في الأمس القريب، ضجت نساء البحرين بخبر مضاعفات خطيرة أصابت امرأة إثر إجراء عملية قيصرية لها في أحد المستشفيات العامة، ورغم التفاصيل الطبية التي لا نفقه حولها شيئاً، إلا أن من المسلمات أن تكون العملية القيصرية عملية بسيطة بالنسبة لمستشفى مرموق ونحن نعيش عام 2012، فالعملية القيصرية لا تحتمل أخطاء تتسبب بآلام مستمرة، دون التحرك الجاد من الطبيب المعالج من أجل كشف السبب! والأكثر مرارة عندما تتسبب بموت المريضة!
هذه السيدة أنجبت توأمان، وبعد العملية زادت عليها الآلام، فأخذها زوجها عدة مرات إلى المستشفى دون اكتشاف العلة الحقيقة، وبعد تغيير الأدوية ومرور الأيام، أصبحت لا تقوى على التحرك من الفراش، فسافر بها إلى المملكة العربية السعودية ليشخصوا حالتها بأن رحمها قد فسد(تعفن) نتيجة خطأ في العملية القيصرية، وهي لن تتمكن من الإنجاب مرة أخرى، كما إنها أصيبت بتسمم في دمها نتيجة التأخر في مباشرة الحالة.
كل هذا يصيب المرأة في الوقت الذي يجب أن تكون فيه مع ولديها الجديدين!
كل هذا يحدث أمام صرخات الزوج بين الجهات المختصة من أجل التكفل بعلاجها في الخارج وإنقاذ حياتها! ولكن يبدو أن سياسة التعامل مع الأخطاء الطبية تتطلب إعادة النظر في المجمل، فثقافة التستر، وعدم الاعتراف، والمكابرة، وعدم تقديم خيارات بديلة لتصحيح الأخطاء، كلها تدل على مستوى ثقافة الإنسان وأسلوب تعامله، ومدى احترامه للآخرين، بل وتنم عن مستوى أمانة كل موظف في تحمل مسؤولياته وأداء عمله بذمة وضمير.
هذه السيدة رحلت عن ابنيها، تاركة وراءها قصة حزينة تدمي قلوب الأسر البحرينية، فتفاصيلها ستبقى في الأذهان، وستتناقلها الألسن من أجل أخذ العبرة، ولكن الزوج هو الخاسر الأكبر، فهو أمام فجيعة فقدان زوجته، وتحمل متاعب تربية توأمين لم يكتب لهما الله أن يتربيا في كنف والدتهما؛ والسبب خطأ طبي سيبقى في دائرة المجهول دون فتح تحقيق أو دون تشكل لجنة بحث تملك الشجاعة على نشر تقريرها أمام الرأي العام.
لكل مسؤول، ولكل صاحب قرار في عمله، نقول إن تغيير ثقافة التعامل مع الأخطاء أياً كان نوعها أمر واجب، فالعقلية القديمة في التعامل مع الأمور لم تعد تنفع، وتبني استراتيجيات صحيحة لتصحيح الأخطاء أمر واجب يساءل عليه الإنسان يوم الحساب.
ندرك أن من لا يعمل لا يخطئ، ومن المسلمات أن نسبة الخطأ موجودة في كل المهن ولكن عند الحديث عن الأخطاء الطبية فإننا نتحدث عن أكثر الأمور حساسية لأنها تلامس صحة الإنسان وسلامته، وما يثير الحزن ويذر الملح على الجرح هو خروج الخطأ الطبي عن دائرة العلاج ليتسبب بموت المريض، دون تحرك يذكر لفتح تحقيق أو محاسبة المخطئ أياً كان، ومهما كان منصبه، فقد آن أوان حساب المقصرين، ليكونوا عبرة لغيرهم، وكفى مجتمعنا أمراضاً تفتك به من الداخل.
{{ article.article_title }}
{{ article.formatted_date }}