^ تناقلت وسائل الإعلام المنتوج الجديد الذي كشفت عنه شركة “فيرتشوال بيغي” الأمريكية مؤخراً، وهو عبارة عن “حصالة نقود افتراضية تسمح للأهل بإعطاء أولادهم مصروف الجيب لشراء منتجات رقمية أو مكملات لأجهزتهم الإلكترونية”. وأوضحت المدير العامة للشركة جو ويبر في مؤتمر لمطوري الألعاب اختتم أعماله مؤخراً في سان فرانسيسكو أن “هذا الجيل من الأطفال يريد تصفح الإنترنت واللعب مع أصدقائه وشراء المنتجات، وحيث لا يستطيع الأهل إعطاءهم المال نقداً من أجل مشترياتهم على الإنترنت ولذلك يعطونهم بطاقة ائتمانية فتقع الكارثة، أو يقولون لهم إنهم لا يستطيعون الحصول على كل ما يتمنونه، مضيفة أن هذه الحصالة توفر حلاً لهذه المشكلة لأنه نظام الدفع الأول الذي يسمح للأطفال الذين يبلغون من العمر 13 سنة وما دون بإجراء مبادلات إلكترونية شرعية وتسمح للأهل بوضع حدود لهذه المبادلات، ويسمح النظام للأهل بإعطاء أولادهم مصروفهم الشهري، الذي يحصل الأولاد عليه من خلال كلمة سر”. بالطبع هذه الحصالة الافتراضية تختلف وظيفتها عما كان يعرف باسم “الحصالة الذكية”، والتي كانت عبارة عن صندوق في وسع الطفل فتحه باستخدام بطاقة إلكترونية مصحوبة بالضغط على أربعة أعداد محددة سلفاً وتعمل بالبطارية، وتثير لدى الطفل شعوراً من الثقة، ونوعاً من الاستقلالية ناهيك عن تنمية خصلة التوفير في سلوكه. يثير الحديث عن الحصالة الافتراضية في حماية الأطفال قضية في غاية الأهمية وهي الخسائر التي تتكبدها اقتصادات الدول وكذا الأفراد، جراء جرائم الاحتيال على الإنترنت، والتي باتت جرائم منظمة تتجاوز في أشكالها ونوعياتها تلك الجرائم الاعتيادية. فوفقاً لاعترافات رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون “تكلف جرائم الإنترنت بلاده 27 مليار جنيه إسترليني سنوياً، وتلحق خسائر تصل إلى تريليون دولار على الصعيد العالمي”، مضيفاً في كلمة أمام “مؤتمر الفضاء الإلكتروني” عقد في العاصمة البريطانية لندن نهاية العام 2011، أن “تهديد الإنترنت لا يقتصر على العصابات الإجرامية، وهناك محاولات على نطاق صناعي كل يوم لسرقة معلومات قيمة من الأفراد والشركات، وستقوم بريطانيا قريباً بتبني نهج جديد لحماية أمن الإنترنت بصورة أفضل وتوعية الجمهور ومنع الجريمة”. وكان تقرير سابق بثته هيئة الإذاعة البريطانية (بي بي سي) قدّر أن “جرائم الإنترنت تكلّف الحكومة البريطانية 21 مليار جنيه إسترليني في العام، والشركات بحوالي 2.2 مليار جنيه إسترليني، والأفراد 3.1 مليار جنيه إسترليني ليصل مجموع الخسائر إلى 27.3 مليار جنيه إسترليني”. وتتكبد ألمانيا خسائر مالية سنوياً تقدر بحوالي 1.4 مليار يورو. هذا ما أورده “تقرير جرائم الإنترنت لعام 2011”، الذي يشير إلى أنه إذا ما احتسبت “التكاليف التي يتكبدها الضحايا خلال الفترة الزمنية المستهلكة في الكشف عن تلك الجرائم أو إصلاح الإتلافات الناجمة عنها، فإن حجم الخسائر يرتفع خلال عام واحد إلى 24.3 مليار يورو”. وهذا ما دعا الحكومة الألمانية، كما تفيد مجلة “دير شبيغل” الألمانية، ونقلته وسائل الإعلام العربية، “في إطار تكثيف الجهود والإعداد لمواجهة مثل هذه (الهجمات الإلكترونية) إلى تشكيل كتيبة عسكرية متخصصة في مكافحة (الإرهاب الإلكتروني) تتألف من 76 جندياً، أطلق عليها اسم (قسم العمليات المعلوماتية والشبكات الإلكترونية)”. وعلى المستوى العربي، كانت المملكة السعودية من بين أكثر الدول العربية عرضة لهذه الجرائم. هذا ما كشفه عضو مجلس الشورى السعودي نائب رئيس لجنة النقل والاتصالات وتقنية المعلومات جبريل العريشي في حديث خص به صحيفة “عكاظ” السعودية، قائلاً “إن خسائر البنوك السعودية جراء الجرائم الإلكترونية بلغت أكثر من مليار دولار في غضون عامين فقط، مؤكداً أن سنة 2012 ستكون عام الجرائم المعلوماتية”. وعلى المستوى العالمي جاء في تقرير صادر عن شركة سيمانتك الأمريكية لحماية الشبكة الإلكترونية، في العام 2011، ونقلته وكالة “يو بي آي” أن “كلفة الجرائم الإلكترونية حول العالم حوالي 114 مليار دولار”، لكنه يضيف موضحاً “إن كلفة الجرائم الإلكترونية العام الماضي بلغت 388 مليار دولار وهي قيمة الخسائر المالية وخسارة الوقت”. محذراً من كونها قد “تجاوزت قيمة السوق السوداء للماريغوانا والكوكايين والهيروين والتي تبلغ 288 مليار دولار”. هذا يعني، كما ورد في التقرير أن “المعدل الزمني لوقوع جرائم المعلومات حول العالم هو 50 ألف جريمة واعتداء في الساعة، تأثر بها 589 مليون شخص، وهو رقم أكبر من عدد سكان الولايات المتحدة وكندا وغرب أوروبا مجتمعين، ويعادل 9% من إجمالي سكان العالم”. مثل هذه الخسائر الباهظة التي باتت جرائم التزوير الإلكتروني عبر شبكة الإنترنت هي التي دفعت 30 دولة للتوقيع على “الاتفاقية الدولية الأولى لمكافحة الإجرام عبر الإنترنت” في العاصمة المجرية بودابست. وتغطي هذه المعاهدة “جوانب عديدة من جرائم الإنترنت، بينها الإرهاب وعمليات تزوير بطاقات الائتمان ودعارة الأطفال”. ما يثير مخاوف المواطن العربي الذي يمارس التحويلات الإلكترونية أن حجم المبالغ المرصودة “للإنفاق على تأمين المعلومات في البلاد العربية 5% فقط من المبالغ المرصودة لمشروعات تكنولوجيا المعلومات العربية، بينما نجد هذه النسبة تصل إلى 35% في معظم الدول الأوروبية”. إن كان غرض الحصالة الافتراضية حماية الأطفال ومصروفاتهم، فهناك حاجة إلى حصالة أكثر تعقيداً منها لحماية الدول، ومعها سكانها الراشدين، من جرائم في غاية التعقيد، وتكلف الدول ومواطنيها خسائر فادحة ذات أرقام فلكية.