تقف (لياليا) في زورقها المبحر في هذا العدد على ضفاف (إمرأة ناجحة) لتستكشف نموذجاً حياً للمرأة البحرينية التي طالما كانت سبّاقة بين النساء الأخريات في مختلف الحقول والمجالات سواء على المستوى الإقليمي أو حتى العالمي، خصوصاً مع ما توفره البيئة المحلية من فرص للنجاح التي لم تفتأ المرأة البحرينية على اقتناصها وترجمتها على أرض الواقع انجازاً وطموحاً وحلماً واضحاً للعيان، تعتز به البلد قبل الاعتزاز الشخصي للفرد، لذلك استضفنا في هذا العدد سيدة الأعمال ناريس قمبر صاحبة مخبز «جنى» ومقهى ومطعم «زعفران»، حيث تحدثنا في حوار صريح عن جوانب عديدة من حياتها العملية والدراسية والاجتماعية والخاصة أيضاً، وما يتعلق بطموحها ونصائحها لفئة الشباب.. وغيرها من الموضوعات.. فكان هذا الحوار:

بداية، عرّفينا على سيرتك الذاتية الاجتماعية؟ وأنت غنية عن التعريف كسيدة أعمال؟
ناريس نبيل قمبر، متزوجة، ولدي 4 أولاد، درست في الجامعة تخصص «العلوم السياسية»، ودخلت سوق العمل في العام 2006 وأصبحت سيدة أعمال منذ ذاك الوقت حتى الآن، وتعددت مشاريعي التجارية.

كيف بدأتْ خطواتك الأولى للدخول في عالم الأعمال؟
على الرغم من دراستي في تخصص العلوم السياسية، كانت نظرة الوالد «الله يرحمه» أن لا أعمل في هذا المجال بعد التخرج، إلا أني ربيت في بيت به مثالين للنجاح والطموح يتمثل في والدي ووالدتي، اللذين ربياني على أن أكون عصامية وأن أسعى دائماً للنجاح والتفوق، وحتى بعد زواجي المبكر، كانت لديّ الرغبة الأكيدة في ضرورة تحقيق نجاح خاص بي يكون متميزاً وذا أهمية لذاتي ولأهلي وناسي، ويخدم المجتمع والبلد. وبعد زواجي لم أكن أعمل حينذاك وأنجبت أطفالاً، وكانت والدتي هي أول امرأة في البحرين تحصل على دكتوراه في المجال التراثي والطبخ، وهي تؤلف كتباً في مجال الطبخ أيضاً، ومن هنا بدأ اهتمامي في هذا المجال الذي ورثته عن والدتي، وزاد اهتمامي بهذا الجانب وأصبح جزءاً من هواياتي، فكنت مثابرة وباستمرار في تطوير هذه الموهبة لدي، فكنت أدخل دورات تدريبية كلما سنحت الفرصة في مقابل ما استلهمته من خبرة وموهبة من والدتي. ومن هنا، بدأ الاهتمام في مجال الطبخ أكثر، ولم يكن في بالي أصلاً بأني سأدخل يوماً مجال الأعمال بهذه الموهبة التي تولدت لدي من الخبرة الأسرية والدورات التدريبية، وبعد ذلك قمت في العام 2001 بالمشاركة في برامج وفعاليات «طبق الخير»، وكلما شاركت في مثل هذا الفعاليات والأنشطة  كلما أصبحت شهرتي أكثر وأطباقي معروفة، وبعدها دخلت في عدد من مسابقات الطبخ، ومن هنا عُرف اسمي في هذا المجال، وبدأت أطبخ أطباقي في المنزل، وبدأ الناس يأتون لشراء بعض الأطباق والحلويات التي أصنعها من البيت، وفي العام 2006 قررت افتتاح أول مشروع لي في المجال ذاته، وهو عبارة عن مخبز للحلويات والكعك يحمل اسم «جنى» .. ثم توالت المشاريع التجارية الأخرى، فافتتحت كافية ومطعم «زعفران» في المحرق الذي له الآن 4 فروع.

على المستوى الشخصي، حدثينا بشكل مجمل، كيف كانت طفولتك؟ وهل ساهمت بيئتك الأسرية في الدفع بطموحك منذ الصغر؟
طفولتي كانت طفولة جميلة جداً، وكنت محظوظة جداً بين والدي ووالدتي، خصوصاً والدي «رحمه الله» حيث كان يمثل لي «الصديق الصدوق»، ورغم أنه كان كثير الانشغالات، إلا أنه ملأ طفولتي كلها دفئاً وحباً، ومنذ الصغر وجدتْ من خلال عائلتي ومحيطي الأسري بأني أحب القراءة وشراء الكتب، ومنذ أن دخلت المدرسة كنت دائماً متفوقة، فالأهل ما يدفعوني للتفوق والنجاح دائماً ولتحقيق الطموح، ووالدتي بالذات تحثني على أن تكون لي استقلاليتي في المستقبل بالعمل الجاد، ولا شك ساهم ذلك في تشكيل طموحي منذ نعومة أظافري نحو تحقيق النجاح المستقبلي.

هل واجهتك صعوبات أو معوقات في بداية مشوار طموحك على مختلف المستويات؟
الحمد لله أن رزقني الله بزوج متفهم جداً لطبيعة حياتنا منذ أن تزوجنا، فرسمها رسماً صحيحاً.. نعم، هناك كانت صعوبات تمثلت حين دخولي مجال الأعمال الحرة وكان لي أول مشروع خاص، لم أكن من قبل قد عملت في وظيفة أخرى، وبالتالي كان وقوف زوجي بجانبي في أول مشروع هو الحافز الذي دفعني لتخطي العقبات واجتياز المعوّقات وتحقيق النجاحات.

كنت إحدى المكرمات من سيدات الأعمال البحرينيات اللاتي شاركن في مؤتمر المرأة في قطاع الأعمال الذي نظمته وزارة خارجية المملكة المتحدة في لندن 2013، ماذا يمثل لك هذا التكريم؟
كنت سعيدة جداً بهذا التكريم، ولم أصدق أن أكون ضمن الشابات المكرمات في هذا المؤتمر، حيث كنت مرشحة لنيل جائزة فئة صاحبات الأعمال الشابات، وترشيحي لهذه الجائزة جاء ضمن 3 سيدات من الوطن العربي وهو بحد ذاته انجاز، ويمثل لي شيئاً كبيراً.

كونك إمراه تسعين للنجاح، كيف تجدين عطاء وطموح المرأة البحرينية؟ وهل ترينها أسهمت في الارتقاء بمسيرة التنمية الاقتصادية في البلد؟
أنا فخورة بالمرأة البحرينية، وأتمنى لها أن ترتقي للأفضل دائماً، فالمرأة البحرينية إمرأة قوية جداً، خصوصاً أن البحرين من أوائل دول الخليج التي بدأ فيها التعليم، كما كانت المرأة البحرينية سبّاقة دائماً في مختلف المجالات، رغم أن شعب البحرين غير محظوظ اقتصادياً إلا أنه مثقف جداً، والمرأة لها حضورها دائماً، وأتمنى أن تحصل المرأة على فرص أكثر وتستغلها.. وأود أن أشير إلى أنني حالياً أقوم مع نساء أخريات من سيدات الأعمال بمبادرة غير حكومية وهي عبارة عن كيفية تمكين النساء اقتصادياً، من خلال مختلف الآليات كالمعارض وورش العمل وغيرها وذلك من أجل مساعدة الجيل القادم من النساء على كيفية شق طريقهن نحو تحقيق النجاحات في مختلف المستويات.

على مستوى شريك الحياة، هل ساهم زوجك الأستاذ مؤنس المردي في دفعك نحو مزيد من النجاحات؟
مهما قلت، فلن أستطيع أن أوفي حق زوجي وشكري له لما قام به من أجلي ومن أجل تحقيق طموحي، فمن بعد الله تعالى وفضله يكون النجاح له، وقبل أن أقوم بافتتاح أول مشروع لي وهو «مخبز جنى» وكنت حينها أبيع الحلويات من البيت، كان دائماً بجانبي، وحينما أشارك في أي معرض أو أحضر تكريماً يكون هو معي، وفي مختلف المشكلات والصعوبات التي تفاجئني يكون هو لي سنداً وعوناً حتى أتخطاها، فهو إنسان عظيم، وأقول هذا الكلام ليس كونه زوجي فقط، وإنما هو كذلك فعلاً، وهو الآن يشجعني لإصدار كتاب عن تجربتي الخاصة والذكريات التي مررت بها.

كون زوجك أيضاً إعلامياً مخضرماً ويرأس تحرير صحيفة يومية، أليس لك شخصياً اهتمامات إعلامية مثله؟ ولماذا؟
نعم، في بعض مقابلاتي في الراديو والتلفزيون لم أكن أتوقع بأني سأستمتع بهذا المجال، وقد أتتني أكثر من دعوة لتقديم برنامج طبخ في الإذاعة، وليس لدي مانع للدخول في هذا المجال، فعالم الطبخ والأعمال منصة جميلة يطل عليها الداخل في هذا المجال من منصة الإعلام، وللعلم، طلبت مني المؤسسة الخيرية الملكية أن أعمل على إصدار كتاب طبخ للأطفال يعود ريعه لصالح الأيتام، وأنا أعمل على إعداده حالياً، وبعد الانتهاء منه سوف أعمل على إصدار كتابي الخاص.

ما أهم المواقف التي مررت بها في حياتك وتركت أثراً طيباً لديك خصوصاً، ولدى من حولك عموماً؟ وشعرت باعتزاز شخصي تجاه هذا العمل؟
العمل الخيري ومساعدة الناس هو جزء من حياتي، فكل ذلك أعتز به، مهما صغر حجمه أو كبر، فطالما يفيد الناس، فإن ذلك انجاز بالنسبة لي، مثلاً هناك مراكز لتدريس القرآن طلبوا مني أن أقوم بتعليم دروس الطبخ، ولم أتردد في ذلك، كذلك المساهمة في مشروع «مدرستي» للملكة رانيا ملكة الأردن لتشييد مدارس في فلسطين، وهناك غيرها من البرامج في حياتي، وهذه الأعمال يجب أن تكون جزءاً من حياة الإنسان، فالإنسان الذي يفتح الله عليه أبواب الرزق والنجاح ولا يعطي ويساعد غيره فهذا جحود للنعمة، والخير لابد أن يعم، والله بذلك يفتح على من يفعل ذلك أبواب الرزق بشكل أوسع. ولا شك، ضمن أهم المواقف التي أعتز بها شخصياً، هي في إحدى المرات قيام صاحب السمو الملكي الأمير خليفة بن سلمان آل خليفة رئيس الوزراء الموقر بزيارة مطعم ومقهى زعفران في المحرق هي تناول – بتواضع منه واختلاطاً بالمواطنين – بعضاً مما في المطعم، وهذه الزيارة تمثل لي الشيء الكبير، نظراً لأنها جاءت من شخصية مثل سمو رئيس الوزراء، وأكرر شكري الدائم له على هذه الزيارة التي حباني بها سموه.
وأقول ختاماً: كل عمل أو نجاح أحققه في الحياة أهديه لوالدي العزيز نبيل قمبر «عليه رحمة الله» الذي لم يتوان هو أيضاً عن زرع مثل هذا العطاء بداخلي.

ما هو الطموح الذي تسعين إليه سواء على مستوى الأعمال أو حتى مجالات أخرى؟
أتمنى أن أكون جزءاً يساهم في رفع اسم البحرين عالياً على المستوى العالمي، وهي أمنية، وأؤمن أنها ستتحقق، كما تحققت لي كثير من الأمنيات، والله تعالى هو محقق الأمنيات والأحلام، كما أتمنى أن أنتهي من كتابة بعض الكتب التي أعمل على إصدارها، وأتمنى أن أصل للعالمية بشكل إيجابي.

كونك مررت بمرحلة الشباب اليافعة وحققت انجازات، ماذا تقولين لفئة الشباب؟
أقول أولا لابد أن يبدأ الشاب أو الشابة مبكراً تحقيق الطموحات التي يسعى كل منهم إليها بدلاً من التسويف وتضييع الفرص، فالفرص تمر مر السحاب، والفرص ربما لا تتكرر، لأني أرى أن هناك للأسف كثيراً من الاتكالية لدى شباب اليوم، رغم أن هناك مؤسسات وأفراد مستعدون أن يساعدوا فئة الشباب ويقفون إلى جانبهم ويفتحون أمامهم كثيراً من الأبواب ويذللون أمامهم العقبات، ولا بد للشباب أن يتخلوا عن هذه الاتكالية والكسل ويسعون للمبادرة التي تفتح أمامهم أبواب النجاح.

هل أنت كثيرة الأسفار؟
حينما كان لدي أربعة أطفال، كنت قليلة السفر، لكن الآن حينما أصبح أصغر واحد فيهم عمره خمس سنوات، كثرتْ سفراتي وأصبحت أعشق السفر، خصوصاً مع زوجي، وأصبح ضمن هوياتي سفرة للعمل أو للسياحة أو الاستجمام.

ما أكثر المناطق التي زرتها؟ وأي البلدان أحبها إليك؟
كوني عشت في لندن أثناء الدراسة، أحب دائماً أن أزورها ولي فيها ذكريات، حيث اكتشف ذاتي هناك وكيف اعتمد على نفسي، فالحياة هناك أثناء دراستي كان لها طعم آخر، وقد جِلتُ بلداناً عديدة، ولا أنسى السفر لبيت الله وأداء العمرة فهي غسيل وصفاء للنفس. ومن ضمن المناطق التي أعجبت بها جداً، جزيرة في إيطاليا اسمها «كابري»، أتمنى أن أزورها كل عام.

هل ثمة هويات معينة لديك تمارسينها؟
أحب تعلم اللغات جداً، فالفرنسي والإسباني أفهمهما وأتحدث بهما، واللغة ثقافة، والآن أسعى لتعلم تلك الثقافات، كما أحب أن أعزف على البيانو، وأحب القراءة كثيراً ومشاهدة الأفلام الوثائقية.

آخر كتاب قرأته؟
كتاب اسمه «the tools» قام بكتابته اثنان من الأطباء النفسانيين، وهو يشرح كيفية أن يستخدم الإنسان 5 أدوات تفيده في حياته.  

كيف تقضين أوقات فراغك؟
أحب رياضة المشي، خصوصاً عند البحر، لأن البحر يلهم الإنسان طاقة، وكذلك التواصل مع الأصدقاء الذين لا غنى لي عنهم، فهم لهم مكانة خاصة عندي، كما أن لزوجي وأهلي مكانة تختلف أيضاً.

حكمتك في الحياة؟
كل يوم يمر هو فرصة جديدة لتعلم شيء.

كلمة أخيرة؟
الحمد لله على كل حال، وأقول «ولسوف يعطيك ربك فترضى».

اقرأ أيضا:

‎مريم أنور أحمد: يشرفني أن أعيش في جلباب أبي!!
‎مقابلة خاصة مع صابرين بورشيد: "لقب جميلة المذيعات ضاعف مسؤولياتي"