^ لا تعرف الجماهير في الدول الأخرى التفاصيل الدقيقة عن البحرين ولا عن أي بلد آخر فالكل منشغل بحياته وشؤونه ومشاكله لكن إن استخدمت البروباغندا الإعلامية لخلق صورة نمطية عن أية دولة فكل ما تحتاجه هو آلة إعلامية ضخمة تضخ موادها المنتقاة على المشاهد أينما ذهب لتحوّل دولة ما إلى ديكتاتورية بوليسية تملك أسلحة دمار شامل ومتعطشة للدماء لتبرير التدخل بها أو إسقاطها أو تفتيتها. ويعتمد الإعلام على قوة الصورة وعلى التكرار وتوجيه بؤرة التركيز لتثبيت النمط المختَلَق في أذهان المشاهد وإخفاء صورة مقابل فرض أخرى حتى يصدق المتلقي ما يراد له تصديقه مثل حكاية أسلحة الدمار الشامل بالعراق التي خصصت له تقارير إعلامية وتصريحات على مستويات عالية وشخصيات تمهد لغزو العراق عن طريق الترويج على نطاق واسع لقصص تبين زيفها لاحقاً. قبل تولي أوباما رئاسة الولايات المتحدة ظهرت في أمريكا أطروحات تؤكد اتجاه الولايات المتحدة إلى نوع آخر من الحروب غير التقليدية. وفي إحدى تصريحاته أشار الرئيس الأمريكي السابق جورج بوش بأن الحروب القادمة ستكون عن طريق شركات وموظفين يكونون جنوداً سريين. قبل تصريحاته أكدت تقارير ودراسات عدة اتجاه أمريكا إلى أنواع من الحروب غير التقليدية، منها دراسة صدرت عن جامعة براون الأمريكية خلصت إلى أن الولايات المتحدة قررت التخلي عن الحروب التقليدية التي قد لا تأتي بنتائج إيجابية مثل حربي العراق وأفغانستان التي تقدر تكاليفها بترليونات الدولارات. وجاء الرئيس الحالي أوباما ليطبق سياسة الحرب الجديدة عن طريق المؤسسات والمنظمات التي يطلق عليها “غير حكومية” والتي تدار وتمول من شخصيات ذات علاقة بالاستخبارات الأمريكية أو تمول من أثرياء صهاينة ويتم زرع هذه المنظمات في الدول المستهدفة مع تسخير الآلة الإعلامية لها والتي تدار من قبل المحافظين الجدد واللوبيات الصهيونية، وكما ذكرنا في مقال سابق فإن هذه الوسائل تتيح إبقاء أمريكا نفسها على مسافة من الحرب التي تشنها على الدول المستهدفة ومراقبة مجريات الأحداث والنتائج. أصبحت هذه الوسائل هي الماركة المسجلة لعهد أوباما ونشطت فيما يسمى بالربيع العربي التي تحركها وتديرها جماعات تلقت تدريبات تمولها أمريكا بالتنسيق مع إحدى دول الجوار التي أنيط بها دوراً في مشروع الشرق الأوسط الجديد، إضافة إلى دخول عناصر استخباراتية أمريكية لإشعال الشارع وزرع النشطاء ومنحهم الحماية وجعلهم مصدراً أساسياً للتقارير المرسلة للإعلام والمنظمات الحقوقية بحيث يخرج للعالم رأي أحادي موجّه.. تذكرون في البحرين وسائل الإعلام العالمية التي لم تكن تقبل الالتقاء بأي مصدر آخر غير “نشطاء” محددين أغلبهم يحمل جنسيات غربية؟ ... بالتوازي مع ذلك يصدر المسؤولون الأمريكيون تصاريحهم حول ما يجري عن بعد وكأنهم مراقبون فقط وليسوا لاعبين رئيسين في تدبير عمليات الانقلاب عبر ما يسمى بحرب اللاعنف مجازاً وللاستهلاك الإعلامي مع رفع شعارات “السلمية” التي شهدناها مستنسخة في أكثر من دولة منها البحرين التي رفعت فيها بعض الجماعات هذا الشعار حتى أثناء عمليات الحرق والقتل والتخريب . التعليمات واضحة باعتماد هذه الشعارات لتتناسب والصفة التي ستستخدمها وسائل إعلامية دولية عن المتظاهرين التي تطلق عليهم Peaceful Protesters “متظاهرين سلميين” لخلق تلك الصورة النمطية التي أشرنا لها في بداية المقال واستخدام المجاز الشاعري لصورة الوردة التي تواجه الدبابة. حرصاً على هذه الصورة نتذكر إحدى مقاطع الفيديو في البحرين التي يطلب فيها إعلاميون خارجيون من المتظاهرين إخفاء أسلحتهم لكي لا يفسدوا صورة “السلمية” وهو تأكيد على أن أولئك المراسلين مجندون لاختلاق صورة معينة عن المتظاهرين ولم يأتوا ليعكسوا الواقع وينقلوا الحقائق. بدأت الصورة تتضح للعالم حول الحروب غير التقليدية والانقلابات التي تنظمها وتحيكها دول أجنبية بمساعدة دول “شقيقة” كما في حالة البحرين وهو ما أوقفنا مدهوشين في بداية الأحداث التي شهدناها العام المنصرم، هذه الحروب غير التقليدية بحاجة إلى منظومة دفاع غير تقليدية أيضاً قوامها إعلامي وحقوقي وسياسي ومعرفة مصادر القوة التي تمتلكها الدولة للصد والتفاوض والتحالف مع كيانات متجددة، والأهم عدم ترك الساحة مفتوحة لمؤسسات ومنظمات تشتغل بأريحية من الداخل على قلب الأنظمة وخلق الفوضى والحروب الأهلية والطائفية تمهيداً للتقسيم وفق رؤى من لا يهمه إلا مصلحته، فهل تتخذ البحرين إجراءات شبيهة بالإجراء الحازم الذي اتخدته الإمارات العربية المتحدة حيال المنظمات المشبوهة ذات الأجندات التي باتت مكشوفة وواضحة؟