^  علي سلمان يفصل ويخيط ويلبس شعب البحرين ما يريد في خياله، ظناً منه أن تأثيره مثل تأثير هرقل أو الأسكندر الأكبر أو نابليون.. علي سلمان يريد أن يرسم خريطة المستقبل ليس للبحرين بل لكل دول الخليج. لذلك حين يعلن أن الاتحاد الخليجي لا يكون إلا باستفتاء شعبي في الوقت الذي يقتبس من أوروبا ما يناسبه، وينسى أن الاتحاد الأوروبي لم يستفت شعوبه عندما اشتركت دوله مع الولايات المتحدة الأمريكية في حربها ضد العراق، لم تأخذ الإذن لا من مفوضياتها ولا من شعوبياتها، فرؤساء الدول هم من يقرر مصالح البلاد، كذلك تفعل إيران؛ فعندما تقوم بتقديم الدعم المادي والعسكري للنظام السوري وحزب الله وتوزع المليارات على شيعة أفغانستان وباكستان وأذربيجان والصومال، لم تأخذ موافقة خطية ولا شفهية لا من إمام ولا شعب ولا جيران، إلا علي سلمان في البحرين يقتبس ما يريد ويلبس شعب البحرين ما يخيط.. علي سلمان الذي يريد أن يفصل البحرين عن السعودية بأسوار من حديد، ثم يقول نحن ننتمي إلى السعودية وإلى دول الخليج، والحقيقة أنه لا يريد الاتحاد، لأنه إذا أقيم الاتحاد سيتلاشى ويضيع وتتبخر آمال إيران، وتنتهي أحلامها في السيطرة على الخليج، وها هو يتفنن بالألفاظ ويقول لا نريد أن تتحول البحرين من مملكة إلى إمارة، في الوقت الذي يريد أن تأتيه من الخارج حماية ووصاية. أما أن تتحد البحرين والسعودية ومعهما دول الخليج في وحدة دفاع مشترك، فهذا أمر بالنسبة إليه مثير وخطير. الخلافة الإسلامية تعني اتحاد الدول وتمترسها ضد أعدائها في جيش واحد وتحت راية واحدة، وهو أمر يعرفه علي سلمان ويعيه، وهذا ما ينص عليه الدين الحنيف، أما ما تنص عليه ولاية الفقيه فهي التبعية والمرجعية الواحدة في إيران تأمر وتنهي ميلشياتها في الدول العربية والخليج. فها هي وحدة دينية مرجعية مسلحة رغم ما تفصلها عنها من أميال وبحار، ولا تختلف عن اتحاد الخليج إلا في أمر واحد؛ أن اتحاد الخليج هو لحفظ الشعوب من خطر عدو خارجي، ودفاع مشترك حين تتعرض إحدى الدول لاعتداء دولة إقليمية تمتلك أسلحة وقنابل نووية، وهو ما حصل بالفعل للبحرين، عندما أفشلت دول الخليج الخطة المرسومة لاحتلال البحرين، وهو ما قد تكرر للعراق عندما تعرضت لاحتلال أمريكي إيراني بعد عزلها عن دول الخليج، وها هو حديث الرسول صلى الله عليه وسلم الذي يحث على الجماعة فيقول “عليكم بالجماعة فإنما يأكل الذئب من الغنم القاصية”. ها نحن اليوم نرى دولاً دانية وقاصية تجتمع تحت مظلة مصالح اقتصادية وعسكرية متبادلة، أنشئت كي تحكم العالم باسم منظماتها المتحدة، اتحدت دول في منظمات ليس بينها حدود جغرافية ولا تاريخية ولا تربطهم لغة ولا دم ولا دين، إنما مصالح بقاء ووجود، وما نشأة منظمة الأمم المتحدة ومجلس الأمن إلا مثالاً على ذلك، وها هي منظمات عالمية تهتم بقضايا العالم وإن كان إنشاؤها لمصالح سياسية لا علاقة لها بمبادئ دينية مثل منظمة العمل الدولية، ومنظمة مراسلون بلا حدود وأطباء بلا حدود. كذلك المحاكم، ومنها محكمة العدل الدولية. وكلها تأتي تحت باب الاتحاد والمصالح للدول العظمى، حين توقن هذه الدولة أنه لن يكون لها تأثير عالمي إلا عن طريق إنشاء اتحادات ومنظمات باسم الدولية والعالمية، لكي يتم استخدامها لتحقيق المصالح الاقتصادية والهيمنة العسكرية على العالم، فهل قامت هذه الاتحادات باستفتاءات شعبية أو موافقات برلمانية أو فتاوى بابوية؟ كلا.. إنما هو قرار رؤساء الدول والقادة العسكريين عندما تقتضي مصالحهم الأمنية والعسكرية والاقتصادية أن تكون لهم اتحادات، فلا يهمهم أن هذه الدول إمارة أو ولاية أو أن كلفة هذه المنظمات والاتحادات سيكون لها ميزانيات بالمليارات. فالأمن والقوة العسكرية مقدمة في حساباتهم، فهي مسألة محسومة في الماضي والحاضر، وها هو تاريخنا الإسلامي الذي لم يقرأه علي سلمان وكيف حققت انتصارات وفتحت أمصاراً وأرست حضارة ونشرت الإسلام. كل ذلك عندما اتحدت الولايات الإسلامية وكان لها جيش واحد. إذا ما صاحت امرأة في بغداد، أو هتك عرض أخرى في دمشق، أو غارت فارس على حدود عربية فإذا بالجيوش الإسلامية تزحف على صهوات خيولها عابرة الأنهار والبحار لتصد العدو وتغيث المسلمين من غدر العدو الذي ما إن حل بالبلاد هتك العرض وبقر البطون وقطع الأوصال، وذات الخطر اليوم يهدد كل الخليج بنفس العدو الذي لم يرحم شعب العراق ولا سوريا، وإن تمكنت الكويت أو السعودية أو البحرين -لا قدر الله- فإنه فاعل ما فعله بالمسلمين في الماضي وكما يفعل بهم اليوم في العراق وسوريا. إنه الاتحاد الذي أصبح الشبح الذي ارتعدت منه المرجعيات في طهران وصار هماً على قلب علي سلمان، وما التصعيد في المسيرات والمصادمات إلا دليل أن المقصود هو إفشال الاتحاد الخليجي، وأن كلف علي سلمان الدخول في حوار مع الدولة دون شروط وبنود، وذلك يوقع الدولة في الفخ، وبعدها لا تستطيع أن تفر يميناً ولا شمالاً، لكن هيهات إذا اجتمع الملوك والأمراء تحت راية “لا إله إلا الله محمد رسول الله” فلن يقدر أن يفك اجتماعهم جميع جيوش العالم. - للدولة.. الشعب الحر يرفض الحوار ليس لمصلحته إنما لمصلحة الشرعية التي يفديها بروحه، ومن كان الله معه وهذا الشعب الحر مركبه وشراعة، فلا تنازل لمن يطالب بحماية دولية ووصاية أجنبية، فهيبة الدولة تاج على رؤوسنا نرفض أن نتنازل عنها والدخول في حوار عقيم ينتج عنه أن تكون الدولة في الأخير لم تقدم أي شيء، حتى تتنازل عن كرسي الحكم.