تتمكن من الحفاظ على دورها كأكبر مورد للنفط في العالم.
وأظهرت تقديرات نشرتها إدارة معـلومات الطاقـة الأمـيركية أخيراً، أن معظم إنتاج النفط الإضافي خلال السنوات الـ25 المقبلة سيأتي من دول الشرق الأوسط.
وأشار كبير الاقتصاديين في شركة «آسيا للاستثمار» فرانسيسكو كينتانا إلى أن «تقرير إدارة معلومات الطاقة الأميركية يؤكد زيادة الطاقة الإنتاجية في الدول غير التابعة لمنظمة أوبك، مثل الولايات المتحدة والبرازيل وكندا، كما أن الوكالة الدولية للطاقة أشارت إلى أن التقدم التكنولوجي في الولايات المتحدة في مجال استخراج النفط الصخري، منحها قدرة لأن تصبح أكبر منتج للنفط عام 2015، وأن تتجاوز صادراتها حجم وارداتها بعد ذلك ببضع سنوات». ولفت إلى أن «كندا استخرجت كميات متزايدة من النفط من رمال القار، ولكن قبل فترة قصيرة أعلن أن العملية مكلفة جداً وضعيفة الكفاءة، وبالطريقة ذاتها ستتيح التقنيات الجديدة استخراج النفط من المياه البحرية العميقة في البرازيل ليتضاعف إنتاجها ثلاث مرات بين عامي 2010 و2040».
وأضاف: «لذلك، يتوقع عدد من المحللين أن تفقد دول مجلس التعاون الخليجي تفوقها العالمي في مجال الطاقة، وأن تفقد السعودية مركزها كمحدد لأسعار النفط عالمياً، ولكن هذا الاستنتاج غير صحيح تماماً». وبعض الدول غير التابعة لمنظمة «أوبك» ستزيد إنتاجها بالفعل، وتتوقع الوكالة الدولية للطاقة أن يزيد المعروض من النفط أكثر من 10 ملايين برميل يومياً بسبب زيادة الإنتاج في الولايات المتحدة وكندا والبرازيل وروسيا عام 2040، ولكن معظم هذه الزيادات لن يتحقق إلا خلال العقد المقبل. وفي بيئة الأسعار الحالية العالية فرصة جيدة للادخار. ولكن الوكالة الدولية للطاقة تتوقع بحلول منتصف العقد المقبل، أن يبدأ الإنتاج من الدول غير التابعة لمنظمة «أوبك» بالانخفاض بسبب ارتفاع معدلات النضوب وارتفاع تكاليف الإنتاج الهامشية، ليصبح الشرق الأوسط مصدر معظم النمو.
وأضاف كينتانا: «ولكن من أي دول في الشرق الأوسط سيأتي النفط؟ إذ يصعب توقع الإنتاج النفطي بسبب تعدد العوامل المؤثرة فيه. فبينما يمكن تقدير الطلب بدرجة عالية من الدقة، يبقى تدفق العرض النفطي غير مستقر عالمياً». وتوقع أن «تشهد الدول ذات الإنتاج المنخفض والمتوسط مثل عُمان والكويت والإمارات، ارتفاعاً بسيطاً لأنها قريبة من الوصول لأقصى طاقتها، بينما سيأتي الارتفاع الأكبر في الإنتاج الإضافي من أكبر ثلاث دول منتجة في المنطقة أي السعودية وإيران والعراق».
ولكن دول «أوبك» المـصدرة للنفط معرضة لحالات من عدم الاسـتـقرار في المـسـتقبل، إذ انخفضت الصادرات الإيرانية إلـى النصف لتسجل 1.5 مليون برميل يـومياً عام 2012 نتيجة المقاطعة الـعالمية، بينما كان إنتاجها يصل إلى 4.2 مليون برميل يومياً قبل بدء المقاطعة، في حين توقعت «إدارة معلومات الطاقة الأميركية» أن يصل في أفضل الأحوال إلى 8 ملايين برميل يومياً عام 2040، نظراً إلى حجم الاحتياطات.
ووصل إنتاج العراق إلى أعلى معدلاته عام 2013 مسجلاً 3.5 مليون برميل يومياً، ليصبح ثاني أكبر دولة منتجة في منظمة «أوبك»، وتتوقع الإدارة أن يرتفع إلى 11 مليون برميل يومياً عام 2040، إذا حلت المشكلات المتعلقة بالبنية التحتية، وحصل الانتقال السياسي في شكل سلمي. وتوقعت الإدارة ارتفاع الإنتاج النفطي للشرق الأوسط بمقدار 10.1 مليون برميل يومياً إلى 36.5 برميل يومياً عام 2040، في حين يعتمد إنتاج السعودية على تطور منافسيها الرئيسين.
وتراوح التوقعات بين ستة ملايين برميل يومياً إذا نجح كل من إيران والعراق في الوصول إلى أقصى معدلات الإنتاج الممكنة، ما يتطلب استثمارات كبيرة من هاتين الدولتين ذوات القدرة النقدية المحدودة، إضافة إلى فترة طويلة من الاستقرار، وبين 15.5 مليون برميل يومياً إذا استمر الوضع الحالي، حيث تسجل إيران والعراق مستويات منخفضة من الإنتاج، بينما استثمرت السعودية في زيادة قدرتها الإنتاجية.
وأعلنت السعودية عام 2007 خططها لزيادة القدرة الإنتاجية إلى 15 مليون برميل يومياً، إلا أن وزير النفط صرح في نيسان (أبريل) الماضي بأن «السعودية لن تزيد قدرتها الإنتاجية الحالية البالغة 12.5 مليون برميل يومياً خلال السنوات الـ30 المقبلة».
وأضاف كينتانا: «نظراً إلى حال عدم الاستقرار في إيران والعراق، والوضع الاقتصادي الصعب واستبعاد أي تحسن كبير في المدى القصير أو المتوسط، قد تضطر السعودية إلى زيادة إنتاجها خلال العقد المقبل لتزويد الأسواق الناشئة السريعة النمو بما تحتاجه من نفط».