كثيراً ما تتساءلين عمّا إذا كنت تتمتعين بصفات الأمّ المثالية التي تنذر حياتها لأطفالها، فتّتسم بالصبر والجهد بهدف تأسيس عائلة متكاملة رغم أنّها تستخدم الكثير من قدراتها. فالأمّ هي منبع الأسرة الحقيقية وأساس تكاتفها ونجاحها.

في اليوم العالمي للأسرة، لا بدّ من تسليط الضوء على مهام المرأة التي تعرف كيف تحافظ على صورة الأمومة الحقيقية فترسم طريقاً مستقيمة حول اهتمامها بعائلتها من دون أن تحتجز في دائرة الظلم بحقّ نفسها. بين المنزل والاولاد والعمل والرغبة في أن يكن أمهات مثاليات، تصاب بعضهن بما يسمّى بحالة الـ"بورن أوت" أو حالة الإرهاق الشديد.

فأعراض هذه الحالة تتجلى من الناحيتين العاطفية والنفسية، وتظهر نقصاً تاماً في الطاقة. فالأمومة أشبه بوظيفة عمل تمتد على مدار 24 ساعة، ولا نهاية أو راحة منها. من الطبيعي إذاً أن تؤدي بالمرأة الى نوع من الإرهاق النفسي والجسدي، خصوصاً إن كانت الاخيرة تعمل خارج المنزل وتتحمل مسؤوليات عدة في الوقت عينه. فكيف إذا شعرت أنها لا تلقى أي اعتراف بالجميل من الخارج لما تفعله، وتتعرض مراراً الى الانتقادات؟ يصبح الاولاد في هذه الحالة مصدر توتر كبير يؤدي غالباً الى نقد ذاتي ونقص في الانتاجية على كل الاصعدة.

وتقسّم حالة الارهاق في الحياة الأسرية هذه الى ثلاث مراحل. الأولى يظهر خلالها إرهاق على المستويين العاطفي والجسدي. أما المرحلة الثانية، فتتجلى بظهور نوع من الدفاع، تطوّره المرأة من أجل حماية نفسها من الضغوط الخارجية ومن المتطلبات التي يفرضها المحيط عليها. وتصل أخيراً الى المرحلة الثالثة، حيث لا تعود قادرة على الاعتراف بما فعلته في الماضي والحاضر، كما يصعب عليها التفكير بالمستقبل، فتفقد ثقتها بنفسها. من الافضل عدم غض النظر عن هذه المرحلة والقول إنها فترة عابرة، فنتائجها في الحالات القصوى قد تؤدي الى أرق مزمن واحباط كبير.

في المقلب الآخر، تلعب المرأة أدواراً عدة، فهي الزوجة التي عليها أن تخصّص وقتاً لنفسها ولزوجها، حتى لا تتأثر علاقتهما ويحافظا على تلك الحميمية الضرورية للزواج. هي الأم التي تمدّ طفلها بالحنان، ترافقه في نموّه، وتقضي معه معظم الأوقات. إنها المربية التي يقع على عاتقها هذا الواجب فيتطلب الكثير من الصرامة أحياناً، وقد ينتج عنه الكثير من التوتّر. كما انها المرأة العاملة التي لا يمكن أبداً التخلي عن هذا الدور الذي يشكّل جزءاً مهماً من استقرارها. ويكمن دورها في خلق هذا التوازن بين كل الأدوار المناطة بها، وإيلاء كلّ دور حقّه.

ويرى علم النفس "أنّه عندما تضحّي المرأة في كلّ الأساليب بهدف تعزيز علاقتها بأسرتها وإدخال السعادة الى نفوس أولادها وتلبية متطلبات زوجها، سوف تصل الى طريق مسدود حيث تنفجر فيه من كثرة الضغوطات. فصحيحٌ أن الأمّ المثالية عليها أن تقدّم بعض التنازلات لعائلتها إلاّ أن مقولة أن ترهن كل حياتها وطموحاتها في سبيل ذلك لم تعد قائمة، إذ إن الأمّ هي كائن يحتاج الى هامش من الحرية أيضاً لتتنفس الصعداء عن مشقّات الحياة اليومية، وترجمة أفكاره بما يرد إيجاباً على أجواء العائلة".

وبيّنت دراسة بريطانية "أن مهنة المرأة قد يكون لها أثر على علاقتها بأسرتها. فحسب تلك الدراسة، بعض المهن من شأنها أن تكون مدمّرة للعلاقة. من ناحية أخرى، تعزز مهن أخرى العلاقات العاطفية وتحافظ على استمراريتها. فالراقصات والمربيات والممرضات عرضة بنسبة 40% الى خطر فشل علاقاتهن العائلية. كما أن المهن الاجتماعية أو الانسانية تبعد الأزواج بدلاً من تقريبهم. أما مصممو الرقص والعاملون في النوادي الليلية والمدلكون والأطباء النفسيون، فهم يتصدرون لائحة المهن المضرة بالحب. وفي المقابل، أطباء الأسنان والاختصاصيون في طبّ العيون قلما يعانون مشكلات في الطلاق، كما أن المهنة المثالية في مجال الحب هي الهندسة الزراعية".

عندما تدرك المرأة كيف تتحكم بكل أدوارها بأسلوب صحيح، تنحصر الصعوبة في حصولها على لقب "الأمّ المثالية".

مقالات أخرى متعلقة بالأم والأمومة:

كيف تتعاملين مع أبنائك في فترة الامتحانات المدرسية؟

إختبري علاقتك بوالدتك من خلال الإجابة على هذه الأسئلة...

كوني أماً مثالية بـ 17 خطوة

اشتركي في نشرة ليالينا الإلكترونية لتصلك آخر مقالات الأمومة والتربية على بريدك الإلكتروني.