أكد تقرير صادر عن المركز العالمي للدراسات التنموية ومقره العاصمة البريطانية لندن، أن عجز الموازنة العراقية بات يهدد قطاع النفط العراقي بشكل واضح.
وبحسب التقرير، فإن تجاوز العجز مبلغ الـ50 مليار دولار فإن العراق سيكون عرضة لخطر الإفلاس في العام 2017. وسيكون العراق عاجزاً عن دفع رواتب موظفيه. ويبدو أن مؤشرات الإفلاس باتت تلوح في الأفق، خاصة أن الحكومة العراقية تدفع رواتب موظفيها، بما فيها رواتب موظفي إقليم كردستان، على شكل شهري، حيث خصصت 4.5 مليار دولار لشهر فبراير، ولم يتم إرسال رواتب شهر مارس المقبل، لأن المبلغ المتوفر لا يكفي إلا لثلث موظفي العراق.
وأوضح التقرير أن اقتطاع 15% من الموازنة المخصصة للاستثمارات النفطية قد ساهم في خفض الصادرات العراقية من 2.62 مليون برميل في اليوم إلى 2.28 مليون برميل في اليوم خلال الأشهر الثلاثة الماضية، ما أثر بشكل واضح على إيرادات الدولة وخططها في زيادة الصادرات لأكثر من 3.5 مليون برميل خلال العام 2014.
وبحسب التقرير، فإن شركات النفط العملاقة باتت غير قادرة على التعامل مع البيئة المضطربة للاقتصاد العراقي، ما يهدد بانسحابها منه. فبالإضافة إلى العامل الأمني يبرز عامل الفساد المالي والإداري والبيروقراطية وانعدام الخبرة وحاجة العراق إلى البنى التحتية وتدريب 70 ألف عامل في قطاع النفط للوصول إلى الأهداف المطلوبة.
ويشير التقرير إلى إلغاء شركة "بريتش بتروليوم" عقودا لعشرات المتعهدين الأجانب من حقل الرميلة الجنوبي، وتهديد شركة إيني بالانسحاب من حقل الزبير في البصرة بسبب التعقيدات البيروقراطية التي أجلت توقيعها لأحد العقود ستة أشهر.
تكلفة حرب الأنبار 7 ملايين دولار يومياً
ويبدو أن عجز موازنة العراق قد ساهم في إضعاف قدرة الدولة على بسط الأمن، كونها تخوض حرباً في الأنبار تكلف الاقتصاد العراقي ما قيمته 7 ملايين دولار يومياً، الأمر الذي يرهق كاهل الموازنة ويؤثر في قدرة الدولة على تحمل أعبائها الأخرى في الدفاع عن باقي المناطق العراقية.
ويشير تقرير المركز العالمي للدراسات التنموية إلى أن العجز الحقيقي في الموازنة العراقية قد ارتفع اليوم إلى 32 مليار دولار في ظل عدم الاتفاق بين بغداد وأربيل على تصدير النفط، وإقرار خمسة دولارات كتعويض لكل محافظة منتجة للنفط، وإقرار قوانين لا تتناسب وقدرة العراق على تحمل أعبائه المالية.
عجز الموازنة غير مبرر
ويرى المركز العالمي للدراسات التنموية أن العجز غير مبرر، كون الموازنة أعدت على أساس سعر 90 دولارا للبرميل، في حين أن سعر النفط لم يقل عن 100 دولار، أي أن الموازنة يجب أن تحقق فائضاً كبيراً، خاصة أن نسب الإنجاز في معظم المحافظات العراقية لم تتعد 40%، وفي بعضها كانت صفراً.
إضافة لذلك، فإن المبالغ المدورة من الموازنات السابقة لغاية العام 2012 كانت أكثر من 50 مليار دولار، ما يثير التساؤلات حول السبب الحقيقي للحديث عن العجز، إن لم يكن محاولة جديدة تستهدف سرقة المال العام وتحويله لمنافع ومكاسب شخصية لكبار المسؤولين في الدولة.
الأغنياء الجدد
ويوضح تقرير المركز العالمي للدراسات التنموية أن الفساد المالي والإداري في العراق قد أدى إلى ظهور طبقة جديدة من الأغنياء ورجال الأعمال الجدد المحسوبين على الحكومة العراقية، والذين وصلوا إلى الثراء بشكل سريع، ما دفع لظهور سوق للسلع الكمالية في العراق، وأبرزها الطائرات الخاصة التي قد تصل أسعارها إلى 16 مليون دولار، في حين يعيش ثلث الشعب العراقي تحت خط الفقر.
ودفع هذا الأمر وزارة النقل إلى إصدار ضوابط لشراء تلك الطائرات، ما يعني أن حجم الطلبات المقدمة استوجب إصدار مثل تلك التعليمات.
وأبدى التقرير دهشته من تمكن خبراء الاقتصاد ومستشاري الحكومة العراقية من إعداد الموازنات منذ العام 2004، في ظل غياب واضح للحسابات الختامية التي تظهر الإنفاق الحقيقي لمواردها، وتتيح مراقبة أوامر الصرف، ما يدل بشكل واضح على مخاوف من الإفصاح عنها، وتتعمد إخفاءها خشية الكشف عن فساد مالي وإداري كبير يعاني منه العراق منذ سنوات.