تصاميم يتخلّلها حكايات وقصص، عن امرأة عجوز أو عن فتاة على مشارف الزواج. ليست مجرد ألوان وتطريزات وأخشاب فقط بل هي إبداعات تجمع بين الماضي والحاضر وبين الحكاية والجمال وبين التقاليد القديمة والتصاميم العصرية. قابلنا مهندسة الديكور لوريس المرّ في مكان عملها فأطلعتنا على أحدث تصاميمها للكنبات الملبّسة بقماش أزباكستاني مصنوع يدوياً، وأخبرتنا بالتفصيل عن مختلف المراحل التي تمرّ بها التصاميم إضافة إلى مواضيع أخرى متعلّقة بمهنتها.

لماذا اخترت هذا المجال وما هي طبيعة عملك بالتحديد؟

أرمّم كنبات قديمة وأحييها من جديد، أقوم بتنجيدها وصيانة المواد المصنوعة منها وأغلبها من الخشب، وأستعمل القماش المنسوج والمطرّز يدوياً في أزباكستان لتلبيسها. بالأساس أنا مهندسة ديكور لكن عندما زرت أزباكستان واكتشف القماش السوزاني استقدمت معي كمية محدودة منه ونفّذت بعض التصاميم بواسطته ولاقى إعجاب العديد من السيدات. من هنا عملت على تطوير هذا المشروع وأصبح بمثابة مهنتي، هاجسي وحلمي. إضافة إلى الكنبات القديمة والكلاسيكية أنفّذ تصاميمي أيضاً على الكنبات العصرية والتي تتماشى مع الموضة اليوم، كما أصمّم البرادي من نفس القماش، إضافة إلى أغطية الطاولات والأسرّة وغيرها.

لماذا هذا النوع من القماش بالتحديد؟

سوزاني هي كلمة فارسية تعني إبرة الخياطة، وهو قماش قديم جداً، بدأت النساء بتصنيعه وتطريزه يدوياً في أزباكستان منذ مئات السنوات لتجهيز بناتهنّ قبل الزواج، وما زلت تجد منه حتى يومنا هذا قطعاً مصنوعة من العام 1930. يتميّز هذا النوع من القماش بألوانه الجريئة، والتي تبث الحياة أينما وجدت، ولكلّ قطعة منه  قصّة، تتناول قصة زواج فتاة ما، وعندما تدمج هذا القماش مع كنبة مرّ عليها الزمن ومرّت عليها العديد من الحقبات والحكايات يتخطى الأمر فقط الجمال والإبداع ليصبح حكاية تاريخية ذات مغذى مهمّ.

قلت "تبثّ الحياة أينما وجدت" إلى أي مدى تشعرين بالفرح عندما ترين أحد تصاميمك في منزل ما؟

أشعر بالسعادة كثيراً، وأشعر بسعادة الأشخاص الذين يضعون كنبة من تصميمي في منزلهم، ليس لأن ألوانها جميلة فقط وتجلب السعادة أينما حلّت، بل لأن الكنبة تحمل معها قصصاً وروايات ولكلّ تصميم إسمه الخاص المستوحى من قصّة القماش ولماذا تمّ تصنيعه وحياكته. فإحدى هذه الكنبات على سبيل المثال تحمل إسم العروس "سابوخات" والتاريخ الذي حيك فيه القماش وطرّز أي عام 1973. من هنا تصاميمي ليست أشكالاً ومواد جامدة فقط، بل فعلاً هي تصاميم تبثّ السعادة والفرح بما تحمله من قصص أينما حلّت.

هل من الممكن أن تستعملي مستقبلاً نوعاً آخر من القماش؟

بالطبع، وكما تعرف عالم التصميم غير محصور بنوع معيّن أو فكرة معيّنة، بل هو عالم قائم على الإبداع، الجمال والتنوع، ومن الممكن أن أستعمل في المستقبل نوعاً آخر من القماش، إضافة إلى القماش الذي أستعمله أو أن أنفّذ تصاميم أخرى وأفكاراً مختلفة عن التي أنفذها اليوم ولكن طبعاً ضمن نفس التوجّه ونفس الإطار.

عند تنفيذ تصميم معيّن لا بد من الإطلاع على تفاصيل الديكور في المنزل الذي سيوضع فيه لتحقيق نوع من التوازن والإنسجام. إلى أي مدى طرحي هذا منطقي ودقيق؟  

بالتأكيد ما قلته صحيح مئة بالمئة. من هنا هندسة الديكور تشكّل القاعدة التي أعمل على أساسها. من هنا ضرورة التنسيق بين التصميم الذي أنفذّه والفرش الموجود في المنزل وطبيعة المنزل بحدّ ذاته كي يظهر الإبداع في التصميم ولكي أخلق نوعاً من الإنسجام بين القطعة التي أصمّمها وقطع المفروشات الموجودة في المنزل، وهذا من أبرز أسباب نجاح عملي. بشكل عام هذا النوع من الكنبات والقماش يتماشى أكثر مع المنازل العصرية والمفروشة بأسلوب عصري، ويتلاءم مع الألوان البيضاء والرمادية ويضفي عليها رونقاً خاصاً ويمنحها الكثير من التألق والحياة. كما يمكن وضع هذه التصاميم أيضاً في منزل طابعه كلاسيكي، لكن يفضّل تخصيص مكان لها  مفصول إلى حد ما عن بقية المفروشات خصوصاً إن كانت كلاسيكية جداً.

كيف تصفين الإقبال على أعمالك وإلى أي مدى تقبّلت المرأة اللبنانية هذا النوع من التصاميم غير المعتادة عليه بالأخص من ناحية الألوان؟

الإقبال جيّد جداً، والمرأة اللبنانية معروفة بذوقها الرفيع وحبها لكل ما هو فريد من نوعه ومميّز، ولقد زاد إعجاب النساء بتصاميمي عندما أدركن أن ما من تصميم أنفّذه يشبه الآخر ولكلّ تصميم قصّته وحكايته، كما سبق وقلت. هذا وأتعامل مع زبائن في اليابان والمكسيك والأرجنتين حيث يعشقون هذا النوع من القماش والتصاميم، إضافة إلى عدة زبائن في الدول العربية وخصوصاً في الخليج العربي.

إلى أي مدى توظفين خبرتك الشخصية كمهندسة ديكور وكمصمّمة مفروشات في كل عمل تقومين به؟

نحن كعائلة دخلنا مجال المفروشات والديكور منذ العام 1962، ومنذ صغري أعيش هذه الأجواء بشكل يومي. من ثمّ تخصصت في هندسة الديكور واستلمت العديد من المشاريع واليوم أنشأت مشروعي الخاص وأعمل على تطويره. هذه السنوات من الخبرة التي اكتسبتها من والدي ومن مشاريعي الخاصة، أوظفها اليوم في كل عمل أقوم به، في كلّ تصميم أصمّمه.

 

هل تشاركين أو تنظمين معارض في لبنان وخارجه؟

نظّمت معرضاً منذ حوالى الشهر في "الزيتونة باي" وكان الإقبال جيداً. كل سنة أنظّم معرضين في لبنان وحالياً أسعى لتنظيم معارض في الأرجنتين وفرنسا وإيطاليا.

ما هي نوعية الزبائن التي تحبين التعامل معها؟ ومن تتمنين أن يتضمن منزله أحد تصاميمك؟

أحب التعامل مع جميع الناس، لأنه من الضروري التعرف على مختلف الشخصيات والآراء والأذواق. بعض الزبائن متطلبون جداً، وهذا الأمر لا يزعجني لأنني متطلبة في عملي ولا أقبل إلا أن يكون كاملاً من جميع النواحي. أما بالنسبة لوجود تصميمي في منزل أحدهم أتمنى أن أراه في منزل كل الناس. لكن منذ فترة صمّمت كنبة تدعى "سمركاند" أردت إهداءها للكاتب أمين معلوف كون عنوان أحد مؤلفاته "سمركاند".

اشترك بنشرة ليالينا الإلكترونية لتصلك أخر المقابلات الشيقة عبر بريدك الإلكتروني