نشرت جمعية الأطباء البحرينية أمس رسالة موجهة من أطباء قسم أمراض النساء والولادة بمستشفى السلمانية إلى وزارة الصحة تحذر من ما أسماه الأطباء «انهيار كامل بالقسم» حال عدم تداركه بتعيين أطباء جدد، إذ أكدت الرسالة تعامل 7 أطباء فقط في القسم مع أكثر من 150 حالة تترد يومياً، بينها 30 حالة حرجة أو مخاض أو ولادة مبكرة أو حالات سكلر حرجة، إضافة إلى 10 حالات ولادة قيصرية يضطلع بها 3 أطباء.
وحذر الأطباء المقيمون بقسم الولادة ، بحسب الرسالة، من «انهيار تام للقسم نتيجة الضغوطات الكبيرة التي يعملون في ظلها وعدم تجاوب وزارة الصحة مع مطالبهم، مع وجود نقص شديد ومستمر في عدد الأطباء المقيمين بالقسم، وعدم وجود بديل طيلة السنوات الأربع الماضية، في ظل تزايد الحالات المترددة على مستشفى السلمانية وهي في أغلبها حالات حرجة وطارئة خصوصاً أن المستشفى هو الوحيد الذي يستقبل الحالات من جميع محافظات المملكة».
وأوضح الأطباء أن «المشكلة بدأت في آخر أربع سنوات عندما شهد القسم تراجعاً كبيراً في عدد الأطباء المقيمين ذوي الخبرة في التخصص، حيث أنهى أكثر من عشرين طبيباً خدمتهم بالمجمع لأسباب مختلفة، ليتجاوز النقص 50%، فيما عدد من الأطباء الباقين هن إناث يذهب وقتهن ما بين حمل وساعات رضاعة، ذلك فيما كان التعويض في هذه الفترة الحرجة بأربعة أطباء متدربين ثلاثة منهم طلبوا التحويل إلى أقسام أخرى».
وقال الأطباء: «نحن نغطي مجمع السلمانية الطبي ومستشفى جد حفص للولادة، ونحتاج عشرة أطباء يومياً للمناوبة الليلية، في مستشفى جد حفص يتم تغطية حالات المخاض والعمليات القيصرية إضافة إلى الحالات التي تتحول من مستشفيات أخرى وذلك كله بطبيبين مقيمين فقط يعملان لمدة 17 ساعة متواصلة إضافية بعد عملهم الصباحي، إذا يتوجب عليهم الدوام بشكل كامل في اليوم التالي حتى الساعة الثانية ظهراً، فإجمالي عدد ساعات العمل المواصلة في المناوبة 32 ساعة ونادراً ما يتخللها ساعتي راحة، أما في مجمع السلمانية الطبي يقسم العمل إلى طوارئ النساء والولادة وحالات الولادة والإجهاض والعمليات الطارئة ويقع كل ذلك على عاتق سبعة أطباء».
وأضافوا أن «قسم طوارئ النساء والولادة في مجمع السلمانية يستقبل يومياً نحو 150 حالة أو أكثر منها بسيطة أو حرجة أو في حالة مخاض، إضافة إلى المرضى المحوَّلين من المراكز الصحية والمستشفيات والعيادات الخاصة، وفي الأوقات التي تكون فيها أزمة أسرِّة بالمجمع حتى حالات الولادة تتم في المكان غير المخصص لذلك، وللأسف طبيبان مقيمان يقومان بمعاينة وتشخيص وعلاج هذه الحالات لمدة 24 ساعة والمطلوب منهم العمل بكفاءة وحرفية».
وتابعوا أنه «ما يخيب الآمال أن طوارئ النساء والولادة لا يعتمد على نظام المناوبات المعتمدة في أٌقسام الطوارئ الأخرى كالطوارئ العام وطوارئ الأطفال وكذلك لا يوجد تصنيف للمرضى لتسهيل المعاينة والعلاج كما هو معمول به في المؤسسات الصحية الأخرى التابعة لوزارة الصحة كالمراكز الصحية وهذا يشكل عبئاً كبيراً على الطبيب المناوب مما يقل من كفاءة العمل والاهتمام بالحالات الحرجة».
وقال الأطباء في رسالتهم إن «غرفة الولادة والعمليات تستقبل يومياً ما بين 20 إلى 30 حالة، ما بين حالة مخاض وحالات حرجة أو ولادة مبكرة أو حالات سكلر حرجة، وهذا الضغط في العمل يتكرر يومياً صباحاً ومساء بالإضافة إلى العمليات القيصرية التي تتراوح ما بين ثمان إلى عشر حالات، وكل هذا على عاتق ثلاثة أو أربعة أطباء مقيمين، وأشاروا إلى أن «معظم حالات الولادة تتطلب وجود الطبيب مع القابلة القانونية لقلة الخبرة أو حساسية الحالات التي تدخل المجمع»، موضحين أن «الحالات النسائية الطارئة يتم تشخيصها وإجراؤها بالمناوبين تندرج ما بين حالات إجهاض وهي ما بين ثلاث إلى خمس حالات يومياً وحالات الحمل خارج الرحم التي تتطلب خاصية عالية في التشخيص والعلاج وقد تتطلب إجراء عملية طارئة للمريضة وكذلك حالات أكياس المبايض وهذه الحالات تتراوح ما بين 1 إلى 3 حالات يومياً، والصعوبة في العمليات النسائية تكمن في التنسيق مع غرفة العمليات والتخدير الذي يشكل عبئاً جديداً على الأطباء المقيمين وذلك لكثرة الحالات والتنسيق بينهما».
وأوضح الأطباء أن «قسم النساء والولادة يحتوي على ستة أجنحة تضم 106 أسرة وفي أغلب أوقات السنة تكون الحالة الاستيعابية 100% وتندرج حالتها ما بين العادة إلى الحرجة ومنها حالات الطلق الصناعي التي تتطلب متابعة من الطبيب المقيم وحالات العمليات التي تتطلب من الأطباء المقيمين أن يعاينوها أثناء المناوبات الليلة لأخذ الموافقة وتجهيز المرضى للعمليات في صباح اليوم التالي، كما إنه من الملزم أن يتم المرور على الأجنحة ليلاً لإتمام إجراءات المرضى وفحصهم وعمل الأشعة فوق الصوتية لبعض الحالات». وخلص الأطباء، بحسب الرسالة إلى أنه «مع كل هذا الجهد والتعب لا نلقى شكراً ولا تقديراً وإنما نقابل باللوم والتوبيخ مع ضعف التدريب وليس لنا حق الذهاب لأي مؤتمر أو ورشة عمل على حساب الوزارة إلا من رحم ربي»، مشيرين إلى أن «وزارة الصحة مازالت تماطل في الإجابة على رسالتهم وتلبية مطالبهم».
من جانبها، قالت رئيسة جمعية الأطباء د. مها الكواري إن «خطورة الوضع في قسم الولادة بمجمع السلمانية مضاعفة، لأنها تطال الأم والجنين أو المولود في وقت واحد»، مشيرة إلى أنها طلبت مقابلة وزير الصحة للغرض ذاته لكنها لم تتلق رداً حتى الآن.
وحذَّرت الكواري من أن المماطلة في تلبية مطالب هؤلاء الأطباء قد تؤدي إلى وقوع ما لا يحمد عقباه.
وأعربت عن استغرابها من عدم تجاوب وزارة الصحة مع مطالب الجمعية بتحسين بيئة عمل الأطباء، وقالت «الأمر لا يتعلق بالأطباء فقط، وإنما بأرواح الناس أيضاً»، متسائلة «أين ما تحدثت عنه وزارة الصحة بشأن تعاقدها مع أطباء من الخارج لتخفيف الضغط على الأطباء العاملين في المستشفيات والمراكز الصحية؟».
وقالت رئيسة الجمعية «عندما يقع خطأ طبي يتم فوراً إلقاء اللوم كاملاً على الطبيب، فيما من الأجدر بنا تطبيق مبدأ الوقاية قبل العلاج، والوقاية تكون هنا عبر تهيئة بيئة سليمة يستطيع فيها الطبيب إعطاء أفضل ما لديه بما يؤثر إيجاباً على الخدمات المقدمة لمراجعي المستشفيات والمراكز الصحية».