لدى ذكرك لاسم الممثلة رولا حمادة، تشعر بأحرف الأبجدية تتسابق مسرعة فيما بينها، كي تحظى بشرف الاحتفاء بهذه السيدة التي صنعت من تواضعها عظمة، ومن إنسانيتها حالة استثنائية، تجبرك ومن دون قصد منها إن ترفع لها القبّعة.هذه النجمة المتحررة من عقدة النجومية، المجبولة بذهب الموهبة. تطل من منبرنا اليوم لتنقلنا عبر هذه السطور في رحلة إلى عالمها الخاص، الغني بكل أنواع التجارب الحياتية والمهنية، ولتتحدث عن شمسها التي أشرقت أخيراً وعن "ياسمين" التي حفرت في كيانها 5 سنوات قبل أن تبصر النور وتحقق بوصولها حلمها الدفين. تصوير: سالم حدشيتي "وأشرقت الشمس" لتحمل معها كل الدفء والإبداع الدرامي بعد خمس سنوات من الغروب، أخبرينا عن شعورك في الليلة الأولى التي بدأ فيها عرض المسلسل؟ كنت شديدة التوتر والخوف!! فمعظم ممثلي المسلسل تابعوا بعضاً من مشاهدهم قبل بدأ العرض، وأنا كنت الوحيدة التي لم أفعل، إذ أحبذ متابعة أعمالي بالتزامن مع عرضها على الشاشة كي أتشارك والمشاهد إنطباعه الأول. مازال الخوف يرافقك رغم هذا التاريخ من الخبرة والنجاح؟ بالطبع ارتعب، لأن ما تتوقعين له أن يلقى صداً وقبولاً لدى الجمهور، قد يخيب آمالك ويفاجئك بالعكس. في بداياتك تهدفين إلى إثبات قدراتك وموهبتك لكن مع مرور السنوات يتبدل الأمر ويتحول لذة وفرحاً بالدور الجديد وما أضفته إليه. هذا التطور الذي يطرأ على حالتك النفسية وتاريخك المهني هو الأهم برأي، كي لا يأتي مرورك هامشياً وكي يترك أثراً في النفوس... فالممثل الذي يطمح لترك بصمة في مجاله، عليه أن يكون كصائغ المجوهرات الذي لا يقدم قطعة تشبه الأخرى. حكي الكثير عن "وأشرقت الشمس"، لكن أحداً لم يتوقع أن يحدث هذه الخضة التي أحدثها في الوسط الدرامي اللبناني، فما سر تعلق الناس به؟ منذ اللحظة الأولى التي أنهيت فيها قرأة النص، شعرت بأن العمل سيحظى بمكانة مميزة في قلوب الناس. لقد قُدم بكثير من الحب من أصغر إلى أكبر شخص في فريق العمل، لذا كان من المستحيل أن يمر مرور الكرام. فنص منى طايع منحوت بشاعرية ومجبول بكم كبير من العاطفة، وأعترف بأنها تخطت نفسها فيه. اختيار الممثلين جاء بمكانه، ولم يكن هناك استسهال في الإنتاج، إذ اجتمعت فيه 3 شركات إنتاجية وهذا ما أظهر الفرق بينه وبين غيره من الأعمال. هذا ولا ننسى لمسات الـ Dop كمال بو نصار والـ Nuances المميزة التي قدمها، والإضافات المهمة التي صنعها المخرج شارل شلالا."وإذا انشغل هالمسلسل بحب، غير إنو نحنا حابينو" فالجو الذي خلقه شلالا في موقع التصوير والذي لا يمكن أن تجديه عند غيره من المخرجين، إذ يهتم بممثليه على حساب نفسه، انعكس إيجاباً وبرز جلياً في العمل. أخبرينا عن دورك؟ "ياسمين" إمرأة عاشت حباً كبيراً وتحملت الكثير من القهر والذل بسببه، لكنها لم تستسلم وناضلت في سبيل أسمى قضيتين في حياتها هما بلدها وولديها. هل ما زال هذا الكم من العطاء والتضحية التي قدمتهما موجوداً؟ ولو كنت مكانها هل كنت أقدمت على ما أقدمت عليه؟ إفتراضياً لا يمكنني الإجابة على هذا السؤال إذ لا أتوقع رد فعلي في الحقيقة. ما أنا متأكدة منه هو أن هذا الكم من العطاء والحب ما زال موجداً، والدليل على ذلك ما يحدث مع أمهات المخطوفين اللبنانين والأمهات الجنوبيات اللواتي مازلنا يناضلن. وهذا ينطبق على كل الشعوب المقهورة والمحتلة في العالم. فالمقاومة المتعارف عليها هي مقاومة الرجل الذي يحمل سلاحاً، لكن مقاومة المرأة مهمة جداً في هذه الحالة لأنها تمسك بالمجتمع في غياب الرجل وتصبح صمام الأمان له. ما الذي قدمته لك ياسمين، وما الذي كانت لتقدمه لو أتت منذ 5 سنوات؟ تلك السنوات حفرت الدور في قلبي وإحساسي وكياني وجعلتني أكثر نضاجاً... أعتقد بأن عاطفتي كانت لتسيطر على آدائي لأن الدور يحتمل الكثير من الدموع التي كنت لأذرفها بغزارة حينها، لكني اليوم حاولت أن أمنع نفسي عنها إذ أدركت أن علي ترك هذه المهمة للمشاهد "إذا بكيتي عنو بيبطل هوي يبكي". وهذا ما يصّعب الأمر كثيراً على الممثل، إذ عليه أن يوصل كل ما يشعر به والعاطفة "المخنوقة" في حنجرته وعينيه، ويكون على حافة الأمور ليجعل المشاهد شريكه في الدور. وما الذي يجبرك على فعل هذا؟ "ضاحكة" وكيف أكون قد أضفت إلى الدور وأنجبت "ياسمين" إلى الحياة كما حلمت بها، وكما رسمتها منى كتابة وصورها شارل إخراجاً!؟ هل أعادتك إلى أمجاد أعمال "العاصفة" و"نساء في العاصفة" أم سرقتهما؟ لم أعد أنظر إلى هذه الأمور من هذا المنظار!! تخطيت هذه المرحلة التي لم تعد أولية في حياتي، والدليل على ذلك عدم قبولي بأن يوضع إسمي في قائمة الأسماء في جنريك أي عمل أقدمه... كل ما أفكر به اليوم هو الدور والتغيير الذي سيخلقه بي والدروس التي سيلقنني إياها، وكيف سأخطو من خلاله خطوة إلى الأمام. وهذا تصرف في قمة الأنانية برأي!! لم أعد أفكر بالمشاهد بقدر ما أفكر بأدائي الذي أريده أن يأتي مطابقاً لرؤية المخرج والكاتب... عندما اختبرت هذا الأمر لمست بأن الناس يغمرونك أكثر ويفهمونك أكثر ويقدرون عملك أكثر، لأنهم من حيث لا يدرون يتنبهون لكل التفاصيل "يمكن ما بيعرفوا يقولوها بس بيعرفوا يحّسوها" وهذا ما يهمني!! إن أغوص في عمق أحساسهم. هذه ليست المرة الأولى التي يوضع فيها اسمك في أسفل ترتيب الأسماء في الجنريك، لتثبتي مرة جديدة ترفعك وتحررك من عقدة النجومية، ما الذي حاولت إبرازه في هذه الخطوة وأي درس لقنته للنجوم؟ أبداً لم يخطر ببالي أن ألقن درساً لأحد!! هدفي من هذا التصرف كان أنا. أن أكتشف أين وصلت وكيف تطورت من الداخل... أفهم جيداً الفرحة التي لا تضاهيها فرحة التي تغمر أي ممثل صاعد لدى رؤيته لاسمه يتصدر الجنريك، لكن هذا لم يعد يغريني... الجنريك يهم العاملين في الوسط الفني فقط، أما الناس فلا تهتم إلا بالمضمون "وأنا صرت مثل الناس". ما الذي قدمه هذا العمل للدراما اللبنانية، وما الذي سيقدمه للدراما العربية؟ لنضع الأمور في نصابها... "وأشرقت الشمس" استفاد من الثغرة التي فتحها "جذور" لا بل سيستطيع أن يوسعها وفقاً للنجاح الهائل الذي نلمسه مع عرضه في لبنان وذلك بفضل خلطته المكتملة. المسلسل يحقق منذ حلقاته الأولى نسبة مشاهدة عالية جداً، ما يثبت بأن الناس لمست الفرق بينه وبين غيره من الأعمال. وهذا ما نلمسه من خلال التعليقات التي تردنا عبر مواقع التواصل الإجتماعي وتسمح لنا أن نشعر بتفاعل الجمهور، ونشاركه آراءه وانطباعاته في اللحظة نفسها وهذا أمر جميل جداً. (ضاحكة) لقد بت أتابع الحلقات على الشاشة وأضع الـ Lap top إلى جانبي كي لا يفوتني أي تعليق... أتمنى عندما يعرض "وأشرقت الشمس" على الشاشات العربية أن نستطيع اقتناص الفرصة لنبرز قدراتنا كممثلين ومخرجين وكتاب ومنتجين. فقصة انتشارنا ما زالت قصة اقتناص للأسف، آملين أن تتبدل الأمور وأن تخرج الدراما اللبنانية من قوقعتها مع النجاحات المتتالية التي بدأت تحصدها عربياً. المسلسل شهد اكتشاف وجوه شبابية واعدة فاجأتنا بالنجاح الذي حققته، من أبرزها "إيميه الصياح" التي تؤدي دور ابنتك "جلنار"، كيف وجدت هذه الموهبة؟ قبل الحديث عن إيميه، لا بد من الإشارة إلى أن إيف شلالا الذي يؤدي دور إبني أيضاً كان اكتشافاً، لكن حلقاته المهمة لم تصل بعد. كذلك تاتيانا مرعب، التي اعتبر بأن دورها هذا مهم جداً في حياتها المهنية إن أرادت أن تصبح ممثلة بعيداً عن فن"الشونسيونية" التي عرفت من خلاله. إما إيميه فتدرك جيداً كم هي محظوظة، وأن حدثاً جميلاً جداً اقتحم حياتها، لكنه في الوقت نفسه شديد الصعوبة. "أصعب شي تبلش بمحل وما يعود فيها ترجع لورا". فهذا يضعها أمام مسؤولية كبرى ويجعلها تخسر درجات كثيرة كانت الناس لتسامحها عليها لو لم تحقق هذا النجاح. عليها أن تستمر في صقل نفسها من الداخل لتحافظ على ما وصلت إليه وهذا أمر تستوعبه إيميه جيداً. هذه الصبية لا تشبه إلا نفسها!! استحقت الفرصة التي قدمها إليها كل من منى طايع وشارل شلالا فجاء رهانهما بمكانه، لأنها تمتلك كماً كبيراً من الإحساس، والأهم من هذا كله أن ثقافتها عالية جداً. تسأليني، وما دخل الثقافة بالتمثيل فأجيبك، الثقافة هي التمثيل!! فإن لم تكوني ملمة بكل أنواع الفنون "بتعرفي شعر وبتشوفي رسم وبتتفاعلي مع الرقص" فهناك إذاً ما ينقصك كممثلة... إيميه تمتلك كل هذه القدرات. غردت لها تقولين" A Star is born"؟ هذه الجملة قلتها لها في موقع التصوير ولم يكن قد مضى شهر على تعاوننا، وذلك بعد أن راقبت عملها والمجهود الذي تقدمه... لاحظت خوفها وحالة عدم الرضى التي تعيشها وكيف تتجدد وتسعى دائماً إلى تطوير نفسها فتأتي في كل يوم مختلفة فيه عن الآخر!! ما لم يعرفه الناس، أن إيميه "عملت كريزا" في اليوم الأول من التصوير، عندما علمت بخبر وفاة جدها، ورغم ذلك أكملت عملها باحتراف ولم تستجب لطلب المخرج في العودة إلى المنزل، وهذا أمر كبير جداً تتميز به "فظيعة". ما النصيحة التي تسدينها إليها الآن؟ النصيحة كلمة كبيرة من أنا لأقدمها. خبرتك الواسعة في هذا المجال تسمح لك بذلك!! أنا لا أفرض شيئاً على أحد. لم أسدها نصيحة بل تمنيت عليها أمراً لن أفصح عنه، لكنني على يقين بأنه يسكنها. أخبرينا عن مسرحية "رسالة حب" التي قدمتها مؤخراً؟ كان من المقرر أن تقدم لعشرة عروض فقط، لكن الحمدالله المسرح كان مكتملاً والناس كانت متلهفة لحضورها وهذا أمر "بيكبر القلب". أشكرهم من كل قلبي على حضورهم ودعمهم وتشجيعهم لأن هذه المسرحية خرجت من صميم قلبي وقدمت فيها "خامة جديدة" من الأدوار لم يسبق لي أن قدمتها قبلاً. تابعت المسرحة وأذهلت بآدائك المخيف، بحيث خرجت من المسرح منهكة القوى لشدة الطاقة التي بذلتها، ولليوم لم أجد وصفاً لما تابعت!؟ "ضاحكة" الوصف الحقيقي هو الجهد، والنضوج والأمومة وخبرة الحياة التي تجتمع داخل الفنان فيوظفها بالطريقة المناسبة. فالفن تراكم كل هذا. "حلوين كتير الممثلين الجدد اللي بيستلمو الدفة، لكن الأجمل بس تقطع سنينك بهالمجال". منذ يومين أخضعت نفسي لاختبار، فأعدت متابعة حلقات كنت قد مثلتها لأكتشف مدى التطور الذي حققته في أعمالي، واكتشفت بأنني بين "جذور" وأشرقت الشمس" "عاملة فرق". كذلك تابعت أعمالاَ قدمتها منذ 20 سنة وقلت "أوف قديه أنضجتك الحياة" هناك أناس تمر عليهم الحياة كأنها لم تفعل فيبقون ثابتين في تصرفاتهم وآرائهم، لكن الفن نهر يغلي ويدفق ويفترض أن يبقى في تجدد دائم كي لا ينضب. لهذا إن نظرت إلى ممثلين أجانب أوعرب وتابعت تجاربهم منذ البداية إلى اليوم تكتشفين التقدم الذي أحرزوه، وكيف استطاعوا أن يحملوا حياتهم ويضعوها بإحساسهم ويوصلوها إلى الناس "وهودي الناس ما حدا بيقدر ينساهم". هل تعمل رولا على هذا الأساس؟ أتمنى... فهذا كل طموحي. ما هو حلمك اليوم؟ لدي الكثير من الأحلام منها ما يتحقق وأخرى لا تتحقق، لكنني مثابرة أناضل من أجل أحلامي ولا أتخلى عنها بسهولة، رغم أننا نعيش في بقعة من العالم يعملون فيها على تقزيما والدوس عليها. لذا فإن التحدي الكبير الذي يواجهه الإنسان في بلادنا يكمن في عدم تخليه عن حلمه لأنه إن فعل فقد كل شيء... على الصعيد الفني أحلم بأن أعيد تجربة قديمة من تجاربي مسرحية كانت أم تلفزيونية أم سينمائية... كم سيكون رائع هذا الاختبار وكم سيحمل لي من تحدي!!أما على الصعيد الشخصي فحياتي بأكملها تدور حول إبني "زمن" الذي أتمنى له كل السعادة والحظ لكي ينعم بحياة هانئة. حظ؟ طبعاً!! الحظ مهم جداً في هذ الحالة، إذ قد تصلك فرص في الحياة لا تصل لغيرك، والدليل على ما أقوله من يمتلكون المواهب الكبيرة ولا يجدون الفرصة او الحظ لإبرازها. ماذا ستحمل "رسالة حب" رولا حمادة غداًرلى حماده توّجه "رسالة حب" أعجبك هذا الحوار؟ لقراءة المزيد من الحوارات، اشترك في نشرة ليالينا الإلكترونية
970x90
{{ article.article_title }}
970x90