استهل مشوار الكفاح منذ نعومة أظفاره، حيث بدأت الحياة قسوتها معه قبل ولادته بأشهر حين توفي والده- رحمه الله -فخرج للدنيا كبيراً يصارع ويكافح متسلحاً بالعلم و كان له بمثابة القارب الذي أوصله إلى بر الأمان.
ضيفنا في هذا العدد لقبه “ عميد أيتام العالم” حيث يصر على هذا اللقب كثيراً لأنه يقول: “أخذته بعرق جبيني” ! حاصل على العديد من الشهادات العليا في مختلف المجالات، ويعد أحد أشهر الكتّاب، ولا يقبل النقاش فيما يخص نادي الإتحاد حيث يقول: من حقي أن أتغزل في الاتحاد ولا أحد يلومني في ذلك.
في حوارنا معه كشف لنا العديد من النقاط التي يدور حولها النقاش في مختلف المنابر، حيث وضح مقولته الشهيرة: “أنا قصيمي تجميع حجازي” وكشف لنا عن آخر أعماله التي خص بها مجلة ليالينا، وكذلك عن البرنامج اليومي الذي يجمعه بوالدته - حفظها الله- التي كما يقول دائماً بأنها تقف مع نادي النصر دعاءها له بأن يحقق البطولات لعل آخرها تحقيق كأس ولي العهد مؤخراً ! .
هذا الضيف لن يكون إلا اليتيم الدكتور أحمد العرفج الذي كان صاحب الصفحات والحبر ونحن قراء سعدنا بضيافته من خلال الصفحات القليلة القادمة فإلي نص الحوار:

لطالما كان السكوت من ذهب والكلام من فضة.. إلا أنك استطعت أن تجعل كلامك ذهباً.. ما هو السر وراء الذهب ؟!
يا صديقي إن صح ما تقول إن كلامي ذهب، فإنني أشك في ذلك، فمرد ذلك إلى توفيق الله أولاً وإلى البر بوالدتي ثانياً، وإلى أولئك الرجال المخلصين الذين يحيطونني بحبهم ومودتهم حيث يعطونني مساحة في صحفهم وفي فضائياتهم. ولن أعدد أحد لأننا نحتاج إلى عددين من ليالينا لذكر أسماء من دعموا اليتيم وساندوه في رسالته الإعلامية.

نجدك كاتباً للعديد من المقالات في مختلف المنابر.. هل تريد إيصال رسالة معينة، أم يعود ذلك للبحث عن الشهرة أم المال؟! نريد أن نستوعب تشعب حضورك؟
أولاً مسألة الشهرة هي تهمة أسمعها منذ 20 سنة وأقولها بكل غرور فقد تجاوزت حاجز الشهرة، وأصبحت مشهوراً وإن كنت لم أسع لذلك، ثانياً لدي إيمان عميق بأن الكاتب مثل الفتاة الجميلة، لديها تاريخ صلاحية وإن لم يستثمر الكاتب فترة توهجه فإنه سيكون من قبيلة الأغبياء.
العهد الذي بيني وبين المطبوعات التي أكتب فيها هو الصلاحية، واستقطابهم لقلمي المكسور، وأنت تعرف يا فهد أنني يتيم وليس لي واسطة إلا توفيق الله ثم دعاء والدتي قمصها الله ثياب العافية.

نجد صدام فكري بينك وبين مختلف الآراء وهذا طبيعي، ولكنك تتعمد بعض الأحيان أن يهاجمك البعض.. على سبيل المثال ما حدث بينك وبين الأشقاء من الجنسية السودانية؟!
مشكلة الناس أنهم تعودوا على مذاق واحد، وطعام واحد، ومشروب واحد، ومتى جاء أحد من الناس من  أمثالي برأي مختلف أو وجهة فكر مخالفة، قالوا عنه بكل بساطة: أنك تتبع قاعدة «خالف تعرف»، وهذه القاعدة قاعدة سقيمة، مريضة، لأن الناس لا تلتفت إلا إلى الآراء المختلفة، أما المتماثلة فهي تكرار لشيء واحد، لذلك أقول لك: لو كان «برجر كنج» مثل «ماكدونالدز» وبنفس المذاق لكان أحدهما لا داعي له. من هنا أقول ما تُسمِّيه صدامات أُسمِّيه أنا وجهات نظر مختلفة، من زوايا متعددة.

هل مازلت عند رأيك فيما يخص مقالك عن السودانيين؟!
نعم مازلت، لأن الكلام الذي كتبته، كتبته باقتناع، وبعد تدبر طويل، وأنا أطلب منك الآن أن ترجع للمقال، وإن وجدت فيه أي إساءة لهم، فاحذف رقمي من جوالك واقطع صداقتك بي.

بسبب هذا المقال شُتمت وتَعرَّضت للكثير من مختلف الردود عليك، سواء في مواقع التواصل الاجتماعي أو زملاءك الكُتَّاب في السودان وخارجها.. ألم تشعر بأنك أخطأت وكان يجب عليك الاعتذار؟!
أما مسألة الشتم فهي أصبحت جزءاً من طعامي اليومي، فأنا استفتح الصباح بقراءة ما يُكتب في وسائل التواصل الاجتماعي فأجد الشتائم من كل جهة وناحية، لذلك وصلت لمرحلة شيخنا الأدبي الشاعر نزار قباني عندما قال:
يعانق الشرق أشعاري ويلعنها
فألف شكر لمن أطرى ومن لعنا
لذلك الآن أنا مصاب بعمى الألوان، فلم أعد أفرق بين المدح والذم، فقد تساويا في نظري.. ولو شعرت أنني أخطأت فلن أتردد في الاعتذار، لأن الاعتذار من شيم الكبار.

كيف ترى تواجدك في تويتر؟! وهل صحيح تتعامل مع متابعيك بطريقة (خذهم على قدر عقولهم)؟!
لا أستطيع أن أُقيِّم تجربتي في تويتر، لأن هذا متاح لك ولأمثالك من القراء، ووالله لم آخذ القراء على قدر عقولهم بل أحاول أن أرسم نفسي كما أنا مرحباً بالمدح والنقد والشتم والسب لأن الناس من حقها تقول ما تشاء مثلما أن من حقي أن أقول ما أشاء.

لماذا تقوم بإعادة تغريد ما يُسيء لك؟!
لقد أجبت على هذا السؤال في السؤال الذي قبله، ولكن أزيد الديوان قصيدة وأقول: لأن إعادتي للشتائم هي شكل من أشكال قبول النقد، وتفعيل قاعدة اختلاف الرأي لا يفسد للود قضية، ثم أن من يشتمني هو في النهاية يمدحني بطريقة غير مباشرة لأنني ساكن في وجدانه ومستولي على مشاعره من غير سلاح.

أبا سفيان، ابتعد قليلاً عن الكاتب أحمد العرفج وأجبني بصراحة.. بعد سنوات وعندما يتم البحث في أرشيفك الذي به الكثير من اللغط واختلاف الرأي، الذي يؤدي إلى شتمك أو للتقليل منك.. هل ستجد نفسك في موقع حسن؟!
لا أعتقد أن في أرشيفي ما يجعلني أخجل منه، فأنا ظهرت أمام الناس بعفويتي وبساطتي وأشعلت معاركي برغبتي فوالله لو رجعت غلاماً عمري 10 سنوات لأعدتُ التجربة الحرف بالحرف والسن والسن والمعركة بالمعركة.

هاجمت مدرب نادي الهلال «سامي الجابر» في ذروة حضوره الإعلامي كمدرب.. هل كنت تَودُّ استغلال الوهج المُسلَّط عليه لينالك من الشهرة جانب؟!
يا دي الشهرة التي هي أسهل الاتهامات، يا صديقي مازلت عند رأيي في الأخ سامي الجابر بأنه لاعب قدير، ولكنه مدرب فاشل. وأكبر دليل لاحظ نوعية لاعبي الهلال وعقودهم التي بالملايين ومع ذلك توشك البطولة أن تذهب من الهلال، لأنه في نظري مثل سيارة لكزس يقودها سائق تحت التدريب.

دائما ما تظهر اتحاديتك دون حيادية، في الوقت الذي يتابعك من يعشقون أندية أخرى.. لماذا لا تحترم ميولهم، وتبحث في الاتحادية المثالية التي تفتخر بها؟!
ولماذا هم لا يحترمونني أيضاً، يا صديقي فالاتحاد بالنسبة لي مثل الزوجة، فهل يلام المرء حين يتغزل بزوجته، إن حبي للاتحاد وتلذذي بذكر اسمه لا يأتي على حساب أحد ومن حقي أن أجاهر بميولي وأعلن اتحاديتي كما أن من حق الناس أن يظهروا ميولهم والله هداني إلى تشجيع الاتحاد وهو الهادي إلى سواء السبيل.

في الوقت الذي تملأ المكان ضجيجاً بكل ما يخص ناديك (الاتحاد)، نجده يعاني في الفترة الحالية، وأنت والكثير من عشاق العميد تقفون مكتوفي الأيادي، أين أنتم من ناديكم؟!
نحن في النادي يا سيدي، وفي قلب النادي، ولكن اتحادنا العظيم تجري عليه سنن الكون، فهو يفوز ويخسر ويمرض، وهو الآن على سرير المرض وسيقوم من السرير وينطلق كالنمر في الميدان ويملأ الدنيا انتصاراً وكؤوساً وبطولات ويجعل الدنيا صفراء تسر الناظرين.

هل تجد أن الإعلام الرياضي أجَّج وضخَّم مشاكل الاتحاد؟!
نعم وبالتأكيد الإعلام ضخّمها، لأن الاتحاد هو مثال للمؤسسة الديمقراطية وهذا ثمن للديمقراطية بينما تجد في الأندية الأخرى يكون الرئيس هو المهيمن وهو الحاكم ولا صوتٌ يعلو فوق صوته.

كيف ترى تعاطي الإعلام مع القضايا التي تمس المواطن بالدرجة الأولى؟!
من الصعب في هذه العجالة الإجابة على مثل هذا السؤال، ولكن إعلامنا بشكل عام مازال في مرحلة المراهقة الصحفية، له وعليه ولعل الأيام تجعله إعلاماً يلامس هموم المواطن بشكل احترافي، خالياً من السطحية ومنزوع التأجج، ومحاولة كشف عيوب الحكومة من أجل الانتقام منها.

أنت كاتب لم تكن مؤثراً فيما يخص طرحك للقضايا كباقي زملاءك الكتاب.. هل تذكر لنا حدث تبنّيته ونجحت فيه؟!
هذا اتهام تجاهله هو أفضل رد عليه، لأن التأثير يحتاج إلى أداة قياس، ومع الأسف ان السؤال لم يعتمد على أي قياس سوى حديث المجالس. فقط أذكرك بمحاربتي للرحلات التي كانت تنظمها الخطوط السعودية للكتاب، هذه القضية حاربتها وحدي ونجحت فيها لدرجة أن الخطوط السعودية توقفت عن ممارسة مثل هذه الأعمال وألغت رحلات كانت منظمة ومجدولة تأخذ فيها الكتاب كنوع من الدعاية لأداء الخطوط الذي يتضجر منه الناس.

جاهرت في برّك بوالدتك -أطال الله عمرها- في العديد من المواقف، ماذا كنتُ تُريد أن تقول للناس من خلال هذه المجاهرة ببر والدتك؟!
لم أرد أن أقول شيئاً، هو مجرد شعور عرفجي خالص يعبر فيه صاحبه عن حبه لأمه وامتنانه لها، لأن أمي تعبت كثيراً لكي تجعلني شخصاً سوياً يحب الناس ويحبونه، ومواطناً صالحاً يحاول أن يكون إضافة للوطن وليس عبئاً عليه، أما إذا كان الآخر يلتقطون من عملي هذا رسائل فهم أحرار، وليت الناس بدلاً من مديح الأمراء والكبراء والوزراء أن يمدحون أمهاتهم وآبائهم الذين أمرنا الله بأن نخفض لهما جناح الذل من الرحمة.

بأمانة، هل هي راضية عن ما يُقال عنك، وعن ما تقوله وما يكتب عنك؟!
أمي سيدة صالحة فهي لا تتابع التلفزيون، ولا تقرأ الجرائد، وعندما نجلس نحن معها نرتقي بمجلسها عن طرح أكل خبز النميمة أو شرب قهوة الغيبة. بل نتحدث عن رحمة الله وذكره والتسبيح والتهليل لأن أمي تردد دائماً قول الله عز وجل: (ألا بذكر الله تطمئن القلوب).

دائما .. ما تُظهر بأنك يتيم حتى أصبحت تُلقِّب نفسك بعميد الأيتام.. هل تريد من هذا الأمر كسب التعاطف معك؟!
اليتم حقٌّ مُستحق لي، وعمادة الأيتام آلت إليَّ بحكم أنني أقدم يتيم في العالم، فقد توفي والدي رحمه الله قبل ولادتي بسبعة أشهر، أما التعاطف فليت كل الناس يستدرون العطف بأشياء يملكونها مثل امتلاكي لليتم الذي حصلت عليه بعرق جبيني ولم يكن منحة من أحد أو صدقة من آخر.

وجودك مع رفيق دربك الإعلامي «علي العلياني» في برنامج (يا هلا).. هل تجد نفسك قدّمت إضافة في البرنامج؟!
يبدو أن هذا السؤال موجه لي بالخطأ، لأن هذا السؤال لا يجيب عليه إلا أحد ثلاثة أشخاص، إما صديق الدرب الإعلامي الساطع علي العلياني، أو المسؤولين عن قناة روتانا وعلى رأسهم الصديق العميق تركي الشبانة، مدير عام قنوات روتانا، والثالث هو الجمهور الذي يحكم.

هل جاملك العلياني على حساب المشاهدين؟!
مرة أخرى أقول: إن هذا السؤال موجهاً لي بالخطأ، لأن علي هو من يجيب، مع يقيني التام بأن مهنية أبي سعد علي العلياني غفر الله له تمنع المجاملات على حساب المهنة.

أبناء منطقتك القصيم، هل هم راضون عن ما تقدمه وتكتبه من فكر وآراء؟!
لست معنياً بمثل هذه الأمور، فأنا مواطن أكتب لكل الوطن، وأحبابي وأعدائي في كل مكان، ولو حاولت أن أبحث عن الرضا فسأكون خاسراً، لأن رضا الناس غاية لا تدرك، وما يهمني هو إيصال فكرتي للناس، رضي من رضي وكره من كره.

لماذا اخترت منطقة الحجاز لتكون قاعدة أدبية لك، في الوقت الذي أنت من أبناء القصيم، وفي الرياض لك سنوات شهدت الكثير من المتغيرات في حياتك؟!
دائماً أعرف نفسي بأنني قصيمي بتجميع حجازي، وأنا لم أسكن القصيم سكنى معتبرة، وإنما هي زيارات لأمي حفظها الله، وكل حياتي أفنيتها بين المدينة المنورة وجدة ومكة والرياض، وقد اخترت الحجاز للراحة النفسية التي أجدها فيه، وقد قال بعضهم: أن سكنى الحجاز نصف القوت، فأنا سعيد بهذا النصف الذي يضفي على حياتي مذاقاً حجازياً لذيذاً.

تردد بأنك أحد أفراد الطبقة الكادحة بينما أنت عكس ذلك.. هل ترغب بالانضمام إلى (طوبى للفقراء)؟!
الفقر مسألة نسبية، لذلك أنا فقير ولكن لدي القناعة بأنني أغنى الناس، وعندي ما يكفيني ويغنيني عن الناس من القوت والمال والسكن، لذلك التغني بالفقر يقربني من الناس ويجعل المحبة بيننا عامرة، لأن أغلب الناس فقراء، والقلة هم الأغنياء.

أكبر دليل على أنك لست من الفقراء.. أنت تُعد العدّة لتُرشِّح نفسك رئيساً لنادي الاتحاد؟!
صحيح أنني أعد العدة وأتمنى أن يوفقني الله لكي أحقق حلم عمري وأصبح رئيساً لنادي الاتحاد. وعندما أتقدم للرئاسة فإن رأس مالي يتكون من جزئين الجزء الأول: تسخير دعاء أمي الذي ثبت نجاحه وتحققت استجابته لخدمة الاتحاد، والأمر الآخر هو حماسي وحبي لهذا النادي العريق الذي أتشرف بأن أكون أحد العاملين فيه.

بماذا تخص مجلة ليالينا بخبر حصري؟!
أخصهم بخبر أزفه لأول مرة وهو أن كتاباً جديداً سيصدر لي بعد شهرين اسمه: (المهمل من مذكرات طالب تنبل)، يكتب مقدمته أستاذنا الكبير عبدالرحمن المعمر وهذا يمثل جيل الرواد، والصديق الوفي علي العلياني، الذي يمثل جيل الشباب. والكتابة عبارة عن سيرة دراسية مليئة بالمفاجآت والتعاسات والاخفاقات والنجاحات.

كلمة أخيرة تُقدِّمها لقراء مجلة ليالينا؟!
أعرف أنكم أضعتم أوقاتكم في قراءة هذه المقابلة، ولكن عزائي أنني لم أضرب أحداً على يده ليقرأ خرابيط العرفج.