يسعى أبناء وأحفاد العجوز الفلسطيني رجب التوم من شمال قطاع غزة لتسجيله في موسوعة غينيس للأرقام القياسية كأكبر معمر في العالم، بعد أن بلغ من العمر الآن 125 عاما، ورغم ذلك يتمتع بذاكرة حديدية وبصحة جيدة وله 300 حفيد وحفيدة.

يتذكر التوم جيدا الحقب التاريخية التي مرت بها فلسطين، وقد كان جنديا لعامين في الجيش التركي إبان الخلافة العثمانية، كما خدم في الحراسات في لبنان عندما كان في الثلاثين من عمره.

ويستقبل التوم زائريه مرحبا بهم بأبيات من الشعر حيث لا تزال ذاكرته تحتفظ بالكثير من الأشعار والقصائد في مدح فلسطين وجمالها وطبيعتها الخلابة، ولم يعد له أصدقاء من جيله حيث إن جميعهم متوفون.

ويحرص المعمر الفلسطيني في كل يوم على الاستماع للمذياع لمعرفة الأوضاع المحلية والعربية وحتى الدولية. كما يحرص على أداء الصلوات والاستماع لتلاوة القرآن الكريم، وكان بيته مزارا للمواطنين الراغبين في معرفة مجريات الأحداث التاريخية التي مرت بها فلسطين.

ويتذكر التوم النكبة الفلسطينية وتشريد الأهالي وكيف احتضن المواطنون في غزة إخوتهم من اللاجئين في بيوتهم وأمنوا لهم المسكن المؤقت قبل أن تبنى وكالة غوث وتشغيل اللاجئين "أونروا" لهم المخيمات والمنازل فيها.

ويقول إنه في ذلك الوقت لم يكن في يد الفلسطينيين السلاح ليدافعوا عن أرضهم، وكانت العصابات الصهيونية تستخدم القوة المفرطة مع الفلسطينيين وتحرق المدن ليخرجوا منها إما عنوة أو خوفا.

ويضيف أن من استضافهم في بيته عند الهجرة "كانوا يحتفظون بمفاتيح بيوتهم، إذ كانوا على ثقة بأنهم سيعودون إلى أراضيهم التي هجروا منها". ويتذكر جيدا كذلك النكسة التي عايشها وكيف استطاع اليهود هزيمة الجيوش العربية في العام 1967.


الربيع العربي
وحتى وقت قريب، كان التوم يتحدث بإيجابية عن الثورات التي شهدتها البلدان العربية في ظل الظلم الذي كان يقع على العرب والمسلمين فيها، غير أنه بدأ يغير بعض آرائه مع الاقتتال الداخلي في بعضها والقتل الممارس في مصر وسوريا.

وقد دأب التوم في وقت من الأوقات على زيارة بعض البلدان العربية كمصر والجزائر ولبنان وسوريا والأردن وغيرها دون بطاقة أو جواز سفر، "فقد كانت حياتنا في ذلك الزمان أحلى وأجمل.. كنا نسافر دون تصاريح وكنا نعبر البلدان العربية دون حواجز إلى أن قسمنا الاستعمار ودعم بعضنا على حساب بعض لنتقاتل ويتفرج هو علينا".

وكان أغلب طعام الفلسطينيين قبل النكبة -وفق حديث التوم- يتكون من الزيت والخبز المحمص، وكانت حياتهم بسيطة جدا وغالبيتهم مزارعين. وكان هو في بعض الأحيان يعمل تاجرا متجولا يطوف على البلاد العربية حين كانت الطرق مفتوحة بينها.

ويتذكر التوم جيدا كيف استشهد زعماء فلسطين وقادتها كياسر عرفات وأحمد ياسين، ويحلم بأن يعم السلام أرض فلسطين وينتهي الاحتلال الإسرائيلي لها، وأن يعود العرب إلى الوفاق بينهم وأن ينبذوا الخلافات والمشاكل التي كثرت بينهم.

ويصف جمال التوم (58 عاما) والده المعمر بأنه "موسوعة تاريخية" ظل ينهل منها الناس والباحثون، وزارته الكثير من الوفود حتى من أميركا للاستماع إليه.

وبين أن والده لا يزال يحن إلى السفر للبلدان العربية التي زارها شابا لكنه يطمح أن يزورها دون أن تكون بينها حدود.