^  سننطلق من مفهوم “الحضارية” حتى نتحدث ونوجه رسائلنا للدولة بحرية مكفولة من قبلها، عبر قناعة بأن الخطاب “الحضاري” هي ما تستمع إليه وتتفاعل معه، رغم أننا رأينا بأنها تتعامل أيضاً مع الخطاب “التسقيطي” الذي يطعنها في الصدر والظهر. أجيبوا شعبكم، ونعني المخلصين منه الذين وقفوا مع الدولة ودافعوا عن عروبة البحرين، أجيبوهم هذا حقهم، إذ ننقل تساؤلات العشرات اليوم بشأن “مصيرهم”، وهل لهم وزن يحسب له حساب، أم أنهم يعاملون كـ«حائط صد”، في حين الحراك والتكتيك والتخطيط كله موجه لمن سعى للانقلاب على النظام؟! حينما تمثل خطاب تجمع الفاتح الأول بجزئية كانت تمثل لغة مخالفة لما يريده جمهور الفاتح، كان النقد قوياً ولاذعاً للقائمين على التجمع، وكانت الرسالة صريحة وواضحة قبل التجمع الثاني، بأن تحدثوا بما يريده الناس المخلصون، قدموا مطالب يوافق عليها الناس، ولا “تخترعوا” مطالب من عندكم مبنية على مفاهيم “اللعب السياسي”، وإلا فإن الناس لن تحضر، ولماذا تحضر لشيء لن يتحدث بلسانها وصوتها أصلاً؟! تصحيح المسار في الشارع، وبما يتعلق بالصوت المعبر عن الناس كان السبب في وجود مئات الآلاف مرات ومرات، وقوة الخطاب والإصرار على أن الطرف المخلص هو أهم طرف في اللعبة السياسية، وأنه لن يقبل بأن يكون رقماً مهمشاً، كلها أمور وقفت حائلاً أمام أية سياسة تفكر بـ«الاستفراد” و«حصر” العملية بين طرفين، الدولة ومناهضي الدولة. حتى من يخطط للوصول في النهاية للجلوس على طاولة حوار أو مفاوضات أو تنازلات سموها ما شئتم، عليه أن يترك عنه التفكير في رسم الصورة مستثنياً جمهور الفاتح والمخلصين لهذا البلد. للدولة نقول، إن المخلصين من شعبكم، الذين وقفوا ضد محاولة الانقلاب، الذين لم يقبلوا بالإساءات لرموز البلد، والذين هم من تجمعوا واحتشدوا بـ«حضارية مطلقة” لم تشبها شائبة إساءة أو تسقيط أو تخريب أو تحريض، هؤلاء من حقهم اليوم أن يعرفوا مصيرهم، هل مازالوا في نظركم “المخلصين” الذين وقفوا مع البلد ومع نظامها، أم تحولوا اليوم بسبب محاولات التودد للآخرين إلى عناصر “تأزيم” وعقبة أمام الحلول المبنية على التنازلات؟! من خرج ليتحدث ويدافع عن البلد مضحياً بسلامته قائلاً كلمة الحق، هل هو اليوم عنصر من عناصر التأزيم؟! إن كانت هذه نظرتكم، أو نظرة من يخطط لبدء حوار على حساب المكونات المخلصة، فعليكم أن تعلنوها صريحة، بالتالي إنكم لا تريدون في المستقبل من يخرج ليدافع ويخاطر بنفسه لأجل وطنه. طالما هناك غفلة عن المخلصين، أو هكذا نفهم. من تطوعوا في المدارس، وعملوا على سد النقص في وقت كانت فيه المساعي لشل البلد، هل هؤلاء اليوم ضحايا إخلاصهم ووطنيتهم، بأن يعاملوا كعناصر “زائدة” في أماكن العمل؟! هل مقبول أن يكتب عليهم التفرج على من ضرب وطنه بخنجر مسموم وهو يعود لموقعه السابق ويتم تقديمه عليه وكأننا نقول “يا دار ما دخلك شر” و«عفا الله عما سلف”؟! من دافعوا عن الوطن من شرطة وعناصر في الجيش، ومن قاموا بالعمل في لجان التحقيق بمؤسسات الدولة، وهم قاموا بذلك بناء على توجيهات من صناع القرار لإحقاق الحق وعدم ظلم أي إنسان، وضمان أن يكون أي إجراء يتخذ قائماً على العدالة. هل هؤلاء كلهم اليوم عناصر تأزيم، ويجب محاسبتهم إرضاء للأطراف التي تساوم على أمن واستقرار البلد من خلال ورقة الإرهاب؟! ما حصل في البحرين محاولة انقلاب صريحة وواضحة، لا تعريف آخر لما حصل. ولأنها محاولة لاختطاف البلد ومسخ هويته العربية وتحويله لولاية إيرانية باعتبار أن الأدوات يحركها ممثل “الولي الفقيه” فإن المجتمع انقسم بالضرورة بحسب الانتماء والولاء، هناك المخلصون الذين رفضوا تسليم البلد ودافعوا عنكم يا من تديرون الدولة ولم يقبلوا بنظام غيركم، وهناك من أسقط قناعه سريعاً كاشفاً عن مكنوناته الداخلية التي كبتها لسنوات طوال وأخذ يهتف بإسقاطكم ويدعو لرحيلكم. المعادلة تقول إنه في مثل هذه الحالات، ونعني بها الانقلابات، مسك العصا من المنتصف جنون بحد ذاته، مساواة المخلصين بمن باعوا وطنهم، مقامرة لا تنتهي أبداً على خير. وأكبر الأخطار هنا، أنك حين تغفل عن ثقل المخلصين على حساب إرضاء أو تهدئة المناهضين ، فإنك في النهاية لن تطول بلح الشام ولا عنب اليمن. فقط عرفوا شعبكم المخلص بموقعهم من الإعراب، هل تقدرون لهم وقفتهم دفاعاً عن الوطن وثوابته.