^ البيان الذي صدر عن الديوان الملكي واعتبر تجمعي الفاتح والمحافظة الشمالية يوم الجمعة الماضية ممارسة سلمية للتعبير عن الرأي، وأنه يحق لأهل البحرين أن يفخروا به كنموذج للممارسة الديمقراطية الصحيحة “دون المساس بالمصالح العامة والخاصة”؛ لقي استحساناً في الداخل والعالم أجمع. فهو أقر بحق الناس في التجمعات والمسيرات ونوه بالقانون الذي يحكم هذه الممارسة، وهذا أمر غير متوفر إلا في الدول المتقدمة التي تهتم بالحقوق وحق التعبير تحديداً. وبالفعل لم تمس المصالح العامة والخاصة؛ حيث سارت الأمور من الناحية الأمنية كما ينبغي دون أي منغصات باستثناء ما حدث في جانب من مسيرة شارع البديع، حيث حاول البعض الخروج عن خط وهدف المسيرة وتم التعامل معهم حسب القانون. نعم؛ لم تمس الممتلكات العامة ولا الخاصة في ذلك اليوم، لكن حدث شلل لشارع البديع تحديداً ولساعات عدة، فتعطلت مصالح الناس، خصوصاً التجار الذين اضطروا إلى إغلاق محلاتهم، فتعطلت تجارتهم وحياتهم وأرزاقهم. وكذا الحال مع أصحاب مختلف المؤسسات ومقدمي الخدمات بأنواعها القابعة مقراتهم في ذلك الشارع. هذا يعني أنه ينبغي الوصول إلى معادلة تحفظ الأمرين معاً، أمر أن نفخر كبحرينيين بهذا المظهر الديمقراطي الذي أثنى عليه الديوان ويعبر عن سعة صدر القيادة وتعاملها مع تطورات الزمن بواقعية وبفكر نير، وأمر أن لا يكون هذا المظهر الحضاري وهذه الممارسة الديمقراطية سبب في تعطيل حياة الناس وخسارة التجار وكل ذي مصلحة، فهل يمكن التفكير في مثل هذا الاتجاه؟ في العديد من دول العالم ومنها بريطانيا وأميركا يتم مراعاة هذين الجانبين معا؛ فلا تتعطل الممارسة الديمقراطية ولا تتسبب في تعطيل حياة الناس ومصالحهم وذلك عبر قانون ينظم تفاصيل هذا الأمر ويحقق المعادلة المطلوبة، حيث تم تخصيص أماكن وساعات محددة لممارسة حق التعبير، وتم الاتفاق على جملة من الأمور من بينها المحافظة على نظافة المكان الذي يتم فيه التجمع أو تمر فيه المسيرة، ولعل الذي يزور لندن يلاحظ أنه لا يكاد يكون بين أيامها يوم يخلو من اعتصام أو مظاهرة أو مسيرة أو تجمع أو أي مظهر من مظاهر ممارسة حرية الرأي والتعبير، لكنه يلاحظ أيضاً أنه لا أحد من أصحاب المحلات التجارية ولا المواطنين المقيمين في المكان أو المارين فيه تتعطل حياته ويتأثر رزقه أو تتهدد مصالحه، وفي النهاية تحقق المسيرات والتجمعات أهدافها فيصل صوتها ومطالبها إلى أصحاب القرار. هذه الفكرة ليست جديدة؛ وسبق أن تم طرحها في السنوات الماضية من قبل العديد من المتابعين والمهتمين بالشأن المحلي، لكنها لم تجد طريقها إلى الواقع. لعل الفرصة اليوم مناسبة أكثر مما مضى للوصول إلى شيء من هذا القبيل؛ فتخصص ساحات يتم الاتفاق عليها والتراضي بشأنها لممارسة حق التعبير ويتم تنظيم هذه العملية بقانون وبلوائح واشتراطات تتحقق من خلالها المعادلة المطلوبة، وهي ضمان حق ممارسة التعبير وضمان عدم تعطل حياة الآخرين من المواطنين والمقيمين أو تعرضهم للخطر. بالتأكيد ليس بالضرورة أن يتم ممارسة حق التعبير في العاصمة أو ضواحيها؛ حيث الصوت سيصل في كل الأحوال خاصة في ظل التكنولوجيا المتوفرة التي لا يمكن أن يعيقها شيء، فيتم تخصيص أماكن خارجها تستوعب الأعداد الكبيرة والاتفاق على لوائح يضمن بها كل طرف حقه ولا يتضرر أحد. إن الوصول إلى شيء من هذا القبيل سيجعل كل البحرينيين يفخرون به وسيجعل العالم كله يفخر بالبحرين، خصوصاً أن اتفاقاً كهذا وممارسة كهذه مسألة تؤكد سلمية هذا الشعب وسلمية كل تحرك سياسي وهو يسهم في تحقيق الإصلاح الذي ينشده الجميع. هل من جهة تتبنى هذا التوجه؟