^ من المهم أن تنتبه مؤسسات الدولة إلى أهمية احتفاظها بالكوادر الوطنية، خصوصاً من أصحاب الشهادات العليا، ليس لأجل الاحتفاظ بهم وبأجسادهم؛ إنما لأجل الاستفادة منهم على كل الأصعدة، وبالتالي تكريمهم من خلال إعطائهم مناصب جيدة، وتثبيتهم في مراكز تليق بهم بدل تعليقهم بين السماء والأرض. هناك اليوم كثير من الطاقات الوطنية المخلصة من شباب ورجال ونساء هذا الوطن حصلوا على أعلى الشهادات وأكثرها تميزاً من بين كل أبناء دول المنطقة، لكن مع الأسف الشديد ما زال بعضهم مهمشاً، وبعضهم الآخر لم يثبت بعد رغم وجود الشاغر من الوظائف. مجموعة كبيرة من أبناء البحرين ومن شبابها واصلوا تعليمهم العالي على نفقتهم الخاصة، لا من أجل أن يعلقوا شهاداتهم على الحائط، أو يضمنوها لسيرتهم الذاتية فحسب، بل من أجل أن يقدموا خدماتهم المخلصة والعلمية لهذا الوطن الغالي. إن تجاهل المؤسسات الرسمية والخاصة للشباب البحريني المخلص والمتعلم، لا يضع قدم هؤلاء النفر المتعلم في الاتجاه الصحيح، إذ التنمية والاستثمار في الإنسان، فلا المباني ولا النهضة العمرانية الإسمنتية المجردة قادرة على العطاء والإبداع، بل من يستطيع أن يفعل ذلك هم البشر. إن استمرارية تجاهل وتهميش أصحاب الشهادات العليا سيخلق أثراً في النفس لدى هؤلاء المتعلمين، يعقبه إحباط شديد في عدم إمكانهم أن يعطوا وهم في مواقع متأخرة من المناصب والمراكز في كل المؤسسات العامة والخاصة. كان مدرساً ثم بجهده واجتهاده أصبح مديراً مساعداً، ثم لم يقتنع بهذا المنصب، حتى حصل على الماجستير، فعين بشهادته وكفاءته مديراً للمدرسة. لم يقف طموحه عند هذا الحد، حتى حصل على شهادة الدكتوراه، ولأنه من أبناء الوطن المخلصين وصل إلى منصب يستحقه في وزارة التربية والتعليم. إلى حد الآن كل شيء (حلو)، لكن ما هو (مُر)، أن يبقى هذا الدكتور (كمدير في وزارة التربية والتعليم) دون أن يثبت في منصبه إلى حد كتابة هذه السطور، رغم وجود شاغر لمسماه الوظيفي، ورغم مرور أكثر من عام على شغله هذا المنصب. حاول صاحبنا الدكتور أن يعرف ولو سبباً واحداً لعدم تثبيته في المنصب، لكنه لم يحصل على إجابة شافية من كافة المسؤولين في الوزارة، رغم أنهم يشهدون له بالنزاهة والإخلاص وتفانيه في العمل منذ كان مدرساً. هذا الدكتور وصل به الإحباط أن كتب استقالته من منصبه، بل ومن الوزارة، فأخبرته أن لا يستعجل في قراره، لأن وزير التربية والتعليم من الوزراء الذين يمكن لهم أن يتفهَّموا هذا الأمر، وهو على درجة كبيرة من الاستجابة لكل ملاحظات العاملين في الوزارة. صاحبنا اقتنع بالفكرة حتى مزق الاستقالة، متفقاً معي أن وزير التربية سيقدر موقفه. الآن يا سعادة الوزير.. ألا يستحق الدكتور أن يثبت في مركزه الحالي؟ وأعتقد أن سعادتك عرفت من أقصده في هذا المقال، لأنك شهدت له من قبل بالإخلاص والوفاء لوزارتك ولهذا الوطن. ^ للأمانة فقط.. الدكتور المعني لم يطلب مني أن أكتب قصته في الصحافة، ولا يعلم أني نشرتها اليوم، ولو علم (لزعل) مني، لكني كتبتها من منطلق حرصنا جمعياً على حب ومصلحة هذا الوطن، واحترام كوادره وطاقاته الوطنية.. فشكراً لك سعادة الوزير.